هناء الداغستاني : تكتب

 

لشعر الغزل العذري جمال ما بعده جمال يوصل الرسالة بسلاسة وبراءة ليحاكي القلب بشغف وعشق بعيدا عن الاسفاف والتجريح ويبقى عالقا في الذاكرة سنوات طويلة تهيم به النفس في كل الاوقات وباختلاف الاماكن وتبحث عنه في وقت ابتعد الكثير من الشعراء عن مفرداته وحروفه التي تدخل القلب من دون استئذان وتطرب الروح لسماعه بل انها تشتاق اليه دائما بلهفة العاشق للغزل العذري الذي يناغيها من دون النظر الى اللون والشكل والعمر وما يترتب عليها من احباط والآم لانه بلسم الروح ودواؤها وبسمتها التي تبحث عمن ينعش الذاكرة باحداث جميلة تفرحها وتبعدها عن مآسيها ولو لفترة قصيرة فها هو قيس بن الملوح يشكو قلبه لقلبه من شدة عشقه وما اصابه من بلاء بكلمات عذرية جميلة ويحاول ان يواسي نفسه ويريد ان الا يكون هو الوحيد في شقائه فؤادي بين اضلاعي غريب……..ينادي من يحب فلا يجيب
احاط به البلاء فكل يوم………….تقارعه الصبابة والنحيب
لقد جلب البلاء على قلبي…….فقلبي مذ علمت له جلوب
وان تكن القلوب مثال قلبي……فلا كانت اذاً تلك القلوب
وهاهو الشريف الرضي يتغزل بحبيبته بكلام رقيق يتقبل فيه الحلاوة والمرارة باطمئنان ياظبية البان ترعى في خمائله…..ليهنك اليوم ان القلب مرعاك
الماء عندك مسكوب لشاربه……..وليس يرويك الا مدمع الباك
انت النعيم لقلبي والعذاب له…….فما امرك في قلبي واحلاك
اما نزار القباني فقد وجدت له شعرا عذريا جميلا يتساءل فيه عن حب يعشقه بالرغم من يأسه وصعوبة مناله لكنه يتمناه ويقول
لم اعد داريا اين اذهب……….كل يوم احس انك اقرب
كل يوم يصير وجهك جزءا…….من حياتي ويصبح العمر اخصب
اعتيادي على غيابك صعب….واعتيادي على حضورك اصعب
كم..كم انا احبك..حتى………ان نفسي من نفسها تتعجب
انت احلى خرافة في حياتي…….والذي يتبع الخرافات يتعب
وهذا ينعكس ايضا على الاغاني ومفرداتها فكلما كانت عذرية وبعيدة عن الاسفاف والتجريح فاننا نستمتع بها ونرددها ولايمكن ان ننساها وترانا نبحث عنها بغض النظر عن المكان او الزمان وهناك الكثير منها خلدت اصحابها لروعتها ونقاوة كلماتها ورقي لحنها كما علينا الاننسى الاغاني التراثية والقديمة التي كانت وماتزال رائعة وتؤرخ لنا حقبة من الزمن الذي في احيان كثيرة نرى ظروفه واحداثه ماثلة امامنا من خلالها وربما نستعيد عند سماعها مواقف سعيدة او حزينة مرت بنا ولكن يبقى الشعر العذري وكلمات الاغاني البسيطة والبعيدة عن الابتذال هي مطلب الجميع ولايزال تأثير الاغاني القديمة مستمرا لحد الان حيث انها استطاعت ان تدحر الكثير من الاغاني الحديثة التي لا لون لها ولا طعم بل ان البعض منها غرق في الاسفاف وتفاهة الكلمة ورخصها وماتت في مهدها ولا اريد ان ابحر فيها لانها لا قيمة لها ولاتستحق حتى الاشارة اليها ودعوني اسمع ناظم الغزالي وهو يصدح
اي شيء في العيد اهدي اليك يا ملاكي وكل شيء لديك او طالعة من بيت ابوها رايحة لبيت الجيران وهنا نرى النقاوة والحرص الشديد على اختيار الكلمات وبحذر لكونها تعبر عن القيم والعذرية في الطرح وطبعا هناك الكثير من هذه الاغاني العذبة والجميلة التي نتباهى ونفتخر بها وبمن اداها رغم بساطتها ويا حبذا لو يبتعد كتاب الاغاني عن الكلام البذيء والجارح خاصة في اغاني العتاب واللوم التي تتطلب دبلوماسية لا عراك ودمار رحم الله ناظم الغزالي و..كلي يا حلو منين الله جابك خزن جرح كُلبي من عذابك