ما واجهه العراق بعد الاحتلال قلما تعرض له فيما مضى شعبآ من شعوب الارض حيث قضي على مؤسسات الدولة بكاملها ونهبت الممتلكات العامة والتراث المتمثل بمحتويات المتحف العراقي والمكتبة الوطنية وكانت خطة الاحتلال فتح الحدود العراقية على مصراعيها لدخول عصابات القاعدة
 
كما وضع الدستور العراقي مليئآ بمختلف الالغام التي زرعت بين ثناياه بغية ابقاء العراقيين متفرقين ليسهل التعامل معهم لتنفيذ المخططات الغربية بدلآ من ان يكونوا متحدين وشكلت اول حكومة عراقية مع بدء دخول العراق نفق المحاصصة التي كانت مخطط لها ايضآ بغية الوصول الى تقسيم العراق وانحسرت تلك المحاصصة علنآ على اساس طائفي واثني وبقدر ما كانت ظاهرة وتيرة الارهاب ترتفع يومآ بعد يوم تقابلها وتسير معها جنبآ الى جنب ظاهرة الفساد المنظم في اجهزة الدولة وكأن العراقيون يواجهون شبكة منظمة لها وجهين متقابلين من العنف ونهب الثروات العامة  لتفويت فرصة النهوض التنموي على هذا الوطن وشعبه وقد تسابقت حكومات المحاصصة بترشيح تولي عناصر من الموظفين ابعد ما يكونوا عن المهام الموكولة لهم ويبدو ان رؤساء الكتل
 
 
 
كانوا يتعمدون اشاعة ذلك لتمكينهم من البقاء في السلطة والتمترس فيها لحماية انفسهم والتنعم بما نهبوه من اموال هذا الشعب طبقآ لما فعلته بعض الانظمة التي مرت فيما مضى بالعراق وقد شاهدنا ولعشر سنوات خلت لم توضع برامج محددة لمعالجة اوجه النكوص الحضاري التي يعاني منها العراق كمخطط لمعالجة الاوضاع التربوية او الصناعية او معالجة الوضع الزراعي المتردي ونرى بأن معالجات بعض المسؤولين لما يواجهونه تفتقر لأدنى اوجه التخطيط المسبق وكأنهم اذا ما واجهه احدهم حالة ما شاذة كفلاح بدائي يقف امام انهيار السداد عن مزروعاته وهو مشدوه حيث يسد واحدة فتنفتق عليه الاخرى ولا بد ان يتذكر كبار السن ودارسي التاريخ ان بعض الانظمة السياسية التي مرت بهذا الوطن قد اتسمت بكثير من الاوجه الايجابية ففي الحقبة الملكية مثلآ وضعت برامج لأقامة دولة عصرية في مجال المناهج الدراسية وتكوين الكادر الوظيفي ومعالجة الكثير من اوجه التعثر حتى ان في ذلك العهد وزعت اراض شاسعة على الفلاحين كوحدات استثمارية وبمساحة (60) دونم لكل منها وانشأت في تلك الاراضي نواحي عصرية كمشروع المسيب الكبير في بابل ومشروع الدجيلة في محافظة واسط ومشروع شهرزور الزراعي في السليمانية ولولى مملاة نوري السعيد للأنكليز وهيمنة النفوذ البريطاني وسوءة الاقطاع الذي كان اساس البلاء في ذلك النظام لكان النظام الملكي ذو بداية حسنة لوجود دولة عصرية اما بعد ثورة 14 تموز 1958 فقد ابتدأت كنموذج للدولة العصرية فعلآ التي ترعى الحريات العامة واعادة النظر بتوزيع الدخول واصبح العراق في حينه يضاهي البلدان المتطورة الاخرى حيث يتباهى بأن فيه اكبر طبقة متوسطة لأن اللذين شكلوا الحكومة بعد الثورة هم من هيأوا لتلك الثورة وهم من منتسبي احزاب متعددة ومن رشحتهم تلك الاحزاب لتولي مناصب وزارية
وكانوا من ذوي اختصاص يلائم مهامهم كأبراهيم كبة وزير الاقتصاد ومحمد حديد وزير المالية والجومرد وزير الخارجية صحيح ان ذلك النظام السياسي انشىء على اثر ثورة كبرى اتت  بثمار ثورية تضاهي ما اتت به امهات الثورات الكبرى في هذا العصر وان مؤسسات الدولة في النظام الذي سبق الثورة
 
