مفهوم السعادة من المواضيع المهمة التي يسعى الجميع إلى فهمها وتحقيقها بكل شوق وجدية، وبالتأكيد فإن للسعادة قواعد وفنونا سأبين بعضا منها وأكتب ما يؤدي إلى تحقيقها كرغبة إنسانية ملحة.
من أسرار السعادة الابتعاد عن كره الآخرين حتى في حال خطأهم ومهما كان مقدار الخطأ، فقبول الطرف الآخر وحبه والإحسان إليه والتعامل معه بنيةٍ صادقة صالحة وحمل المشاعر الكريمة نحوه، والتزين بالأعمال الفاضلة في التعامل معه، سبب وجيه لشعور الإنسان بالسعادة.
لكن ينبغي في الوقت ذاته عدم تجاوز الحدود في علاقاتنا الإنسانية كي لا نقع في مشكلة أخرى، علينا ضبط العواطف وعدم الانجراف وراءها والتطرف بها، ففي حالة الحب والكره ينبغي عدم الاستسلام للمشاعر وسيطرة القلب الذي لا يرى عيوب الحبيب ولا يقبل سماعها من أحد، كما لا يرى أي ميزة أو حسنة في عدوه، حتى لو كان أقرب الناس له.
ومما ينفع في تحقيق السعادة عند الفرد الابتعاد عن القلق، تلك الحالة النفسية والفسيولوجية التي تتركب من تتضافر عناصر إدراكية، وجسدية، وسلوكية لخلق شعور غير سار يرتبط عادة بعدم الارتياح، والخوف، أو التردد.
فشعور الإنسان بالقلق أمر طبيعي، والإنسان ينتابه مثل هذا الشعور بين الحين والآخر، لكنّ المرجو حال مرور الفرد بهذه الحالة النفسية توظيفها لتكون مفيدة، كون القلق قد يساعد المرء على رد الفعل والتصرف بصورة صحيحة عند التعرض إلى خطر حقيقي، كما يمكن أن يحفز الإنسان على التفوق في حياته.
أما إذا كان الإنسان يشعر بالقلق الدائم ففي هذه الحالة لابد من الرجوع إلى بعض الوسائل التي تساعد في العلاج، كالعلاج الدوائي والنفسي كذلك اكتساب مهارات مختلفة لتخفيف أعراض القلق منها:
عيش الحاضر من خلال الابتعاد عن الندم على الماضي أو الخوف من المستقبل والاستفادة من تجارب الماضي وتوقعات المستقبل.
وترسيخ قيم الشجاعة في مواجهة المصاعب وتقبل الواقع والانشغال بالمفيد وصنع الابتسامة والتدرب على الاسترخاء وتأصيل معاني الحب وتذكير النفس بالإيجابيات التي تملكها وبث روح التفاؤل والإيجاب في النفس، فالتفاؤل والحماسة والتحدث عن النجاح وإيجاد البيئة الايجابية والإبداع فيها ومشاركة الناس ووضع خطط للنجاح وعدم الاستجابة للمغالطات والاهتمام بالنفس والصدق معها والابتداء بالذكر والإكثار من الدعاء والالتزام بالصلاة والصبر عليها وتعلم الخشوع والتوكل وحسن الظن وعدم التذمر واليأس كل هذا من شأنه المساهمة في علاج القلق والابتعاد عنه.
من أسرار السعادة عند الإنسان البساطة تلك الحالة الوسطى بين التكلُّف واللامبالاة، الحالة التي تعني الوضوح والسُّهولة والواقعية، وليس المبالغة والتواضُع الكاذب والزُّهد المزيف، فمن فنون الحياة السعيدة التي يمكن تعلمها من عظماء التأريخ وأفضلهم نبي الإسلام والإنسانية محمد، تعلم قواعِد البساطة المنافية للتكلُّف، والبعيدة عن اللاَّمبالاة، البساطة التي تعني الواقعية والحقيقة، كرمُ الأخلاق، وصدق المشاعر.
كما أن توقع الخير مهما كثر البلاء وتنوعت الصعوبات، وحسن الظن بالله تعالى، والتعود على الابتسامة في مختلف الظروف، والدعاء للأخ في الدين والإنسانية بالخير من غير علمه والدوام على ذلك، من شأنه رسم السعادة الحقيقية في قلوبنا.
والخلاصة أن كل شيء في هذه الحياة يمكننا جعله مصدرا للسعادة، إذا اعتبرناه كذلك ونظرنا إليه بإيجابية، وجعلنا السعادة عنوان الحياة، بالنتيجة سنشعر بالبهجة والاستمتاع معا.