المتتبع لما جرى في جنيف 2 بسويسرا، يقف على جملة من الملاحظات الشخصية، وهو يستمع لعدد من الخطب الملقاة من طرف الزعماء العرب والعجم، الذين تداولوا الكلمة وتنافسوا عليها ، منها:

 

§       إن الذين شاركوا في المؤتمر دون استثناء، بما فيهم المغيّبون عمدا، كلهم ساهموا في نهب وتدمير سورية الحبيبة. فكيف يمكن لهؤلاء جميعا دون استثناء، أن يساهموا في إطفاء النار وحقن الدماء؟.

§        أصبح واضحا، أن الولايات المتحدة الأمريكية، لم تعد ذلك اللاعب الأساسي الذي كان. فهي لاتستطيع أن تفرض شروطها على التابعين لها في الميدان أو خارجه، فكيف بغيرهم؟.

§       هناك عقدة تعيشها الولايات المتحدة الأمريكية، هي التي دفعت بها لاختيار جنيف 2، تتمثل في كونها نادت عدة مرات برحيل الأسد، ولم يُستجب لها، بدعم من روسيا. فهي الآن تحاول عبر جنيف 2، ماعجزت عنه منذ 3 ثلاث سنوات.

§       الغرب غير مهتم بوقف إطلاق النار في سورية. ومايهمه هو عدم رجوع المسلحين الذي دعمهم بالمال والسلاح لأوطانهم الأصلية في أوربا. وكذلك الدول العربية، التي أحرقت سورية “بالمجاهدين !”، فهي لاتريدهم أن يعودوا لأوطانهم العربية، وكأن القتل والسفك مباح في سورية فقط.

§       لو استطاع العرب والعجم إسقاط سورية، لما ذهبوا إلى جنيف 2. فالمؤتمر إذن يعبر عن حالة عجز وإفلاس. فليس بمقدروه إصلاح البلاد ، ولا باستطاعته إسقاط حضارة عريقة.

§       كل المصائب والضربات التي أصابت العرب والمسلمين كانت على أيدي فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية. فكيف يمكن لهؤلاء الآن أن يجفّفوا دمعا، أو يطفئوا جمرا.

§       المتتبع للمؤتمرات التي انعقدت برعاية أمريكية، يلاحظ أنها كانت لاتترك فرصة لخصومها، بل يأتون للتوقيع على ماتفرضه عليهم مسبقا. والملاحظ في جنيف 2، أن الولايات المتحدة لاتملك سلطة فرض التوقيع، لأنها لم تعد تتحكم في موازين القوى بمفردها، كما كانت تفعل من قبل.

§       هناك غياب كلي لتركيا، وانكفأت لمشاكلها الداخلية، التي كانت الأزمة السورية التي أشعلتها بيديها أحد أسبابها. فتركيا أعجز من أن تقود غيرها، وهي التي لم تستطع التحكم في من دعّمتهم بالمال والسلاح، لذلك أغلقت الحدود في وجوههم، بعدما فتحتها على مصراعيها، ونصّبت الخيم قبل أوانها، وقبل مجيء اللاجئين والمهجّرين. فجنيف يعتبر شهادة وفاة لتركيا، ويعبّر بصدق عن الوجه الحقيقي لتركيا، التي لايمكنها الخروج عن المظلة الأطلسية، برفقة الصهاينة.

§       جنيف 2، أبرز دول أخرى، فرضت وجودها ومواقفها، وعلى رأسهم روسيا، بمساعدة الصين والبرازيل والهند وجنوب إفريقيا، فلا يمكن للقرار النهائي أن يخرج عن دائرة هؤلاء، خاصة روسيا والصين.

§       السؤال المطروح: من يتحكم في من هو فوق الأرض السورية؟. والجواب أن الذين حضروا من عرب وعجم، هم من وراء هؤلاء، لكن لايتحكمون فيهم. مايعني أن عملية وقف إطلاق النار، لن تكون غدا، وليست في يد من موّل بالمال والسلاح.

§       إن صاحب الدار حين يفشل في كبح جماح أبناءه. وحين يكون الجار شرارة لإشعال الدار ونهب الخيرات. فإنها فرصة للغريب للسطو على الجار وصاحب الدار. وجنيف 2 ، يعبّر بصدق عن فشل صاحب الدار، وغدر الجار.

§       فرنسا أدركت الضعف الأمريكي، فهي تحاول إرضاء الطرف الأكثر مالا وثراء، وأضمن للصفقات. وحين ضغطت لكي لاتحضر إيران جنيف 2، ونجحت في ذلك، إنما كان الغرض منها، الحصول على أكبر حصة من المشاريع والأموال. فجنيف 2، هو فرصة للكبار، ليزدادوا ثراء وغنى، على حساب الدم السوري، والحضارة السورية العتيقة.