مدينة سري كانيه “قِبلّه نامة” كوردية، معادلة جديدة في كيمياء الثورة، جغرافية جديدة لأشكال النضال، ملحمة ملاحم الكورد حيث نقلوا الجبل الى المدينة و ليس العكس كبقية الثورات والمقاومات. “سري كانيه” ستالينغراد كوردستان، كومونة الشجعان، فيها كُسر الحصار وسيقطع سلسلة التجزئة ارض وهوية .

بعد الطواف حول قنديل واحجاره المعمدة بالدم تنتقل شعائر الثورة الى ثاني الحرمين في “سري كانيه”. ماذا يجري في “سري كانيه” وكيف انتصرت الشابات وانتصر الشباب على لحى القاعدة والاخوان وكتاب الجيش الحر في معركة ستحسم الكثير من الامور، لا على الصعيد السوري بل وجواره الاقليمي؟.

*****       *****       ******

 حثالات “القاعدة” من اعراب “تورا بورا”، و”جيش” حريته محددة ببوصلة تركية، تؤشر دوما باتجاه جسد “الكوردي” ومدنهم المحررة. البوصلة التركية حددت “سري كانيه” المدينة، والنبع، والبطولات.

هدف غزوة القاعدة ” جبهة النصرة” ومعهم كتائب ما يسمى بالجيش السوري الحر وحديث عن وجود قوات تركية مع القوات المهاجمة لاحتلال مدينة “سري كانيه” المحررة من قوات الدكتاتور بشار الاسد من قبل مواطنيها وقوات الحماية الشعبية ” ي ب ك” هو القضاء على طليعة الحركة الكوردية المتمثلة بحزب الاتحاد الديمقراطي ” ب ي د” بغرض تحويل الكورد الى قطيع غنم يدخلوهم في حضيرة سلطة اخوان سوريا وسلفييها .

مقابل الهجمة المتعددة القوات والاجندات، فان اميرات وامراء المدينة وما جاورها من المدن اقتبسوا حديث اجدادهم و قالوا لمن اراد اقتحامها عنوة حينها، ويريدون اغتصابها الان: ايها الاوباش نحن ” لسنا كمن لقيتم”، او نسيتم ما كُتب لعياض بن غنم “كتب إلى عياض يأمره أن يوجه عمير بن سعد إلى عين الوردة( سري كانيه)، فوجه إليها. فقدم الطلائع أمامه فأصابوا قوماً من الفلاحين، وغنموا مواشي من مواشي العدو. ثم إن أهل المدينة غلقوا أبوابها ونصبوا العرادات عليها فقتل من المسلمين بالحجارة والسهام بشر، وأطلع عليهم بطريق من بطارقتها فشتمهم وقال: لسنا كمن لقيتم” ( فتوح البلدان- البلاذري ص 71).

غزوة “سري كانيه” اجترار لتاريخ عمليات النهب والسبي باسم الاسلام ومحاولة لأنفله الكورد وبقية مكوناتها في غربي كوردستان.

*****       *****       ******

غزوة القاعدة في “سري كانيه” التي جوبهت بالملحمة الكوردية، اكدت حقيقة تاريخية تتكرر بتكرار بطولات شجعان الكورد في غربي كوردستان، حقيقة عدم قدرة اعداء المدن والبشر باحتلالها واغتصابها حينما يتوحد الكورد.

 الكورد في غربي كوردستان توحدوا، احزابا وتنسيقيات، وحدة لم نراها حتى في توحد مؤتمراتهم ومراسيم العناق والتوقيع.

تحية للشابات والشباب، للتنسيقيات والاحزاب التي شاركت قوات YPG في الدفاع عن المدينة التي اعلنت انها ستالينغراد كوردستان ونقطة تحول في تاريخ امة  تجسدت في مدينة ستغير البوصلة التركية ولحى السلفيين المختفين بعباءة النساء نحو مناطق اخرى.

 ” فرجع إليهم “عياض بن غنم” فحاصرهم حتى فتحها، ثم أتى قريات على الفرات، وهي جسر منبج وما يليها، ففتحها وسار إلى رأس عين، وهي عين الوردة، فامتنعت عليه وتركها وسار إلى تل موزن. “كامل في التاريخ ابن الأثير المؤرخ ص440”

*****       *****       ******

“ليس للكوردي غير الكوردي” هذا ما قاله “ابن الاثير” ضمنا في كامل تاريخه.

” قال زفر: فبادروهم إلى عين الوردة وهي رأس عين فاجعلوا المدينة في ظهوركم ويكون الرستاق والماء والمادة في أيديكم وما بيننا وبينكم فأنتم آمنون منه، …. وإن قاتلتموهم فلا تقاتلوهم في فضاء ترامونهم وتطاعنونهم فإنهم أكثر منكم، ولا آمن أن يحيطوا بكم، فلا تقفوا لهم فيصرعوكم، ولا تصفوا لهم، فإني لا أرى معكم رجالة ومعهم الرجالة والفرسان بعضهم يحمي بعضاً” (الكامل في التاريخ- ابن الأثير ص713).

ان ملحمة ” سري كانيه” التي اعادت صياغة الهوية الكوردية بإرادتها الثورية والديمقراطية ستبقى عالقة في ذاكرة الاجيال، بآصرة الوصل لأنبياء الثورة من الشهداء وهم ( “لوند قامشلو”، و”لزكين علي” و”محمد علاوي” و”عبد الرحمن سليمان” و”علي شيخ داود” و “سرحد قامشلو”). ان هوية الثوار والشهداء الواضحة كوجه النصر في مقدمات الملحمة الكوردية  في “سري كانيه” ستكشف عن وجوه الجحوش الكوردية، وهم اقبح الجحوش عبر التاريخ.  ان ما قاله القيادي “آلدار خليل” اثناء تأبينه لشهدائنا هو حديث الشهداء وصرختهم بوجه من شارك القتلة، او ساكت عن الجرائم التي ترتكب في “سري كانيه”، فالساكت عن الجريمة في زمن الثورة ابن زانية يبحث عن “ابيه” في انقرة.

*****       *****       ******

“اورهان” شاب انيق من مواطني “سري كانيه”، له من الاخوة شهيدين، قتله اوباش فاشية الاسلام السياسي . كان “اورهان” يعاني من اختلال عقلي، الانباء من “ستالينغراد كوردستان” التي ستهزم فاشية الاسلام السياسي تؤكد بان الاهالي بمختلف قومياتهم ودياناتهم يفتقدونه، بعد رحيله ماتت الضحكة في “ستالينغراد كوردستان” او ليس مَنْ هم بمنزلة “اورهان” في مدن العالم  ملح الخبز لابتسامة الفقراء.