من تابع سياسة رئيس جمهورية العراق الفدرالية خلال هذه الفترة من اعتلائه كرسي الرئاسة و نشاطاته و تمعن في استراتيجية سياساته بالدقة و قارنها بما كان عليه و ممارساته للمنصب السياسي و هو احد قيادات حركة التحرير الكوردستانية يستطيع هذا المتابع ان يقارن و يجد الفروقات البينة في تعامل الطالباني مع الاحداث العديدة في العراق خلال هذه الفترة و يتلمس مدى اعتداله المطلوب و على العكس مما كان و عمل و فعل باستمرار خلال الصراع الدائم منذ الستينات الى مابعد الحرب الداخلية بين الحزبين الرئيسين في الاقليم بين الاتحاد الوطني و الديموقراطي الكوردستاني و كان من الاجدر ان يفعل ما يسير عليه اليوم في كوردستان منذ عقود ولو كان الطالباني بنفس الروحية و الحنكة لما يمارسه اليوم من السياسات العديدة مع الاخذ بنظر الاعتبار انانية و مراهقة قيادات الديموقراطي الكوردستاني اثناء الحركة التحررية الكوردستانية في الثورة الجديدة بعد النكسة و طوال حكم الدكتاتورية في العراق لما كان الشعب الكوردي و الظروف و الواقع و المستوى العام لاقليم كوردستان من جميع النواحي في هذه الحال و الدرجة ولو كان حريصا كما يفعل اليوم في العراق كان بالامكان للقضية الكوردية ان تقطع اشواطا اكبر و تتقدم دون اي خوف من التراجع و النكسة مرة اخرى. فكانت المصلحة الحزبية و الشخصية قبل اي شيء هي الاولوية في سياساتهم العامة و قياداتهم التي تراوحت على نفس الحال بذاتها دون اي تقدم يُذكر في الشكل او الجوهر رغم تغيير المراحل التارخية التي مرت بها الثورة الكوردية وبقوا كما هم جنرالات قديمة على الحال ذاتها بنفس الفعل و النظرة و العقلية جامدين في قيادة هذه الثورة اليتيمة و هذا الشعب المغلوب على امره .
اليوم و بعد كل تلك التجارب و الوصول الى الموقع الاول في السلطة العراقية و تحقيق الاحلام و الامنيات الخاصة التي كانت اولى الاولويات لديهم نلاحظ و نلمس الحكمة قد ظهرت بعض الشيء في النظرة و التعامل مع الاحداث المتكررة في العراق و هذه نابعة من مدى اصرار الرئيس العراقي على ارضاء الجميع سواء كان داخليا او خارجيا عن سياساته و ايفاءه بوعوده و عهوده . و كما نرى ان الرئيس الطالباني يتوخى الحذر الشديد في ابداء المواقف في الامور التي تخص الشان الكوردستاني و مستقبل الاقليم و ما يتطلبه واقع الشعب الكوردي و حقوقه المشروعة و يعمل ما في وسعه و جهده لاظهار اعتقاداته بعراقية عقليته و ايمانه و نظرته و تعامله و سياساته على الرغم من اعتقاداته و افكاره المتباينة بشكل عام و يفعل ما بوسعه ان يكون على المسافة ذاتها من الجميع و يحاول جهد الامكان ان يكون في وضع و علاقة عامة و حال يلجا اليه الجميع عند الضرورة و هذا خير ما يفعل على ما يعتقد و لكن هذا ليس بمقبول ان كان على حساب طرف ضحى في تاريخه اكثر من اي شعب في المنطقة. و لكن ليس هذا مربط الفرس في حل القضية العراقية المستعصية و الاحداث و الازمات و الخلافات المتجذرة المتعددة الاسباب و الابعاد .
هناك عوامل تاريخية و اخرى دينية مذهبية عدى قومية التي اخذ الدهر منها كثيرا و تعقد و هناك مصالح مختلفة و مؤثرات خارجية و تدخلات عالمية في شؤون لا مجال الا الاستمرار عليه في محاولة كل طرف للسيطرة على زمام الامور في النظام السياسي العام في العراق . المماطلة في التقارب بين القوى السياسية وفشل محاولات التحاور و النقاش مع البعض من اجل ايجاد الحلول فان الهدف منه هو التربص من كل طرف للانقضاض على الاخر في اية فرصة سانحة و التملص من ابداء اية خطوة يمكن لها ان تسوي الامور او يمكن ان تدفع الى التطبيع بشكل عام هو الامر المسيطر على زمام الحركة السياسية العراقية بشكل عام .
في خضم تلك الاحداث و من افرازات تلك العقليات و التوجهات المؤدية الى استعصاء القضية و تعقيد الازمات و تشابكها ماذا يمكن للرئيس الطالباني ان يفعل مع تلك العقلية و التاريخ و الفكر و الفعل الذي يحمله من اجل الوصول الى الحلول المقنعة للجميع و ليس على حساب احد و كما يحس الشعب الكوردي ان اي تدخل للقادة الكورد و كما يعلنون بانهم جزء من الحل في الازمات العراقية المتكررة كان دائما على حساب حقوقه المشروعة و نضاله الدامي و تضحياته الكبيرة . هناك دستور دائم و فيه من الثغرات و هناك مصالح اقليمية و فيها من الضغوطات على الجميع و حسب الاتجاهات و هناك صراعات داخلية و منها دامية و فيها من الموانع التي تمنع اي تقارب محتمل و هناك مصالح حزبية و شخصية تسد الطريق و تقطع اي نفس عن اي خطوة محكمة متجهة نحو الحل دائما و هناك مستجدات نتيجة الثورات الجديدة في المنطقة و فيها من الفرضيات و الطلبات و الضرورات المختلفة . اذن الحل ليس بيد الطالباني مهما ادعى المتفائلون حتى و ان كان يمتلك العصا السحرية التي لا يمكنها فرض اي شيء على هذا الواقع المرير . و عليه يجب ان ينتظر الشعب العراقي بجميع مكوناته و فئاته نتيجة الانتخابات النيابية المقبلة وما يتمخض عنها و كيف يستقر الوضع و لمن تكون الكلمة و معصم القوة الذي يلائم هذا الواقع العراقي و هذه العقليات و هذا الشعب و التاريخ و هذا المستوى من الوعي و الثقافة العامة المتدنية للاسف. و السؤال المنطقي الذي يفرض نفسه هو؛ ان كان الطالباني لم يتمكن من انهاء الصراع الداخلي الكوردستاني و لم يقطع دابر الخلافات و لازالت التداعيات تفعل ما تشاء في الامور العامة في اقليم كوردستان و كذلك نتيجة تعنت الاطراف الاخرى ايضا فكيف به ان يقدر على حل الازمة العراقية المستعصية ولو بنسبة بسيطة جدا .