إن الإسلام السياسى هو مصطلح مفروض على المناخ الإعلامى والثقافى والإجتماعى، لكنه فى الحقيقة لا وجود له منطقياً ودينياً لأن الأحزاب التى خرجت من تحت عباءة الإسلام السياسى هى أحزاب طائفية تكفيرية فى العموم، ومن المستحيل واقعياً ومنطقياً القبول بأحزاب طائفية فى الوقت الذى يدور النقاش فى لجنة الدستور المصرى على منع قيام أحزاب سياسية على أساس دينى، لأن الأحزاب الدينية هى غطاء شرعى للجماعات الجهادية والسلفية الطائفية التى لن تخدم الشعب ودولته، لأنها أحزاب عقيدتها ومرجعيتها لا تعترف بالديموقراطية وتعتبرها كفراً مباحاً، وسمعنا الكثير من شيخ ورجال الدين المسلمين الذين كفروا الأنتخابات والديموقراطية، لكن هناك القليل من شيوخ النفاق الذين يزعمون التقية حتى يصلوا إلى أهدافهم أى التمكين، هؤلاء الذين يكذبون ويقولون أن الشورى الإسلامية هى الديموقراطية الحديثة، ولأن غالبية المصريين لا تقرأ ولا تدرس وتحلل تلك المفاهيم، فأنها تصدق كل ما يقال لها لنصرة الإسلام ورسوله.

عندما يقول نائب رئيس الوزراء المصرى” أنه على اتصال مع جميع أحزاب تيار الإسلام السياسي ما عدا جماعة الإخوان المسلمين، قائلا: «وضعنا شروطا للتوافق على نبذ العنف، والاعتراف بما تم عقب ثورة 30 يونيو، والإخوان يرفضون كل شيء حدث بعد 30 يونيو».
هل يضحك الأستاذ زياد بهاء الدين على نفسه وعلى شعبه؟ كيف يقوم نظام سياسى ثورى بالأتصال بجماعات الإسلام السياسى وأحزابه التى خرجت ملايين الشعب المصرى لرفضها ورفض دكتاتوريتها وإرهابها التى مارسته ضد الشعب وما زالت تمارسه فى سيناء وكل مكان من مصر؟
كيف يتفاوض وزير مصرى ويتصل بجماعات الإرهاب والتكفير ووضع شروط لنبذ العنف؟ ومنذ متى تحترم تلك الجماعات تعهداتها التى تتعهد بها مع كفار؟ أليس معروفاً أن تلك الجماعات تقول فى السر والعلن أن عقيدتها تكفير المجتمع والنظام القائم حتى يتم تطبيق الشريعة الإسلامية؟ إن إشراك أحزاب الإسلام السياسى معناه أن بقية المشاركين فى لجنة الدستور هم كفرة ولسيوا مسلمين ولا يمثلون بقية الشعب المصرى المسلم والذى بدوره يكون كافراً مثل أعضاءه الممثلين له فى لجنة الدستور، والمسلمين الحقيقيين هم تلك الأحزاب الإسلامية!!

كان الجميع يعتقد أنه بعد ثورة 30 يونيو والتخلص من النظام الدينى الطائفى سيقوم النظام الأنتقالى بالتخلص من التيارات التى تقول عن نفسها إسلام سياسى وهى لا علاقة لها بالدولة والسياسة إلا فى تكوين الجماعات الجهادية وترغيب الشباب بالذهاب إلى الحرب والموت فى سوريا وأفغانستان وغيرها من بلاد الجهاد والتكفير الإنسانى لتحقيق الخلافة الإسلامية، إن ثقافة وعقيدة تلك الأحزاب مهما أعلنوا هى ثقافة دينية وهى التى يسعون لتطبيقها على الأمد القريب أو البعيد، وإدخال الدين فى السياسة مرة أخرى هو الحكم بالأعدام على ثورة 30 يونيو ومكاسبها التى نرى يوماً بعد يوم أننا نخسرها ويستعيدها الإرهابيون مرة أخرى، وخير دليل الكم الكبير من رجال الدين والأحزاب الدينية الذين يشاركون فى كتابة الدستور، إن إشراك الأحزاب الدينية فى لجنة كتابة الدستور هو أول فشل وإذعان حكومى يخجل منه كل مصرى، لأنه علامة على وجود عملاء فى النظام الأنتقالى ييسرون الوجود السياسى للتيار الإسلامى، وكان كافياً وجود الأزهر وبقية الأعضاء المسلمين فى لجنة الخمسين بالدستور.

إن مسلسل الدم والمجازر الوحشية التى قامت بها جماعات التابعة للتيارات السياسية الإسلامية بأختلاف توجهاتها، خير دليل على أنه هؤلاء هم أعداء الشعب والوطن لأنهم يدمنون أرتكاب سفك الدماء وكأنها أشياء طبيعية يمارسونها كالأكل والشرب، تعطيهم متعة ولذة فى قتل لأخوتهم فى الوطن والبشرية، إن أتباع الإسلام السياسى هم أكبر إنتهازيين ومستغلين للدين يتاجرون به ويبيعون بضاعتهم للناس، ومن الأشياء التى تلفت الأنتباه أن قيادات تلك الجماعات الدينية السياسية والجهادية هى قيادات برجوازية رأسمالية تتحالف مع الرأسمالية العالمية للوصول إلى كراسى الحكم والسلطة، وهو ما ظهر واضحاً فى تحالف الإخوان المسلمين مع أمريكا وأوربا وللآن ترفض تلك الدول تفعيل الإرادة الشعبية المصرية بتنحية النظام الإخوانى من الحكم بعد عام فاشل ونكسات ومعارضات شعبية كبيرة ضدهم، لأن تلك الدول تريد وتحلم حتى الآن بعودة حليفهم فى تدمير مصر أى التيارات الإسلامية لتتراجع إلى سنوات التخلف والرجعية.

إن الخطر قائم وعلى النظام السياسى الأنتقالى المؤقت تدارك الأمر قبل فوات الآوان، وأن يعيدوا النظر فى إشراك أحزاب التيارات الإسلامية الغير قانونية والتى ستفسد دستور الثورة، وتسقط مصر من جديد فى أيدى الدكتاتورية الدينية التكفيرية.