المدينة الحسناء فائقة الحدث السياسي على معول العصور. الثروة ودخول مرحلة النخبة الحاكمة فيها لا تتأتيان إلا بالتقرب من السلطات العليا, وترسيخ سحر الوطنيات العرضية الطارئة في عقول الرعية. فتقع الأخيرة تحت مفعوله بعد أن يخلق المتصدي لنفسه خصوصية طيبة وقد أعانته في ذلك,

 

ورفعته إلى عنان السماء… بطل مغوار, وأمجاد كلها تنهال على شخص واحد. إنه عبقري يعرف الحد الفاصل بين الحقيقة ونصف الحقيقة, والحد الفاصل بين الحقيقة والكذب السافر…. فاغتصب شيطان البلد الحكم, وتمتع بصلاحيات سلطوية ورسخ موقعه في المقدمة….. حينها ماتت الوطنية في فيه وسالت من لعابه, وصفى أقرانه وخصومه في المقامات السلطوية الأولى. وصب جام غضبه على الرعية التي رفعته وهولت من شخصه, ثم اكتشف بعد حين بهتانهم وتوريطهم له في هذه المغامرة المليئة بالمهالك. فامتلأت السجون بالمثقفين, والناشطين, وأصحاب الشهادات العليا, وكل من هب لسبه وإهانته, وقد غفل عن جريرة سحر السلطة عليه, وسحره الذي عقد به قلوب الرعية قبل أن يجلس على عرش الحسناء الغريزي…. وهكذا دائما عندما تتلاقى النظرات بين فاتنة العصور ورجال شعبها من سحرة ورعية يعاد دوران الحياة الفطرية للمدينة الحسناء من جديد. مليئة برموز ازدواجية تتجسد في العفوية والاصطناع, العشوائية والنسقية, التقديس والتنكيل, القناعة والتبرم, المداهنة والارتفاع, والرفق والعنف. وتلكم إشارات ما تذره غيلان غائبة أدبرت وتعيش على نهج سلفها الصالح غيلان ماثلة….المدينة الحسناء نموذج يعتمد عليه في رسم بطل غير سوي يجلس على مقعد متأرجح