إن العنف الأسري هو أشهر أنواع العنف البشري إنتشارا في زمننا هذا ،ورغم أننا لم نحصل بعد على دراسة دقيقة تبين لنا نسبة هذا العنف الأسري في مجتمعنا إلاّ أنّ آثارا له بدأت تظهر بشكل ملموس على السطح مما ينبؤ أن نسبته في إرتفاع وتحتاج من كافة أطراف المجتمع التحرك بصفة سريعة وجدية لوقف هذا النمو وإصلاح ما يمكن إصلاحه .
ولئن أعتبرت ظاهرة العنف من الظواهر القديمة في المجتمعات الإنسانية فهي قديمة قدم الأزل وقد تطورت وتنوعت بأنواع جديدة فأصبح منها العنف السياسي و العنف الديني والعنف الأسري و الذي تنوع وإنقسم هو أيضا إلى العنف الأسري ضد المراة و العنف الأسري ضد الأطفال و العنف الأسري ضد الشباب و العنف الأسري ضد المسنين .كما أن إزدياد إنتشاره أصبح أمرا مثيرا للدهشة سواء على مستوى العالم أو على مستوى العالم العربي . والعنف الأسري يعد أحد ملامح العنف الذي يؤثر بشكل كبير على إستقرار المجتمع .
كما تعد ظاهرة العنف مشكلة إقتصادية لما ينجم عنها من خسائر مادية كبيرة ومشكلة مرضية لأنه يعدّ عرضا من أعراض المرض الإجتماعي من حيث كونه مظهرا لسلوك منحرف لدى الفرد.
والعنف حسب العلوم الإجتماعية هو إستخدام الضبط أو القوة إستخداما غير مشروع للقانون من شأنه التأثير على إرادة فرد ما . وعرفّه الشربيني هو الإكراه المادي الواقع على الشخص لإجباره على سلوك أو سوء إستعمال القوة ويعني جملة الأذى والضرر الواقع على السلامة الجسدية (قتل ،ضرب ، جرح ..) ومن خلال كل ما سبق يمكن تعريف العنف بأنه سلوك يؤدي كلاميا يتضمن أشكال بسيطة من الإعتداءات الكلامية أو حركيا كالضرب المبرح والإغتصاب و الحرق والقتل وقد يكون كلاهما وقد يؤدي إلى ألم جسدي أو نفسي أو إصابة أو معاناة أو كل ذلك، من خلال ما سبق يتضح أن العنف شيء غير مرغوب فيه وهو يصيب بالذعر والخوف فكيف إذا كان هذا الأمر يصل إلى الأسرة التي من المفترض أن تكون الملاذ والسكينة ،حيث الزوج والزوجة والبناء وقد قال تعالى في كتابه العزيز : (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك آيات لقوم يتفكرون ) . وقد عرف العنف الأسري بانه السلوك الذي يصدر من أحد أفراد الأسرة دون مبرر مقبول ويلحق ضررا ماديا او معنويا أو كليهما بفرد آخر من أفراد الأسرة ويعني ذلك بالتحديد الضرب بأنواعه وحبس الحرية والحرمان من الحاجات الأساسية و لاعنف الأسري هو أشهر أنواع العنف البشري إنتشارا في زمننا هذا ورغم أننا لم نحصل على دراسة دقيقة تبين لنا نسبته هذا العنف في مجتمعاتنا إلاّ أن نتائجه تظهر بشكل واضح على السطح مما ينذر أن نسبته في تصاعد وتتطلب التدخل من اطراف المجتمع كافة ودون إستثناء لوقف هذا النمو وإصلاح ما يمكن إصلاحه.
قبل الخزض في مجال العنف السري علينا أولا أن تعرف الأسرة ونبين بعض الأمور المهمة في الحياة الأسرية والعلاقات الأسرية والتي ما أن يتحقق بعضها حتى نكون قد وضعنا حجرا أساسيا في بناء سد قوي أمام ظاهرة العنف الأسري .
وتبين الدراسات التي أجريت في الدول العربية على ظاهرة العنف الأسري في مجتمعاتها أن الزوجة هي الضحية الأولى وأن الزوج بالتالي هو المعتدي الأوّل يأتي بعدها في الترتيب الأبناء والبنات كضحايا إمّا للأب أو للأخ الأكبر أو العم بنسبة (99%) يكون مصدر العنف الأب .
ومنها العنف المقصود وهو جميع الممارسات العدوانية الواعية المدعومة بإرادة وإصرار سواء أكانت مبررة أو غير مبررة وتوجد أشكال متعددة لهذا النوع من العنف وسنكتفي هنا بذكرها كالقسوة في المعاملة ( الضرب ،ربط بالحبال ، الحبس نالحرمان من وجبات الطعام ،تهجم لفظي ).
وأشهرها الإستغلال الجسدي للأطفال والنقد والنهر والإذلال والإتهام بالفشل وتخويف الطفل عبر (الحبس/العزل/التخويف ..)