بقيت قائمة في حين بعد فترة الاحتلال عام 2003 واجهنا وضعآ شاذآ افتقدت فيه جميع المؤسسات والدوائر وعندما تجد المثقفون العراقيون يسعون لتكريس الحريات العامة والادارة اللامركزية وهو ما  يحتاجه العراق فعلآ كان مسعاهم مخيبآ للأمال حيث اللذين اصبحوا قائمين على تلك المؤسسات نسبة كبيرة منهم لم يكونوا مؤمنين على ما يبدو بتلك الشعارات او امناء لتنفيذ تلك المهام وانما توجه اغلبية هؤلاء لنهب الاموال العامة وتسمع البعض منهم يسخرون علنآ بمفاهيم  الديمقراطية والحريات العامة وكان يتوجب عند انشاء اول حكومة عراقية بعد الانتخابات ان تعالج اوجه خلل اساسي في بناء الدولة والمجتمع ناجم عن ما خلفته الحقبة الدكتاتورية والانظمة التي كانت تعيش في واد والشعب العراقي في واد اخر وتأثرت جراء ذلك سمة الولاء للوطن وحلت محلها عبادة الفرد انذاك كما حصرت الثروات بيد فئة معينة واضمحلت اوجه الانتاج الزراعي والصناعي واخذ بعسكرة الدولة ورفعت شعارات (ديماغوجية ) ظللت العراقيين لفترة طويلة وافقرتهم لتجبرهم بالانقياد طوعآ لأرادة الحكام كل ذلك لم يلتفت له القادة الجدد والتي يتوجب عليهم ان يعالجوا اوجه النكوص  بخطط مسبقة كما ذكرنا واعتمدوا على  ما يتأتى من موارد النفط لسد حاجة البلد كما ان السياسية الخارجية بقيت متعثرة ولا نسمع بصددها الا التبريرات والحقيقة ان اوجه ذلك الخلل يعود لعدم وضوح الرؤيا بأقامة دولة عصرية  ولو افترض ان قوى واحزاب ثورة 14 تموز 1958 قد  ائتلفت لتشكيل الحكومات في هذا العهد مع وجود الفارق طبعآ بفقدان دوائر الدولة بنتيجة الاحتلال وما خلفته العهود السابقة ايضآ لتجاوزنا الكثير مما نعاني منه الان  ولاستطعنا ان نقوض الارهاب ونقف بوجه الفساد وبالعكس فأن الكثير ممن تتسم فيهم الجرأه تم تنحيتهم وعدم الاستعانة بهم وممكن لأي مثقف ان يشخص الخلل الان فيما نعاني منه ففي مواجهة الفساد وهو افة وجهها الثاني كما ذكرنا هو العنف ففي مقابلة مع السيد رئيس هيئة النزاهة الحالي علاء جواد حميد اجاب  مستخفآ بما اورده السيد عبد الباسط تركي عندما سؤل من قبل المحاور في احدى القنوات عن تقييم السيد عبد الباسط تركي  لمحافظ البنك المركزي السابق سنان الشبيبي اجاب بقوله مستخفآ  ( الله يحفظه اورد ذلك التقييم بالارقام ) ولكن تلك الارقام التي اوردها عبد الباسط تركي عبرت عن تقصير سنان الشبيبي بشكل واضح وكانت دقيقة كما قال السيد عبد الباسط خلالها بأنه مستعد لمواجهة كل ما يترتب عن تنفيذ واجباته وقد نشرت قناة الشرقية يوم 31/7/2013 في المانشيست بأن النزاهة العامة احالت (1778) دعوى عن الفساد الاداري الى القضاء لفترة النصف الاول من عام 2013 وحيث ان النزاهة ملزمة لمتابعة تلك الدعاوى لحين حسمها طبقآ للقانون ونود لو ان السيد رئيس الهيئة العامة للنزاهة يوضح للعراقيين عدد تلك الدعاوى التي انتهت واكتسبت الدرجة القطعية وتم حسمها واسماء المتهمين والمحاكم التي صدرت عنها ومقدار المبالغ التي تقرر استعادتها لدولة والا فأن المواطن العراقي يشعر الان بأنه امام مزاعم لا حدود لها ففي محافظتنا مثلآ يوجد من يزاولون الفساد علنآ ودونما خشية او حياء وتلوك الناس السنتها بهم والمؤسف جدآ ان قسم من هؤلاء يزعمون بأنهم قد انظموا الى بعض الاحزاب التي تشترك في السلطة الان وبدلآ من كل ذلك فأن السيد رئيس الهيئة العامة للنزاهة الحالي يظهر نفسه مشغولآ بتنظيم استمارة الذمة المالية حيث ابتدء العمل بالمطالبة بتنظيم تلك الاستمارة  منذ بداية عام 2004 ولم تنجز لحد الان خصوصآ من قبل بعض السادة اعضاء مجلس النواب عمدآ ومثل هؤلاء يعتبر مرتكبآ لجريمة الشروع بنهب المال العام من يتعمد ذلك منهم وبالتالي يتوجب احالتهم من قبل الهيئة العامة للنزاهة او جهاز الادعاء العام الى المحاكم ولا يمكنهم التمترس فيما يسمى بالحصانة البرلمانية لأن جريمتهم تعتبر جريمة مشهودة ويضاف لهؤلاء النواب الذي صدر بحقهم اوامر القبض وفق المادة (4) ارهاب او لتهم الفساد وعجز الهيئة العامة للنزاهة والادعاء العام والتمترس خلف الحصانة البرلمانية من قبل النواب هذه النقاط الثلاث هي التي افضت بالعراق بما يواجهه من عنف وفساد وبرأي اغلب العراقيين ان تتولى السيدة حنان الفتلاوي مهمة رئيس هيئة النزاهة العامة او السيدة عالية نصيف افضل من رئيس الهيئة الحالي حيث تقول السيدة حنان الفتلاوي في مقابلة معها بأن ذويها نصحوها ان تراعي الامور خشية على حياتها وهي صاحبة اطفال كما تقول فأجابتهم بأنها طالما قبلت هذه المهمة عليها ان تتصدى لما ينجم عنها ويعتبر جهازي النزاهة العامة والادعاء العام كفيلان بتصفية كل ما يجري في العراق الان اذا ما تولاهما شخصان ذوي جرأة واخلاص  .