من أعضاء البرلمان الذين يتحدثون كثيراً النائب عباس البياتي، وهذه عادة مترسخة لديه منذ ايام المعارضة في سوريا وايران. يدلي برأيه في كل شيء ويدافع، الآن، عن سياسات الحكومة ودولة القانون ومواقفهما وسلوكهما حقاً وباطلاً، ودائما ينزههما من أي خطأ ويسعى لإفهامنا بأن حكومته وكتلته لا تقعان في الخطأ.
النائب البياتي تبرع من تلقاء نفسه منذ بضعة أيام الاعلان عن انه ‘ماكو’ ميليشيات في وسط البلاد وجنوبها، وقال بالنص في تصريح لصحيفة ‘الحياة’ اللندنية «الأنباء التي تتحدث عن وجود مليشيات في وسط وجنوب العراق مجرد إشاعات عارية عن الصحة ولا أساس لها’. ولم يفت البياتي الجزم بان الغاية مما وصفها بالاشاعات « زعزعة الأمن في الشارع والتشويش على عمل الأجهزة الأمنية»، معتبراً أن كل «الخروقات الأمنية في البلاد يتحملها تنظيم القاعدة وحلفاؤه كجماعة النقشبندية وبقايا حزب البعث». وفي ما يشبه الاستدراك قال «حتى أن وجد من يحاول تشكيل مليشيات هنا أو هناك فأن الحكومة ستتعامل معه بحزم وفقاً للقانون ولن تسمح بالسلاح خارج القوات الأمنية».
واضح أن النائب البياتي من نوع السياسيين الذي يعتقد ان التعمية يمكن أن تحقق له ما يريد، فهو لم يتنبه الى ان رئيس حكومته وزعيم كتلته، نوري المالكي، كان قد أعلن بلسانه عن وجود ميليشيات في البلاد تعمل الى جانب القوى الإرهابية الاخرى التي سماها البياتي (تنظيم القاعدة وحلفاؤه كجماعة النقشبندية وبقايا حزب البعث)، وتعهد بمكافحة هذه الميليشيات كما الجماعات الارهابية.
كلام المالكي جاء في البيان الختامي لما سُمي باجتماع الرئاسات الثلاث وقادة الكتل، والذي جاء فيه أن «المجتمعين أكدوا على ضرورة التصدي بكل قوة لمكافحة الإرهاب والميليشيات والممارسات الطائفية وحصر السلاح بيد الدولة» و«دعم الأجهزة الأمنية في خططها لمكافحة الإرهاب والمجاميع المسلحة».
لا بد ان النائب البياتي يعرف، كما نعرف، ان النشاط الارهابي في البلاد تضاعفت حدته ورقعته منذ العام الماضي، وهو يضرب مناطق الوسط والجنوب كما مناطق الغرب والشمال.. ولا بد انه يعرف أيضاً ، كما نعرف، ان هذا الارهاب لا يقتصر على القاعدة والنقشبندية وفلول النظام السابق وانه ليس سنياً حصراً .. انه شيعي كذلك، بل ان بعض ارهاب القاعدة هو شيعي أيضاً بعدما نجح التنظيم الارهابي في تجنيد شبان شيعة أكلهم الفقر والحرمان.
لا يمكن للنائب البياتي أو غيره نكران وجود الميليشيات والجماعات المسلحة في الجنوب والوسط، فمن يقتل رجال الدين السنة والمواطنين العاديين من السنة في البصرة وسائر محافظات الجنوب وبغداد هم ميليشيات وجماعات مسلحة، وهي شيعية (كما توجد ميليشيات وجماعات مسلحة سنية تقتل وتهجر الشيعة في بغداد وشمال بابل وديالى وسواها)، وان من يلاحق ويقتل في محافظة ذي قار آل السعدون، هذه العشيرة التي يشهد لها تاريخها وتاريخ شخصيات مرموقة منها بالوطنية وباللاطائفية، هم من ميليشيات ومجموعات مسلحة شيعية، وان من يهدد بإشعال النار على حدودنا مع الكويت هم ميليشيات شيعية.
ولابد ان النائب عن دولة القانون يعرف أكثر منا ان بعض هذه الميليشيات والجماعات المسلحة تجد الدعم من دولة القانون وحكومتها التي تسعى الان الى شرعنة عمل الميليشيات والمجموعات المسلحة المساندة لها عبر اختراع ‘مجالس الإسناد’.
السيد البياتي، لسنا غافلين عما تفعلون.