بالإضافة إلى العنف المقصود وأبرزه الإعتداءات الجنسية على الأطفال والتي يكون فيها الأب أو الأخ الأكبر هو الطرف المعتدي وغالبا تحدث مثل هذه الحالات تحت تأثير تعاطي المخدرات أو بعض الإضطرابات النفسية والإنحرافات السلوكية . ومن الحالات الملاحظة في أسرنا حالات الهياج والتصرفات التي تخرج عن المعايير المقبولة إجتماعيا وهي غالبا تصدر عن الأباء تحت تأثير المخدر أو إستخدام بعض العقاقير التي تفقد التوازن (عقاقير الهلوسة )وعدم القدرة على التحكم في الإنفعالات وكثيرا ما تؤدي مثل هذه التصرفات إلى إستعمال القسوة مع الأطفال أو مع أمهاتهم وقد يتعرضون نتيجتها للأضرار الجسدية .ن أبرز مسببات العنف الأسري هو تعاطي الكحول و المخدرات وياتي بعدها في الترتيب الأمراض النفسية والإجتماعية لدى الزوجين أو كلاهما ثم إضطراب العلاقة بين الزوجين في محيط الأسرة لا يروم الأب الحصول على منافع إقتصادية من وراء إستخدامه العنف إزاء أسرته وإنما يكون ذلك تفريغا لشحنة و الفقر الذي ينعكس آثاره بعنف من قبل الأب إزاء الأسرة .كما أن العادات و التقاليد التي إعتادها مجتمع ما والتي تتطلب من الرجل حسب مقتضيات هذه التقاليد قدرا من الرجولة في قيادة أسرته من خلال العنف والقوة وذلك أنهما المقياس الذي يبين مقدار رجولته و إلا فهو ساقط من عداّد الرجال وهذا النوع من الدّوافع يتناسب مع الثقافة التي يحملها المجتمع وخصوصا الثقافة السرية فكلما كان المجتمع على درجة عالية من الثقافة والوعي .تضاءل دور هذه الدّوافع حتى ينعدم في المجتمعات الراقية وعلى العكس من ذلك في المجتمعات ذات الثقافة المحدودة إذ تختلف درجة تأثير هذه الدّوافع بإختلاف درجة إنحطاط ثقافات المجتمعات .
ونتاجا لكل ذلك تنشا العقد النفسية التي تتطور وتتفاقم إلى حالات مرضية أو سلوكيات عدائية إجرامية . وتفكك الروابط الأسرية وإنعدام الثقة وتلاشي الإحساس بالأمان وربما تصل إلى درجة تلاشي الأسرة.ونظرا لكون الأسرة نواة المجتمع فإن تهديد كيان المجتمع بأسره.
ومن هنا نستخلص أهمية الوعظ والإرشاد الديني مهم لحماية المجتمع من مشاكل العنف الأسري إذا تعاليم الدين الإسلامي توضح أهمية التراحم و الترابط الأسري .ومن الضروري تقديم إستشارات نفسية وإجتماعية وأسرية للأفراد الذين ينتمون إلى الأسرة ينتشر فيها العنف . وهذا الأمر يتطلب تدخل الدولة في أمر نزع الولاية من الشخص المكلف بها في الأسرة إذا ثبت عدم كفاءته وإعطائها إلى قريب آخر مع إلزامه بدفع النفقة ،وإذا تعذر ذلك يمكن إيجاد ما يسمى بالأسر البديلة التي تتولى رعاية الأطفال الذين يقفون ضحايا العنف الأسري. لذلك يجب نشر الوعي الأسري بأهمية التوافق و التفاهم بين الوالدين وأهمية دورها في قيادة الأسرة وسلامتها كذلك بأهمية إستخدام أساليب التنشئة الإجتماعية السليمة ومضامينها المناسبة في نمو الأطفال نموا الأطفال نموا سليما من جوانب شخصياتهم النفسية والإجتماعية وضرورة تناسب تلك الأساليب مع خصائص مرحلة الطفولة المتتابعة .كما لا ننسى الظروف المعيشية وضرورة تحسينها لكافة الأسر وتوفير فرص عمل مناسبة لجميع القادرين عليه وتوسيع نظاق الخدمات المقدمة للأسرة وضمان صحي الكبار وسكن مناسب وذلك لتفادي وقوع أي نوع من المشكلات الأسرية وحتى تتمكن الأسرة من التكيف مع المتغييرات التي تطرأ بفعل الزمن .
كما يمكن الإستعانة بوسائل الإعلام وقادة الرأي العام والمنظمات الشعبية والمدنية لتحقيق ديمقراطية الأسرة وتوزيع السلطة لمحاولة تغيير المفاهيم التقليدية كالسيطرة و الطاعة العمياء وتوضيح أثارها السلبية .إلى جانب الآثار الضارة المتربة على الإهمال و التراخي .
وأخيرا تستدعي قضية العنف الأسري عمل دراسات بحثية واسعة في هذا المجال وتكثيف الملتقيات والمنتديات التي تطرح الحلول للحد من هذه الظاهرة .بالإضافة إلى أهمية إنشاء مراكز متخصصة لمساعدة المعنفين خاصة الأطفال وإعادة تأهيلهم خاصة في الجانب النفسي لضمان إستقرار حياتهم المجتمعية ونموهم مستقبلا