كانت عملية توقيف حماية رافع العيساوي بمثابة الفرصة التي أتيحت لمجموعة من السياسيين ان يستغلوها بتبني مؤامرة على النظام الديمقراطي في العراق واعادة نظام صدام وقد جرت محاولة في مظاهرة حدثت في ساحة التحرير ببغداد سابقا اريد لها ان تكون بداية للتآمر وقد اطلقت عليها قناة الشرقية بثورة الربيع العربي الجديد في العراق ورفعت لها شعارات الثورة واللجان الشعبية وحددت اسماء للأيام التي تنطلق فيها الا ان وعي جماهير بغداد وادراكها مبكرا لأبعاد تلك المؤامرة وعدم انجرارها لرغبات من قادوا ذلك التآمر مما افشل خطتهم وقد عبرت النائبة (وحدة الجميلي) بعد تلك المظاهرة بقولها وهي يائسة (كيف تحدث ثورة ربيع عربي في العراق مع عدم استجابة جماهير بغداد للتظاهر) ولابد ان يدرك العراقيون ان المتآمرين في العراق اعتادوا لنفاذ مؤامراتهم فيما مضى ان يتبعوا مسائل محددة هي ان يكون انطلاقهم في بغداد وان يقوموا بانقلاباتهم العسكرية على اثر مظاهرات يثيرونها لهذا الغرض ومما يدلل على ان ما سمي بالعصيان المدني في الانبار هو على خلاف ما رفع به من شعارات رغم ان تلك الشعارات مخالفة لنص القانون كأطلاق السجناء والغاء المساءلة والعدالة في حين اولئك السجناء محكومين من قبل المحاكم واحكامهم مكتسبة الدرجة القطعية وغالبية تلك الاحكام تتعلق بإزهاق ارواح العراقيين ظلما وكانت بداية تلك الطلبات هي اطلاق سراح حماية العيساوي مع ان تلك الحماية اعترفت بقيامها بقتل العراقيين وان من يشرف على ذلك ويأمر به هو وزير المالية رافع العيساوي وهو ما حمل هذا الرجل بقيادة تلك المظاهرة متصورا بإمكان الحكومة القيام بذلك كما انه يعرف بان الشعارات والاعلام واللافتات التي رفعت بها تستهدف النظام الديمقراطي الذي هو وزير فيه ومن يريد ان يتأكد من قولنا هذا عليه ان يعود ويتابع قناتي الرافدين وبغداد رغم ان الاخيرة (تغمس) تحريضها بعبارات مثل وحدة الصف والحفاظ على الوطن الا ان ما يطرح في تلك القنوات يذكرنا بما بدأت به القاعدة وجبهة النصرة في سوريا فهذه المؤامرة تنهج نفس النهج الذي اتبع في القطر العربي السوري ومحاولة جر العراق الى ما يعيشه ذلك الشعب حاليا وقد تلقت مظاهرة الانبار تأييد من حكومة اوردكان حيث طلب من المتظاهرين عرض قضيتهم على الامم المتحدة وان من قادوا تلك المظاهرة استغلوا حالة التشنج بين حكومة الاقليم والحكومة الاتحادية وكان على مجلس النواب العراقي ان لا يؤجل اجتماعاته الى يوم 8/1/2012 رغم ما يحيط بالعراق من احداث حاليا باعتبار المجلس هي الجهة الاولى التي عليها ان تحافظ على امن البلد وللأسف الشديد ثبت بان المجلس بتأخيره بإصدار القوانين وما يثار بين اعضائه من امور اغلبها مفتعلة ولا اساس لها ويراد بها وضع العراقيل في مسيرة الدولة وقد دللت الاحداث على ان بعض النواب الذين صدرت بهم اوامر قبض ولم ترفع الحصانة عنهم ليحالوا للقضاء مما جعلهم يتمادون محاولين الوصول الى الغاية التي كانوا يبتغونها فالعبارات التي اطلقها النائب احمد العلواني لا يمكن ان ينطق بها اي انسان يتمتع ولو بشيء ضئيل من الحياء بشتمه للعراقيين واطلاقه مختلف العبارات بحقهم ومحرضا الجماهير بتبني مواقف طائفية ثم يعود ويعتذر ويكون اعتذاره اسوء من فعله حيث يقول ان الشيعة شركاؤنا في ثورة العشرين وهم شركاؤنا الان في ثورتنا الحالية على الظلم والدكتاتورية ولو كانت هناك دكتاتورية ولو بنسبة 1% على ما كان عليه نظام صدام لما بقى احمد العلواني على قيد الحياة الى الان وان حالة التحريض والشعارات والاساليب بقطع الطريق