هناك فرق شاسع بين من يتقرب الى الله عز وجل ليعمل طيبةً ، كي ينال رضوانه وبين من يعمل خطيئةً فينال عصيانه ، فما بالكم بأعمال اذن الله لها ، كقوله تعالى (( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ )) في ثاني سابقه تاريخيه على اغلاق المساجد في بغداد ، اقدم مغول القرن الواحد والعشرين الجديد على اطلاق يد المخربين والمجرمين ليعيثوا في ارض دار السلام الخراب والدمار بعدما سبقهم في العمل الخسيس والجبان المجرم ( هولاكو ) ثمة شبه بين الامس واليوم ، فالأول تجلت وحشيته في المذابح التي ذهب ضحيتها العلماء ورجال الدين في تفاصيل مؤلمة عن أساليب القتل ابشعها ان يلقي بعلياء القوم تحت حوافر الخيل ترفسهم من كل صوب حتى تخرج انفاسهم، وقد عانت بغداد حين دمرت فراغاً أمنياً كبيراً، وخللاً إدارياً واسعا وقد تعرض أهل بغداد لعمليات سلب ونهب واسعة النطاق، وبعد أيام من الفوضى اتخذ (هولاكو) عدداً من الإجراءات الإدارية، كان من أبرزها ملء الشواغر بالعناصر الموالية للمغول، فأعطيت الوزارة لابن العلقمي؛ مكافأة له على (الخيانة)، لكنه لم يهنأ بها سوى أربعة أشهر، ثم هلك فخلفه بعدها ولده عليها. والثاني اطلق العنان للمليشيات ان تحرق المساجد وتقتل الأئمة والخطباء ورواد بيوت الله من المصلين فيقتلون بطرق شتى من بينها العجلات المفخخة والعبوات اللاصقة والاحزمة الناسفة لينتهي المطاف باستخدام الأسلحة الكاتمة ، نحن على يقين ان من يأمر بالقتل او يحرض او ينفذ هو لا يمت بأية صلة بالدين والإسلام وجميع المذاهب منه براء ، ولم يعد خافيا على العراقيين ان من يفجر المساجد والحسينيات والكنائس ويقتل خطبائها وسادتها ورهبانها هو من منبت سيء واحد ، يحمل معه افكاراً هدامة وريح صفراء قادمة من خارج الحدود غايتها ان تزعزع بنيان اهل الدار المرصوص فتهده . ان الخونة والقتلة والمتآمرين هم اكثر ممن يحظى بالأمن والأمان من عامة الناس ، اما أصحاب النزاهة والمرؤة والعفة والمسالمين من أبناء الشعب فهم الأكثر حظا ونصيباً لعمليات القتل وفقدان الأمان ، ورب سائل يسأل عما حصل لمسجد ( أيا صوفيا ) في عهد مصطفى اتاتورك عندما حوله الى متحف للأوثان وطمس معالمه الإسلامية التاريخية ، ورغم كل هذه الاعمال والافعال الشنيعة الا ان ( اتاتورك ) بنى صرحاً عظيما لتركيا العصرية التي تتباها بنفسها وبمهندسها حتى يومنا هذا . اما اولي الامر فينا فانهم سيتسابق كتاب العالم باسره على ما حققوه من اعمال في القتل ومنجزات في التهجير ومعالم في الخراب واساطير في الفساد واصالة في الولاء للأجنبي ، ربما سيؤلفون لهم قواميس جديدة من المصطلحات التي يندى لها جبين الشرفاء . ومثلما بدأت مقالتي بكلام الله اجعل مسك خاتمتها بهذه الآية . (( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ )) السلام والرحمة على الذين شيدوا بيوت الله ليُذكرْ فيها اسمه … ولا سلام على الذين اغلقوا أبوابها وقتلوا روادها وسفكوا دماء المسلمين .