نعرف الدولة إنها تكوين جغرافي وبشري ومؤسسات وحضارة وتاريخ ، ولها وجود مستقل وسيادة يجب أن تحترم من الداخل والخارج وتصان أبدا ودون تردد ، وتستلزم التضحية وتقديم الغالي والنفيس لحمايتها من التهديدات الخارجية ، وفي السياسة تختلف الدول وتتصارع وتدخل في حروب تغير كل شئ وتنسف وجود دولة ، وترفع من شأن منافستها ، ومايحدث في ظروف الصراع الداخلي بين الأفرقاء يشير الى نوع مختلف من الحرب قد يغير معالم الخارطة السياسية ويؤدي بالأمور لتأخذ مجريات أكثر قسوة .ولايمكن القبول بفكرة إختزال الدولة بشخص ، فقد مارست كل شعوب الأرض مكرهة في مراحل بناء الدول تجربة الإختزال عبر تاريخ طويل ، وتكون الدولة رهن إسم الحاكم ، وفشلت في تجاربها تلك ، وغادرتها، ومايزال البعض يحذر منها خشية أن تعود ،بعد أن ذاقت أمم ويلات ذلك في العراق وفي غير العراق .

يتهم بعض الفرقاء رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي بالتفرد في إتخاذ القرار ، ومواجهة الخصوم بقسوة وإقصاء غير مسبوق لمن يخالفه لكن النعت الذي يؤشره هولاء عبر وسائل إعلام تدعمهم يتمثل في التأكيد على توصيف القوات الأمنية والشخصيات السياسية القريبة منه بالتابعية له فيقول مذيع الأخبار في عديد القنوات الفضائية التي تدعم نهجا مخالفا في حديثها عن وزير الدفاع العراقي ( قال وزير دفاع المالكي ) وفي الحديث عن معركة معينة ،أو عمل عسكري ( قوات المالكي ) وتورد وسائل إعلام أخرى توصيفات مشابهة للإشارة والتعريض والتركيز على موضوعة إن القوات والأشخاص إنما يمثلون المالكي وليس الدولة العراقية ،وقد حصل هذا في مناسبات لاتكاد تحصى خلال السنوات الماضية ، ويركز على ذلك المخالفون بالطبع ، بينما لاتلحق القوات والأشخاص المسؤولين بالدولة ، فلاتتحدث وسائل الإعلام تلك عن ( وزير دفاع العراق ) و( قوات الجيش العراقي) مايوحي بقسوة الصراع وطبيعة المواجهة بين الخصوم ،وفي جبهات مختلفة ،وعلى مستويات عدة ،ولاتوفر الخصومة في ذلك أي أداة يمكن أن تتوفر لقهر المنافس والخصم ،بل العدو في أحيان أخرى كما يمكن لنا أن نلحظ وبسهولة من خلال متابعة الأحداث المتعاقبة في الدولة الفتية.

في الغالب هذا ليس صحيحا ، ولايمثل موافقة على المضي قدما في مشروع بناء الدولة المتعثر في الأصل مع كم الخلافات التي تعصف بالوطن وتحيله الى نوايا وإجتهادات لاتلتقي في الغالب،  وتجعل من الدولة مجرد ممتلكات بعد أن تنفي عنها وصفها المعتاد عند كل العالم ولايعود الناس يثقون بمن يقودهم لأنه منشغل عنهم بقضايا ثانوية ويرونه مستسلما لطموحاته الفردية او الفئوية ، فلابد إذن من الغتفاق على إن المسؤول يعمل في الدولة والجيش يتحرك كتشكيل وطني ولابد من الترو في إطلاق التوصيفات الموهنة للعزائم ، ففي كل الأرض نجد الشعوب والسياسيين يلتقون عند نية واحدة تركز على دعم المؤسسة الأمنية لحفظ هيبة وكيان الوطن  ،ومن المعيب أن يكون العراق بهذا المستوى من الشذوذ .