انعم الله سبحانه وتعالى على الإنسان بالكثير من النعم التي لا تعد ولا تحصى وفضلة على جميع المخلوقات وجعل له مميزات لا توجد إلا فيه ولا يمكن تقليدها أو تخليقها وهذا من إعجاز الخالق جل وعلا , وقد نجد أعضاء وحواس مشابهه لما في الإنسان في مخلوقات أخرى والعكس, ولكن جعل فيه مخلوق هو من أحب المخلوقات إليه وأفضلها ولم يجعل له مثيل في غيره انه بكل تقديس ( العقل ) وعن الإمام أبي جعفر عليه السلام قال:” لما خلق الله العقل استنطقه ثم قال له: أقبل فأقبل ثم قال له: أدبر فأدبر , ثم قال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أحب إلي منك ولا أكملتك إلا فيمن أحب، أما إني إياك آمر، وإياك أنهى وإياك أعاقب، وإياك أثيب” (1) وعن أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام قال:” هبط جبرائيل على آدم عليه السلام فقال: يا آدم إني أمرت أن أخيرك واحدة من ثلاث فاخترها ودع اثنتين فقال له آدم: يا جبرائيل وما الثلاث؟ فقال: العقل والحياء والدين، فقال آدم: إني قد اخترت العقل فقال جبرائيل للحياء والدين: انصرفا ودعاه فقالا: يا جبرائيل إنا أمرنا أن نكون مع العقل حيث كان، قال: فشأنكما وعرج.” (2) و بالعقل تعقل الأشياء وتفهم في أصل اللغة واصطلح إطلاقه على أمور: الأول: قوة إدراك الخير والشر والتمييز بينهما, و بهذا المعنى مناط التكليف والثواب والعقاب, الثاني: ملكة وحالة في النفس تدعو إلى اختيار الخيرات والمنافع واجتناب الشرور والمضار , الثالث: القوة التي يستعملها الناس في نظام أمور معاشهم، فان استعملت في ما استحسنه الشارع تسمى بعقل المعاش وهو ممدوح وإذا استعملت في الأمور الباطلة والحيل الفاسدة تسمى بالنكراء والشيطنة في لسان الشرع , فكيف يشكر العبد ربه على هذه النعمة؟ وكيف يستخدمها فيما يرضيه ويستحسنه؟ وهو سلاح ذو حدين قد يؤدي بصاحبه إلى النعيم وقد يرديه إلى الجحيم , وما من إنسان عاقل يرى طريق الحق أمامه ويسلك غيره .. كما لا خير في عقل أدرك العلوم و صنع الطاقة وشرّف صاحبه في قومه بالعزة والمال وخلده في التاريخ ما لم يعرف الله وواجبه اتجاهه , وان كان للعقل غذاء يستطيب به فهي علوم محمد وال محمد (ص) والسير على خطاهم ليدنو من الله دنو العبد الصالح المطيع لله ورسوله لينال اشرف المنازل واسماها ويعطي الله حق ما أعطاه.. وعن سيد الساجدين علي بن الحسين (عليه السلام) ما ذكره في رسالة الحقوق ” فأما حق الله الأكبر عليك فأن تعبده لا تشرك به شيئا، فإذا فعلت ذلك بإخلاص، جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة , وحق نفسك عليك أن تستعملها بطاعة الله عز و جل … ” كما وينصحنا الله تعالى بالتفكر وهذا من أوليات العقل التي تخرج الإنسان من الضلال إلى الهدى ومن الظلام إلى النور ويقول ” أفلا تعقلون ” في كثير من الموارد لنعقل ونتفكر وندرك ما شاء الله أن ندركه ولله الحمد على هذه النعمة حمد الشاكرين