من المُرجح أن جهة جديدة ستضمها دولتنا إلى قائمة أعدائها المتزايدين في الداخل وفي الخارج، والسبب انها (الجهة) قدّمت من جديد دليلاً على أن دولتنا فاشلة بالثلاثة برغم كل ما يتبجح به مسؤولوها في الحكومة والبرلمان والسلطة القضائية.
هذه الجهة هي معهد “ليغاتوم” ( Legatum Institute) البريطاني المستقل، المتخصص في بحوث الثروة العالمية والحرية الإنسانية، والذي يتخذ من دبي مقرا له، ويصدر سنوياً مؤشراً للرخاء العالمي (The Prosperity Index) يُعتبر مقياساً للنجاح الوطني.
السبب المحتمل لإدراج هذا المعهد في قائمة أعداء دولتنا انه لم يحابِ مسؤولي دولتنا ويتملقهم كما يرغبون ويشتهون، فقد وضعنا من جديد في ذيل مؤشره للعام الحالي. وبين 142 دولة شملها المؤشر جاء ترتيبنا في الدرجة الـ(130).
ولم يتخلف عنا في هذا المؤشر أي بلد نفطي على الاطلاق، بل ان دولاً غير نفطية كثيرة تقدمت علينا، بعضها يُصنّف بين البلدان الفقيرة كالسودان وموريتانيا، وبعضها الآخر يشهد أحداث عنف أكثر منا، سوريا تحديداً، فلا حاجة للتحجج بأعمال الإرهاب والأوضاع الأمنية المضطربة للعام الحادي عشر على التوالي. اما الذين تخلفوا عنا (مثل توغو وافغانستان وتشاد)، فمن المفترض الا نقارن انفسنا بهم بوصفنا دولة نفطية ويجري فيها نهران عظيمان.
ولمن يهمه الأمر فأن الدول التي تصدّرت مؤشر الرخاء هذا العام هي النرويج في المركز الأول (للسنة الخامسة على التوالي)، وتلتها سويسرا في المركز الثاني، ثم كندا في المركز الثالث، وبعدها جاء كل من السويد، نيوزيلندا، الدانمارك، أستراليا، فنلندا، هولندا، ولوكسمبورج في المراكز من الرابع الى العاشر.
ويعتمد المؤشر في تقديراته بالنسبة للرخاء على ثماني ركائز أساسية: الاقتصاد، وريادة الأعمال والفرص، والحوكمة، والتعليم، والصحة، والأمن، والحرية الشخصية، ورأس المال الاجتماعي.
نحن بين أكثر الدول فساداً، ومدننا بين اكثر المدن وساخة، ونحن بين اكثر الشعوب شعوراً بالتعاسة، وبين أكثرها فقراً وبطالة وأمية وتخلفاً في التكنولوجيا، بحسب ما تُظهره تقارير لمنظمات ومؤسسات دولية معتبرة. ومؤشر معهد “ليغاتوم” يؤكد من جديد المؤكد.
بماذا يُفاخر ويتفاخر حكامنا الذين سلمناهم رقابنا؟ وبماذا يباهون ويتباهون وقد أمهلناهم عشر سنوات أو في الأقل نحو ثماني سنوات منذ إقرار الدستور الدائم وتنظيم أول انتخابات على وفقه؟
بعد خمسة أشهر وعشرين يوماً من اليوم، وهو موعد إجراء انتخابات مجلس النواب، هل يستحق أي من هؤلاء الذين أمسكوا بزمام السلطة وبرقابنا أيضاً أن يُنتخب من جديد؟.