تثير الضربة العسكرية الأمريكية المرتقبة للنظام السوري الكثير من التساؤلات لدى المتابعين للشأن السوري سواء في مسألة توقيتها المتوقع أو المواقع المستهدفة والأهداف أو النتائج أو حتى فيما يتعلق بحقيقة وقوع هذه الضربة من عدمه !!
الأرض السورية أصبحت اليوم مرتعاً لحرب طاحنة تدور رحاها بين النظام السوري وحلفائه من جهة والمعارضة السورية وحلفائها من جهة أخرى ، والمثير والمستغرب حقاً أن كافة هذه القوى هي مما يمكن تصنيفه من أنها معادية للولايات المتحدة الأمريكية وأسرائيل ( أو أن هذا هو المعلن على الأقل لتلك القوى والفصائل العسكرية ) سواء حزب الله اللبناني ولواء أبي الفضل العباس وما قيل عن اشتراك فيلق القدس الإيراني من جهة ، أو تنظيم القاعدة وجبهة النصرة والأخوان المسلمون وما راج من أخبار حول إقامة طالبان باكستان لمخيمات خاصة بمقاتليها على الأرض السورية من جهة أخرى .
هذا الإقتتال الدائر بين هذه القوى ، وهذا الدم المسفوك على الأرض السورية لا يمكن تصنيفه في الحقيقة إلّا بأنه الهدية المثلى التي قدمتها هذه القوى على طبقٍ من ذهب للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة ، و الهبة السماوية التي جاءت لإسرائيل من حيث تعلم أو لا تعلم ( وربما بتخطيط مسبق ) .
وبذلك وإستناداً لكل ما سبق قد نستطيع تفهم أو إيجاد المبررات لما تم تفسيره بأنه ( تردد ) الإدارة الأمريكية من التدخل لحسم الصراع الدائر في سوريا ، وإستناداً الى ما سبق أيضاً نستطيع القول أن الضربة العسكرية الأمريكية المتوقعة ( إن حدثت ) فلن تستهدف إسقاط النظام السوري بل ستهدف إلى ضمان استمرار هذا النزاع عبر محاولة التحكم بميزان القوى و ضمان عدم تفوق جانب معيّن على الجانب الآخر بما يؤدي إلى الحسم لهذا الطرف أو ذاك ، إلى أن تقرر الإدارة الأمريكية نفسها ساعة الحسم الحقيقية ( وبالكيفية التي تراها مناسبة ) والتي تخدم مصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة .
وقد يكون من المفيد هنا أن نستذكر موقف الإدارة السياسية الأمريكية في عام 1991 عندما رفع شوارسكوف القائد العسكري الأمريكي حينذاك تقريره الى الرئيس الامريكي جورج بوش الأب بإمكانية وجهوزية قواته لدخول بغداد وإسقاط نظام صدام حسين ، ورفض بوش الأب لهذه الفكره بتاتاً ، هذا الرفض للرئيس الأمريكي والذي يعد من أبرز ما يسمى بجناح الصقور في الإدارة الأمريكية كان مستغرباً حينذاك خاصةً وإن إدارته استمرت في فرض الحصار الجائر على العراق حكومةً وشعباً وأن سياسته تلك هي ما أدت بالنهاية إلى إسقاط النظام العراقي ، ولكن هذا السقوط بالحقيقة جاء ضمن مشروع مدروس و متكامل لإسقاط الدولة العراقية ككل وليس النظام فقط ، سواء على المستوى العسكري والإقتصادي والمؤسساتي والإجتماعي والأخلاقي حتى ، بالإضافة الى ضمان تدمير كل البنى التحتية للدولة العراقية الحديثة ، بل ( وربما كان هذا هو الأهم ) إلى ضمان تأييد الشعب العراقي نفسه إلى حد المطالبة بالإحتلال الأمريكي للعراق .