قد لا تكفي صفحات التاريخ للحديث عن مناقب أمير المؤمنين علي “عليه وأله أفضل الصلوات” لأنه أكبر من التاريخ بنفسه.. فهو أول القوم إسلاما وأقدمهم إيمانا، وهو الضارب بسيفين والطاعن برمحين، وقالع باب خيبر وفارس معركة الخندق.. وهو إبن عم الرسول وزوج الطاهرة البتول، وستبقى نعدد في مناقب علي حتى يجف الحبر وتعجز الأقلام عن التعبير.
المحطة الإجتماعية الأبرز التي مارسها الإمام علي إضافة إلى المحطات الأخرى، بعيدا عن شجاعته وقوته وفروسيته، هي الرحمة والإنسانية للناس، وتكفله برعاية أيتام الأمة الإسلامية وعطفه الأبوي عليهم، حتى كان يتفقد أحوالهم في جوف الليل، حاملا لهم الطعام ويطبخ للجائعين منهم، ولما سمع الأيتام بجرح الإمام علي ووصية الطبيب له بان يتناول اللبن، إصطفوا على باب داره جالبين ما تيسر لهم منه.
على نهج الإمام سارت مرجعية السيد السيستاني “دام ظله” ذات الطريق في رعاية الأيتام وتوفير الظروف المناسبة لمعيشتهم، وحرصت كل الحرص على أن يتمتعوا بكافة وسائل العيش الكريمة، التي تجعل منهم أفرادا مؤثرين في المجتمع، فلا يشعر أحدهم بغياب أحد والديه أو كلاهما، ولم يقتصر الأمر على توفير وسائل المعيشة أو الملابس فقط، بل سعت لإيجاد مؤسسات تعنى بتربية اليتيم وتعليمه، ومتابعته في كافة المراحل الدراسية وتوفير فرص العمل لبناء جيل متكامل، قادر على النهوض بأعباء الحياة.
أولى الخطوات بدأت عام 2006 بإنشاء مؤسسة العين للرعاية الاجتماعية، تحت رعاية سماحة المرجع الأعلى، حيث أنفقت هذه المؤسسة ما يزيد على 500 مليار دينار لرعاية الأف اليتامى، فتكفلت بتوفير رواتب شهرية لهم، إضافة إلى بناء المنازل وتكفلها بعلاج المرضى في داخل العراق وخارجه، وبنائها المدارس المخصصة للأيتام، إضافة إلى برامجها الثابتة في توزيع الملابس في كل عيد على اليتامى المسجلين لديها، حتى تجاوزت المبالغ المصروفة خلال شهر أيار 11 مليار دينار، قدمت لأكثر من 96 ألفا تحتضنهم هذه المؤسسة.
طوال 17 عاما حظيت مؤسسة العين للرعاية الاجتماعية، بدعم المرجعية الدنية العليا في رعاية الأيتام وكفالتهم، وتمثل ذلك بالمأذونية الخطية من لدن السيد السيستاني لعملها، حيث جددت هذه المأذونية لأكثر من ست مرات، مما جعل هذه المؤسسة محل ثقة شعبية كبرى ووفر لها مبالغ مالية كبرى سخرت في رعاية الأيتام وخدمتهم، فإنعكس هذه الدعم على مستوى الخدمات المقدمة والتي أصبحت من الدرجة الأولى وربما لا تستطيع دول متطورة توفيرها لهذه الشريحة، وصلت إلى توفير القروض الميسرة التي تمكن الأيتام من إنشاء مشاريع إقتصادية وتجارية خاصة بهم.
لقد جعلت مرجعية السيد السيستاني, من نفسها وصية على يتامى العراقيين، وسعت بكل جهدها لتوفير الحياة الكريمة لهم، وأستنفرت جهود الخيريين من شرائح المجتمع كافة في خدمة الأيتام في العراق وأعدادهم الكبيرة بسبب الحروب التي مرت به، حتى أصبح اليتيم يردد: لا أخاف اليتم ووالدي السيد علي السيستاني موجود، فكما كان علي عليه السلام كافل اليتامى، أصبح علي دام ظله كفيلا لليتامى أيضا.