ذات يوم قالت لي أمي رحمها الله :”إذا كثرت الهموم عليك غني لها”،ولأني كنت طفلة حينها وليس لدي خبرة في هذه الحياة المتعثرة والمتناقضة كما الآن ،كنت أجتهد لأغني لأمي من باب الطاعة والبر ،وأردد أغاني بريئة متنوعة ما بين القديم الذي تحبه مثل أغنية أسمهان “أهوى “،،آه يا مين يقول لي أهوى أسقي بأيدي قهوة آنا أهوى ، وأبي يرد ويقول رحمه الله :يا سحر حضري لي فنجان قهوة ،أو أغني الدنيا ربيع والجو بديع ،فيرد رحمه الله ويقول :”يا سحر اذهبي لسقاية الأزهار بالحديقة “وهكذا،وكنت أعشق أغاني فيروز الملائكية الرائعة وهي تقول على جسر اللوزية،وبكتب أسمك يا حبيبي ،وحبيتك بالصيف وغيرها الكثير مما كنت أسمعه عبر المذياع ،وبعد أن كبرت وأصبحت زوجة وأم ومربية مديرة مسئولة عن أسرة وأولاد ومهام عدة في مواقع عملي ،حينها فقط أدركت معنى هذه الكلمات وعرفت ماذا تقصد أمي من ورائها،وهي التي كانت تعلمني طريقة التعامل مع كافة تحديات الحياة رحمه الله وأحسن مثواها وأدخلها فسيح جناته لإنها سيدة فاضلة معلمة ومدرسة ،ومهما كبرت لإن ألحق بركبها وبطريقة تعاملها مع كافة الأمور وخاصة علاقتها الرائعة مع أبي رحمه الله هو أيضا .
 
ويقال في المثل العامي “طنش تعش تنتعش “،وفعلا بعد التجربة حين تطنش وتبرد أعصابك من المؤكد سوف تنتعش ولكن إذا حرقت أعصابك تابعت وألححت في أمر ما وأنت تنتظر حدث ما فلا بد أنك سوف تتعب وتمل وترهق نفسك وتتوتر وقد تصاب بكثير من الأمراض النفسية والعصرية من حيث لا تدري ،لهذا قمت بتطبيق ذلك خلال إجازة العيد الماضي فإذا تأخر وصول خبر ما أطنش وحين لا ينشر لا أهتم فلماذا أحرق أعصابي ،وإذا ألحت أبنتي الصغرى على شيء معين ،أوهمتها بأني لا أسمع ولم أعرف ما تقصد
وهكذا ،وبعد ثلاثة أيام من أيام العيد زاد وزني قليلا لأني مطنشه وأتناول قهوتي بهدوء مع قليل من الحلوى ،وتعودت الجلوس باسترخاء كي لا أثير أعصابي بتوافه الأمور التي قد ترفع ضغطي وتحرق السكر في جسمي وقد تصيبني الجلطة أو الشلل النصفي إذا شددت كثيرا على أعصابي ،لهذا أقولها لكل أحبتي وقرائي كونوا مثلي يوما أو بعض يوما وجربوا ولن تندموا لإن هناك على الأرض ما يستحق الحياة بهدوء دون حرق أعصاب .