من الواضح بأن الهجمات البربرية التي تقودها الجماعات الإسلامية التكفيرية الإرهابية منذ العام الماضي في بعض مدن غرب كوردستان أو ما يسمی سهواً بـكوردستان سوريا ضد المدنية والمجتمع الكوردستاني والتي اشتدت في الأيام الأخيرة لتتحول الی مجازر دموية رهيبة بحق مدنيين عزل من أطفال ونساء وهدم منازل و بيوت لأناس مسالمين بعد سلب و نهب أموالهم وممتلكاتهم ماهي إلا إرهاب أعمی بإسم الدين و عنف فاحش ذو طابع عدمي يدّمر كل ما يدعو اليه و يريد بعمله هذا ترك الأثر الأقوی والأبلغ في‌ نفوس المواطنین.
هٶلاء هم اعداء الحرية والديمقراطية اعداء الحضارة والانسانية یمارسون دیکتاتوریة الحقیقة و یشتغلون بوصم الآخر من خلال تُهم الکفر والارتداد أو التحریف والرجعیة والعمالة أو الخیانة یریدون إدخال الناس في السجن العقائدي والایدیولوجي المستهلك لإنضمامهم الی القطیع البشري حیث کل واحد هو نسخة عن سواه لتنفیذ ما یملي علیهم من الفتاوی والاحکام و المناهج الشوفینیة بصورة آلیة لتدمیر الحیاة والعمران.
الشعب الكوردستاني عاش بسبب شمولية الحكم في سوريا واستبدادية النظام طوال عقود من الزمن مسلوب ومنتهك الحقوق والحرية. اليوم نراه يتوحد في سبيل حقه في حياة حرة كريمة ويتمرد في وجه الظلم والقسوة ويناضل من أجل التخلص من كل أشكال العبودية التي مورست في السابق وتمارس اليوم ضده ويسعی من أجل الحرية حريته و حرية الآخرين علی دروب التكاتف الإنساني.
الكوردستانيون هم مسئولون عن مستقبلهم و مصيرهم وعليهم ان يقرروا ويختاروها بأنفسهم وهذه هي الحرية المسئولة. أما من الناحية الإنسانية فنراه من حق إقليم كوردستان / العراق كعمق استراتيجي وحيد أن يدعم الكوردستانيين والتشكيلات الكوردستانية في سوريا التي تقوم بإدارة المناطق المحررة والمدن الواقعة تحت تصرفها لتسيير حياة الناس وحماية أرواحهم وممتلكاتهم لوجستياً و عملياتیاً لأن الكورد اليوم يواجهون أبشع أنواع حملات الإبادة المنظمة من قبل تلك الجماعات الإرهابية الجهادية.
الجماعات الاسلامية تعيش منذ فترة غير قصيرة أزمة الهوية والمعنی المصابة في قيمها و ثوابتها ومألوفاتها وفتاواها لاتمتلك صيغة للعيش المشترك و حياة بعيدة عن العنف و الإرهاب. تريد بشعاراتها الأحادية و ثوابتها الأبدية و عقل مغلق أن تأخذ زمام تسيير أمور البشر بيدها و تملأ علیهم نوع العيش و لون الحياة. فهي تتغذی من عقدة المماهاة مع الذات و جرثومة التضاد مع الغير.
وهذا الخرق من جانب الجماعات الاسلامية الإرهابیة التي تعمل بمنطق متحجر وتصدر الفتوی والتکفیر ضد کل منطق یملك قدرة النقد والتنویر وهذا البروز بالشكل الحالي علی الساحة السورية هو ثمرة من ثمار الصراعات السیاسیة العقیمة بین القوی والأطراف الأنانیة التي تعتبر نفسها معارضة للنظام السوري والتي ترید أخذ زمام الحکم بالقوة ولاتتکاتف مع نظائرها من أجل البناء والتطور.
نحن نری بأن المشروع الإسلامي فقد مصداقيته علی أرض الواقع فعلی القوی الوطنية الكوردستانية في كافة أجزائها أن تتوحد أكثر من ذي قبل و تقف صفاً واحداً و تعترف بأن مصائرنا و مصالحنا مشترکة ومسؤولیتنا باتت متبادلة و جسیمة في مواجهة سفاکي الدماء وبیت الداء. الديمقراطية و الفدرالية هي الحل في سوريا و نشر ثقافة الاحترام والتعايش المدني المشترك وفق مباديء الاعتراف والقبول بالآخر وتشجیع الطاقة الشبابیة الكوردستانية علی المشارکة في الخدمات الانسانیة والأنشطة البنائیة هو الطريق العصري للوصول الی الحلم الكوردستاني لأن المحك هو تدبیر أمر العیش سویاً وخلق لغة مشرکة ووسط للمداولة وساحة للمبادلة في مجالات مختلفة ولیس ممارسة الرعب والنرجسیة والتأله بشن هجمات أرهابیة جهنمية و حملات بقصد الابادة الجماعية. ولكي ندفع مركب الحكم الذاتي في غرب كوردستان الی بّر الأمان علینا بفتح نوافذ المشاركة السياسية او التعبير السلمي فالكيان الكوردستاني القائم في المنطقة سيكون كياناً فاعلاً و مفيداً لأنه یريد البناء في حين الآخرون يصرون علی الهدم.
وختاماً: إن تحويل الدين الذي يسميه البعض بـفيتامين الضعفاء من صيغته المركبة والمزدوجة التي كانت تٶمّن نوعاً من التوازن بين التقی والإنتهاك و الوازع الخلقي والسلوك الهمجي وبين الرحمن الرحيم والجبار المنتقم الی مٶسسة لإطلاق الوعيد والتهديد أو الی إستراتيجية قاتلة تنتهك كل قيم التواصل والتعارف و التراحم والتكافل وتقتل الديمقراطية و تحجب العقلانية أثبتت اليوم في سوريا وفي غير مكان بأنها لا تساعد علی خلق مساحات و لغات و آليات للتعايش والتبادل علی نحو إيجابي و بناء.