“الطريق الجديدة” حي للطبقة دون المتوسطة في الضواحي الغربية من العاصمة اللبنانية بيروت. من أبرز معالمه جامعة بيروت العربية والملعب البلدي، وعلى مسافة غير بعيدة منه المدينة الرياضية وكورنيش المزرعة والمتحف ومخيما صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين.
هذا الحي الذي عشتُ فيه أو على تخومه أكثر من سنتين مطلع الثمانينات من القرن الماضي مع مئات من العراقيين المطاردين من أجهزة صدام حسين، يتعايش فيه اللبنانيون من مختلف أديانهم ومذاهبهم، بمن فيهم السنة والشيعة، فضلاً عن فلسطينيين وعرب آخرين.
أمس نقل اليّ البريد الالكتروني رسالة اخبارية مصورة من “الشبكة اللبنانية للتنمية” (LDN) تفيد بتنفيذ مشروع عنوانه “تمكين المجتمعات المحلية من أجل خلق مبادرات لبناء السلام” في هذا الحي البيروتي بالشراكة مع “جمعيّة المقاصد الخيريّة” وبتمويل وتنسيق مع برنامج الأمم المتحدة للتنمية (UNDP) وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UN-Habitat).
المشروع، بحسب الرسالة، يرمي الى “بناء قدرات الفاعلين المحليين ضمن ثلاث مجموعات وهي: الشباب، النساء واللجنة المرجعيّة المؤلفة من فعاليات المنطقة وذلك للحدّ من حدّة التوتر والنزاعات فيها”، أي ان الهدف الحؤول دون، أو تخفيف، الاحتقانات السياسية والاجتماعية، خصوصاً على خلفية طائفية في ظل عودة العنف الطائفي– السياسي الى لبنان في السنوات الأخيرة.
المبادرون للمشروع ورعاته نظموا لسكان “الطريق الجديدة” من الاطفال والشباب والشيوخ، نساء ورجالاً، برامج ترفيهية وتثقيفية مختلفة (ورش عمل، مسرح، أفلام، تصوير، محاضرات، سوق لبيع المشغولات والمنتجات المحلية).
هذا النوع من البرامج لابدّ أن يكون له أثر ايجابي في اطار الغاية المبتغة منه. ومن المفيد، بل من اللازم، لنا هنا في العراق أن نتمثله فنحن أحوج من اللبنانيين الى ما يجعلنا نستعيد اللحمة الاجتماعية ونواجه هذا التفتيت المتعمد لوحدتنا الوطنية.
برنامج المصالحة الوطنية الذي وضعته الحكومة فاشل .. هذا أمر لاريب فيه، والدليل اننا لم نزل في المربع الأول بشهادة الاحداث الدموية الجارية في مدن الانبار، ومعها وقبلها التفجيرات اليومية في بغداد والمدن الأخرى.. الارهاب الآن على أشدّه، وبرنامج المصالحة وُضع في الأساس للقضاء على هذا الارهاب.
المصالحة الوطنية التي طبقتها الحكومة فشلت لأنها كانت في صيغة ولائم ومؤتمرات صحفية وتبويس لحى أمام الكاميرات في الاماكن المغلقة (فنادق وقاعات فخمة).. أي، باختصار، ان كل ما أنفق على هذا البرنامج من مال وجهود كان “مصرف زايد”، وربما ضحكا على الذقون. المبالغ الكبيرة المصروفة، من دون جدوى، كانت ستحقق الكثير لو اُستثمرت على الطريقة اللبنانية في مشاريع من النوع الجاري في حي “الطريق الجديدة” البيروتي.
من يبادر الى مشاريع ترفيهية وثقافية وفنية واجتماعية ورياضية تجمع الشيعة والسنة والمسلمين والمسيحيين والصابئة المندائيين والايزيديين في مدننا وأحيائنا قبل أن تصبح منزوعة التعدد والتنوع؟