العام الدولي تعبر عن خطورة ذلك التآمر حيث قانون العقوبات يحدد عقوبة من يقوم بقطع الطريق العام ويتصدى للمارة والقوات المسلحة بالسلاح بالإعدام وبالتالي فان الوعي الذي فوت الفرصة لما سمي بالربيع العربي في ساحة التحرير يتوجب على جماهير الشعب العراقي ان تستنهض ذلك الوعي من جديد لتفوت الفرصة ايضا على من يخططون للعراق بإعادته الى الوراء ليكون في ظل انظمة دكتاتورية كنظام صدام من جديد ويعوا ما يدبر لهم فهذه المؤامرة مدعومة من جهات اقليمية كتركيا والسعودية وهي لا تنتهي بما يسمونه بالمطاليب الشعبية التي ذكروها وانما تستهدف ابعد من ذلك بكثير وهو النظام السياسي الديمقراطي مع ان تلك المطاليب يعرف من يقودون هذه المؤامرة ان الاستجابة لها لا يمكن ان تحصل من قبل اي حكومة تحترم نفسها كونها مخالفة للدستور والقوانين واستقلال السلطات عن بعضها البعض وعلى كيانات الائتلاف الوطني بما فيها حزب الاحرار ان تكون نظرتهم بعيدة وليست مرحلية فالمستهدف الان هو في حقيقة الامر العراق برمته وهذه المظاهرة بمثابة العدوى حيث يريد من قادوها نقل ما يحصل في سوريا الى العراق ومنذ فترة تناقلت الانباء بوجود اوكار للقاعدة على مقربة من قضاء الرطبة وكل ذلك طبعا هو نتيجة للأساليب التي اتبعت من بعض المتآمرين المتخفين بممارسة الارهاب في ظل السلطة ودعمه والتشجيع على الفساد والمطالبة بأمور في حقيقة الامر لا يراد بها سوى اعياء مؤسسات الدولة ولابد لي ان اذكر هنا ان ما يدور من احداث الان تشبه والى درجة كبيرة جدا بما احيط بالزعيم عبد الكريم قاسم لسبب بسيط هو كون نظامه كان نظاما ديمقراطيا حيث حرية الصحافة وترسيخ الحريات العامة واصدار القوانين ذات الطابع الاجتماعي وكونه شريفا ونبيلا ومحايدا ولا يميل الى اي طائفة او مجموعة او طبقة ويكفي ان شعاراته مثل (انني فوق الميول والاتجاهات) و (عفى الله عما سلف) وشعاره الاخير اعتق به رقاب من تصدوا له في شارع الرشيد وامطروه بالرصاص وبالتالي فعلوا ما يفعل اي عاق حيث تآمروا عليه وعلى نظامه كونه نظاما يمثل عموم الشعب العراقي وكان متوجها لوضع دستور دائم واجراء انتخابات عامة وكنا في حينه نسمع ايضا بأساليب النفاق السياسي باستمالة هذه الطائفة او تلك لتعبئة الناس ضد ذلك الرجل النبيل وعندما نستذكر تلك الاحداث يؤلمنا جدا ان نجد ما يجري الان يشبهها الى ابعد الحدود مع فارق ان الاحداث الحالية مؤيدة من قبل قوى اقليمية وبشكل مكشوف وبالتالي على الحكومة ان تستنفر همتها واجهزتها الامنية وان تكثف القوات لحفظ الحدود السورية والاردنية والسعودية مع العراق وان تحدد بعض الساسة الذين تصدوا علنا بإثارة البغضاء والتفرقة الطائفية بين ابناء هذا الشعب وهكذا يعيد من يقودون هذه التظاهرة نفس اسلوب الفتن السابقة من رفع الاعلام ومنها المعادية ولم يكن بينها العلم العراقي ورفع اللافتات التي تنادي بالثورة وما تسميه قناة بغداد الان باللجان الشعبية المشرفة واعادة مسميات الايام بـ(الكرامة) وبنفس الاسلوب الذي اتبع في بلدان ما سمي بالربيع العربي وما حصل في ساحة التحرير في بغداد والوقوف بوجه هكذا تآمر يتوقف على الادراك السريع لما يخطط للوطن من تآمر ضاري يعيد العراق الى الحقب الدكتاتورية المظلمة وكلما عولجت المسألة بشكل واعي ومبكر وطبقا للقانون ومصلحة الشعب العراقي تجنب البلد فتن ضارة فالسيد ظافر العاني مثلا وهو مدير مكتب رئيس الدولة صرح في قناة بغداد بانه يخشى ان تصفى الامور بين الحكومة وبين المتظاهرين فهو لا يريد على ما يبدو تصفية تلك الخلافات .