إن القراءة الموضوعية لمخرجات مشروعات وزارة الكهرباء التي استحوذت على نسبة عالية من التخصيصات المالية الخاصة بقوانين موازنة البلاد العامة للأعوام الماضية، تفصح عن خيبة سياساتها في تحقيق معدلات من الانجاز تتوافق مع ما صرف من أموال، ولاسيما ما يتعلق منها بإعادة تأهيل وتطوير وصيانة خطوط النقل والمحطات التحويلية ووحدات شبكات التوزيع التي أصبحت أسلاكها ومحولاتها عرضة لسرعة العطل وتكرار العطب. ولعل من المضحكات المبكيات أن تفرض ظروف الوزارة على فرق الصيانة العمل بأساليب مبتكرة، تمثلت باقتصار كثير من تصليحاتها على ترقيع الأسلاك النحاسية المتهرئة، بغية  إعادتها إلى الخدمة على الرغم من انتهاء أعمارها الافتراضية. فضلا عن إيغال فرق الصيانة باعتماد توصيلات عمليات الترقيع مما متاح في مخازن الوزارة من اسلاك قليلة الكفاءة جرى استخدام عناصر أخرى في عملية تصنيعها من غير مادة النحاس، فضلا عن كونها أكثر عرضة للعطب، ما أفضى إلى جعل مناظر الأسلاك الكهربائية التي تتدلى من الأعمدة أو التي تفترش أرصفة وشوارع الأحياء السكنية  أو التي تجد من أسيجة المنازل مستقرا لها، من المشاهد المألوفة في بعض مناطق بغداد العاصمة. وهو الأمر الذي أفضى إلى تعرض بعض المواطنين، ولاسيما الأطفال إلى الوفاة جراء الصعق الكهربائي الذي لا يجعل المواطن بمنأى عن مسؤولياته الإنسانية والوطنية والأخلاقية، مثلما أدت أليه بعض الحالات  التي حدثت في بعض الأحياء الشعبية من نزاعات عشائرية، بالنظر لإغفال أصحاب المنازل التي تدلت أسلاك الكهرباء أمام أسيجتها أو قريبا منها عن إشعار أقسام الصيانة بالأعطال التي أدت إلى قطع الأسلاك وتدليها. وإذا سلمنا بحقيقة محدودية أنتاج محطات توليد الطاقة الكهربائية في البلاد قبالة ارتفاع معدلات الاستهلاك، فإن من القضايا المهمة في سلم أولويات سياسة وزارة الكهرباء المفترضة، هو ما يتجسد بتطوير منظومتي نقل الطاقة الكهربائية وتوزيعها، إلى جانب العمل على رفع كفاءتهما بعد أن أصبحتا عرضة للعطب، ولاسيما الوحدات والعناصر المساهمة بنقل إمدادات الكهرباء إلى المستهلكين في مختلف مناطق البلاد واحياءها السكنية التي أثبتت تجربة السنوات الماضية تعرض بعضها إلى العطب مع سقوط أول زخات مطر، ما جعل المواطن يمني النفس بإقدام أقسام التوزيع على وقف إمدادات الكهرباء إلى مناطقهم؛ خشية تعرضها إلى العطب وصعوبة إعادتها للعمل بعد انتهاء فترة المطر!. وما يعاب على بعض من إجراءات وزارة الكهرباء التي نفذتها في المدة الماضية هو ما يتمثل بتركيز اهتمامها في مهمة تطوير منظومات التوزيع الخاصة بالأحياء السكنية التي جرت العادة على وصفها باصطلاح المناطق الراقية أو المتحضرة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، ما شهده حي زيونة من تطوير لمنظومته الكهربائية، لم يصل مناطق بغداد الشعبية مثل حي النصر والعماري وغيرهما. إذ أغفلت الوزارة مواردها في هذه المناطق الشعبية ذات الكثافة السكانية العالية، ولم تمنحها فرصة لتطوير منظوماتها الكهربائية، وتحسين وحداتها التي تعاني حاليا من الاختناق بفعل ارتفاع معدلات النمو السكاني واتساع مساحة المناطق السكنية والصناعية التي تفرض على القيادات الإدارية زيادة حجم خدماتها البلدية والاجتماعية.

في أمان الله.