يكذب العرب حين يدعون أنهم تخلصوا من عبادة الأوثان، العرب كغيرهم من شعوب يؤمنون بالمظهر المتاح أما الغيب فهو ممارسة مختلفة وشعور بعيد وحاجة تتلقفها الأنواء والأجواء والمهم هو من يظهر قبالتك، هو مستعد للركوع عند جزمة الحاكم الظالم فجزمته فوق رأسه، لكنه لاتهتم لنبي لأنه غير حاضر عنده، وإذا حضر فهو لايمتلك السيف ولا المال، فلايرهب ولايرغب بشئ، بينما الحاكم فإنه يستطيع قطع الرأس، أو ملء الجيب بالنقود. فأنت إما راغب، أو راهب. يؤمنون بالله لكنه غيب، بينما الصنم المتاح سواء كان بشرا، أو حجرا فهو نوع من التعويض الحاضر عن الرغائب والمخاوف والأمنيات.. عندما يمرض طفل في بغداد يقولون لأهله، تصدقوا على الفقراء ليعجل الله في شفائه، بينما في باريس، أو لندن، أو إستوكهولم فإنهم يقدمون له الرعاية الصحية الملائمة.. هم لايحتاجون الصدقة لأنهم يعملون بما يرضي الله..

نحن لانمتلك الصدق، وعاجزون، وجبناء فنلجأ الى الصدقة والدعاء والتوسل لنحصل على مانريد، بينما هم فيعملون بصدق وحرص وأمانة فيلبون إرادة الله ويقبلهم ويساعدهم ويوفر لهم مايريدون فينجحون في حياتهم ويقدمون العطاء لهم وللبشرية. الكهرباء صناعتهم والسيارات والطيارات والقطارات والسفن، وطرق الإبداع والتفكير والإبتكار في الهندسة والطب والفيزياء والعلوم النووية.

هبل مايزال موجودا وبكثرة، وله حضور قوي للغاية، والمسلمون من أكثر أتباع الديانات تعلقا بالأضنام من أمثال هبل، فرجل الدين سرعان مايتحول الى هبل يلاحقه الناس ويتوسلون به ويعلون من شأنه ويطلبون له المجد والرفعة والعلاء ولايقبلون بنقده أو تقليل شأنه، ويركزون على حضوره في كل ميدان بإعتباره المقدم والأول، بينما في الغرب لايكون لرجل الدين أن يبتعد في مهامه الى مكانة غير قانونية، وربما تكون تسلطية كما هو الحاصل عندنا فالبابا وهو زعيم روحي لغالبية سكان الأرض لايوجد لديه الكثير من عناصر الحماية، ولاتتوفر وسائل إعلام لتمجيده ورفع شأنه وتقتصر نشاطاته على إجراءات رعوية وعبادية بسيطة متصلة بالأفراد دون تهويل وغيبيات.

السياسيون عندنا وشيوخ القبائل وزعماء المجموعات السياسية وزعماء العصابات كلهم ممجدون ولهم حضور في الميدان وهم على صلة وثيقة بهبل وجماعته ومن معه وتجد الأتباع الذين يحيطون هولاء بهالات من التقديس ويحبطون كل محاولة للفقراء للوصول إليهم وبمجرد أن يتمكنوا من سلطة وحضور يكون على الجميع تبجيلهم والإنحناء لمجدهم الرفيع والركوع في حضرتهم وبرغم مايقومون بنهبه من أموال ومكاسب يظل لهم الحضور والسلطة لأن الناس العاديين يرغبون بالزعامات ويخلدونها لأنهم يسرقون في ظلها ويكذبون وينافقون ويفعلون الموبقات، ثم يستغفرون ويعلنون التوبة الكاذبة والزائفة.. ولسان حالهم يقول، عزيزي هبل لاتقلق كلنا معك.