من الأشياء التى تلقى رواجاً كبيراً فى المجتمعات العربية الإسلامية ما يسمى التمرد، حيث يأخذ مسميات مختلفة أشهرها الجهاد الذى أنتشرت ثقافته ودعاته للتمرد على أنظمة الكفر، مما صنع من التمرد تجارة عالمية تتهافت عليها أجهزة المخابرات سواء الأقليمية او العالمية لتحقيق أهداف كل منهم، وتجارة التمرد السلبى تتمثل فى التمرد على النظام السياسى وتقوم بتشكيل وتكوين جماعات إسلامية الغرض منها القصاص والقتل من ذلك النظام أو غيره من الأنظمة، ولا يقف الأمر عند ذلك الحد بل يتجاوزه إلى بيع خدماتهم العابرة للقارات لمن يدفع أكثر، وأقرب مثال الحرب الدائرة فى سوريا التى جذبت أجناس مختلفة عربية او سوفيتية وأمريكية وأوربية، وما يحدث فى مصر من جرائم قتل رجال الشرطة والامن المركزى وجنود الجيش من جماعات يتم تمويلها من الجماعة المحظورة وأذيالها فى أمريكا وتركيا وقطر وغيرها من الدول التى تنتظر خراب مصر.

أما التمرد الإيجابى الذى رأيناه يمارس ويتحقق ضد نظام مرسى وعشيرته الأخوانية وأستطاعت فكرة التمرد أن تأتى بثمارها وتثبت للعالم أن الشعب رافض لهذا النظام الدينى ويطالب الجميع بإسقاطه، ونجحت حملة التمرد لأن أهدافها كانت وطنية وكان على أصحابها إذا كان لديهم الكفاءة السياسية، الإنخراط فى عالم السياسة والاحزاب أو تقديم جهودهم إلى الجماعات الحقوقية التى تدافع عن حقوق الإنسان، كان المجال رحباً لكنهم أختاروا أن يكونوا حركة سياسية لا تاريخ لها ولا خبرة أو معرفة حقيقية بما يفعلون، لأنهم مجرد شباب يحلم بالتغيير الذى هو حلم كل مصرى وهنا بدأت مشاكلكم مع أنفسكم إذ أعتبرتم أنفسكم ثوريين أكثر من الشعب المصرى.

حساسية المرحلة التى تعيشها مصر تفرض على الجميع تذكر أن المصريين الذين وقعوا أستمارة تمرد وخرجوا بالملايين ليقولوا لا لنظام عشيرة مرسى الفاشل، هم أنفسهم المصريين الذين خرجوا لتفويض السيسى فى حربه على الإرهاب، وهم أنفسهم الذين خرجوا فى الأستفتاء على الدستور، وهذا يعنى أن الشعب دخل مرحلة جديدة من تاريخه رغم حالة الفوضى والإختراق الإرهابى لفكر المجتمع المصرى، وما يحدث من أفراد حملة تمرد الآن أنهم فقدوا بوصلة الأحداث وأصبحوا ينهقون مثل الحمير بتناقضاتهم خارج السرب، وتركوا رأى الشعب ورغبته وتمردوا عليه وخرجوا على الفضائيات ليعلنوا آرائكم الخاصة والتى يغيرونها ويعلنون آراء مناقضة لها دون خجل أو أعتذار، لأنكم تقولون بأنكم تعبرون عن رغبة الشعب وإرادته وهذا قمة الكذب الصبيانى.

مشكلة صبيان التمرد أنهم يتأرجحون فى أقوالهم فاليوم يقولون نحن مع السيسى وغداً يقولون نحن مع حمدين صباحى، رغم أن السيسى حتى هذه اللحظة لم يعلن موقفه وقد يعلن عدم تقدمه للترشيح وهنا تكون الصدمة للجميع، ثقافة الذين اليوم معك وغداً عليك هى ثقافة الذين لا يملكون قيم ومبادئ الديموقراطية ولا يعرفون حدود الحرية، مصير الشعوب لا يمكن وضعه فى أيدى صبية يبتهجون بجلباب السياسة والشهرة الذين أعتقدوا أن العيال كبرت، لكن على حركة تمرد وغيرها من الحركات التى تطلق على نفسها ثورية وتعلن خداعاً وكذباً أنها تتكلم بأسم الشعب، فالشعب المصرى برئ من كل الحركات التى تحاول أن تأخذ شرعيتها بالكذب والتضليل بأنهم يتكلمون بلسان الشعب أو رغبته وإرادته، على الجميع أن يعرفوا قدر أنفسهم وأحجامهم الطبيعية فليس هناك أحداً محسوباً على الثورة، لأن الشعب نفسه هو الذى يمثل ثورته ويمثل قراره الشعبى ويعرف جيداً أنه لا يوجد على الساحة السياسية قائداً يمكن أن يمثله أكثر من المشير عبد الفتاح السيسى الذى وقف فى وجه أمريكا وقال لها لا، ولبى إرادة الشعب وطرد الفاشلين من الحكم.

إن التمرد له حدود وعلينا الإلتزام بها حتى لا يتم تشويه عمل تاريخى كبير يفتخر به كل مصرى، وما يرتكبه أعضاء حملة تمرد من التكلم بأسم الثورة وبأسم الشعب هو تضليل كبير ويجب عليهم أن يلتزموا بأدوارهم التى مارسوها بنجاح، والآن كل ما يقومون به مجرد محاولات صبيانية وإنقسامات رغبة فى المناصب لا علاقة لها بالجمهور المصرى، لكنها محاولات يستغلها أصحاب المصالح السياسية الذين يعتقدون أن حركة تمرد لها تأثير على قرار الشعب المصرى.

رغم ذلك كلنا أمل أن تبدأ مصر العهد الجديد بحاضر ومستقبل جديد يصنعه أبناؤها الوطنيون.