الدارس للسيرة النبوية، عبر رحلة الإسراء والمعراج، يقف على جملة من العبر والدروس، منها..

عملية الإسراء والمعراج ، تعني العلو والسمو، مايعني أن التطور يكون بالعلو ، والتحرير يكون بالسمو، ولا يكون هذا إلا بذاك.

سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان عاليا في أخلاقه، قبل العلو الذي منح إياه. وأخلاقه كلها سمو، قبل السمو نحو العلا.

وقريش لم تكذبه حين أخبرها بالإسراء والمعراج، لأنها تعلم أنه الصادق الأمن، لكن العناد والخوف من ذهاب السيادة من يديها هي التي دفعتها لتكذيبه.

ولم يعرف أن سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إفتخر على قومه وصحبه، بكونه فاز بالإسراء والمعراج. فالعلو يفترض من صاحبه، التواضع أكثر والنزول أكثر.

بقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، طيلة حياته بعد الإسراء والمعراج، كما كان من قبل لم يتغير ولم يتبدل، يلقي السلام على من يعرف ومن لايعرف، ويمسح الدموع، ويساعد ويرفع الغبن.

ورجع بعد الإسراء والمعراج، إلى بيته الصغير، وزوجه وأصحابه، أكل مع الناس ويمشي في الأسواق، ولم يتكبر، ولم يقل لهم أنتم أقل شأنا ، لأني كنت في السموات ومع الأنبياء.

إن صلاة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأنبياء جعلته أكثر تواضعا من قبل، وأكثر لينا، لأن قيادة الكبار، تجعل من صاحبها يعرف قدر العلو الذي يعلم التواضع.

لم يقل لأمته، انتم خير الأمم لأن نبيكم أسري به وأعرج به. فالاسراء والمعراج، لايمنح الأمة الأفضلية، بل علو الإسراء والمعراج، هو الذي يمنح عبر صاحبه علو الأخلاق وسمو القيم.

إن وصف المسجد الأقصى، فرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين طلبت منه قريش الوصف، لأنه لم يكن يهتم بالوصف الخارجي، فمن نال علو السماء، استغنى عن وصف الأرض، ليستطيع المرء الاستفادة من علامات العلو والصفاء، ويستطيع في نفس الوقت تحريره من قيد الصهاينة.

الإسراء والمعراج، علو وسمو في الأخلاق والقيم، قبل أن يكون علو بالجسد والروح، والأمة التي منحت هذا الفضل، عليها أن تتشبث بكل عال لتبقى كذلك، وتحرص عليه.