مما لا شك فيه أن الإرهاب كما ذكرت فى المقال السابق{ الإرهاب ليس قضية عالمية} هو قضية داخلية عربية تخص الدول العربية، وهذا الإرهاب يغرس أنيابه المسمومة فى الدول العربية التى تشترك مصالح بعض الأنظمة العربية الشمولية الخائنة لشعوبها مع المصالح الأمريكية فى إسقاط الأنظمة العربية الأخرى وتدمير مجتمعاتها، ومعرفتنا بتاريخ الإرهاب فى مجتمعاتنا العربية وخاصةً فى مصر حيث بدأ الإرهاب بتكوين أول تنظيم فعلى بالاشتراك مع البريطانيين والأمريكيين سنة 1928 وهو تنظيم جماعة الإخوان المسلمين، وبالطبع لم يكن تنظيماً إرهابياً بالمعنى الحالى بل كان إرهاباً خيرياً سلمياً وهو تعبير قد تقع عينى القارئ عليه لأول مرة، لأن المقصود به أن تلك الجماعات والتنظيمات كان القصد منها خيرياً سلمياً لكسب أكبر عدد من فئات الشعب بتقديم خدماتهم الخيرية من معونات مادية وأطعمة ومواد تموينية وتقديم العلاج للمرضى مجاناً أو نظير أجر رمزى، وكانت الدعوة الدينية جزء من هذا العمل الخيرى والذى يحتوى على الجزء الإرهابى من تعريفنا السابق، حيث يتم توضيح بعض الحوادث التاريخية التى مرت بالأمة الإسلامية وتحاول جماعة الإخوان إستعادة العصور الذهبية للإسلام آلا وهى عصور الخلافة.
 
الإرهاب العربى يرتكز على سطحية المشاعر الدينية والعقول المتلقية فقط للخطب التى تسمعها من رجال الدين وشيوخه، وما يملكونه من براعة خطابية تصويرية تمثيلية درامية النكهة للتأثير العاطفى عبر موضوعات لا تتغير تستدر عطف ومشاعر المستمعين للدفاع عن الدين بأعتبار أن الدنيا فانية والباقى هو الله وجنته وجحيمه، تلك الموضوعات هى: الكفار وإفسادهم لأخلاق وإيمان المسلم- الجهاد فى سبيل الله للحصول على نعيم الجنة- أهوال وعذابات الجحيم- نعيم وعذاب الميت فى القبر- عورة المرأة من أسباب تخلف ورجعية المجتمعات العربية – السخط الإلهى على عبيده الذين تركوا المرأة تخرج من منزلها وتفسد الرجال الأتقياء، ترك العرب ديارهم للغزو الغربى الذين أفسد شبابها ونسائها ةتركوا تعاليم دينهم التى فيها كل وسائل العلم والتقدم على الكافرين، تلك الموضوعات وغيرها هى أسلوب من أساليب الإرهاب الفكرى والمعنوى الذى يرسخ لدى المؤمنين الخوف من الله وضرورة طاعته والدفاع عن دينه ورسوله حتى ينال الرضى والحسنات، وأن يمارسوا الفروض الدينية المطلوبة منهم فى عبادة الله حتى لا يقع عليه غضب الله.
 
أصبح العمل الإرهابى له أصول وقواعد ينبغى على كل طالب إرهاب أن يتعلمها ويخضع لتلك الدروس التعليمية دينية وعلمية وعملية عن كيفية أبتكار وصناعة المتفجرات والتفنن فى أن تكون آثارها التدميرية رهيبة وأكثر دموية وقتلى من البشر، والحصيلة الإنتاجية لهؤلاء الطلبة خريجى معاهد الإرهاب العربية عمليات إرهابية يصرح منفذيها بأنها تنفيذاً لأوامر الله على القوم الكافرين، وهذه العمليات الإرهابية تقوم بإنعاش سوق العمل البشرى فى الكثير من الدول العربية والعالمية، وتنشأ جماعات ومنظمات لحقوق الإنسان ومعاهد أستراتيجية لدراسة الجماعات الدينية والإرهابية وسلوكيات الإرهابى ودوافعه وأهدافه النهائية التى يرجوها من الدمار والخراب والقتل الذى ينفذه فى طاعة عمياء تنفيذاً لوصية السمع والطاعة لولاة الأمر، وتنشط الجماعات السياسية للدول التى لها مصالح فى أستمرار نار الإرهاب مشتعلة بتمويل جماعات الإرهاب بما يحتاجونه، وهكذا تستمر المجتمعات العربية معامل تفريخ لطلبة الإرهاب وعلمائه وقادته ويقوم الطلبة أنفسهم بتطبيق ما يتعلمونه وسط مجتمعاتهم العربية.
 
من نطلق عليه إرهابى هو فى الحقيقة مؤمن أصولى بمعنى أنه غيور على دينه وتعاليمه وإلهه ورسوله، لذلك تدفع الغيرة كل مؤمن يطبق تعاليم دينه التى يعيد تذكيره بها بعض الشيوخ أو الأفراد المنضوين تحت لواء بعض الجماعات والتنظيمات الدينية، بتنفيذ ما يقوله أمراء وقادة ومرشدى تلك الجماعات الدينية وما يطلبونه منهم من القيام بأعمال لخدمة الله ورسوله، لذلك فالإرهابى العربى أو الأصولى أو المؤمن بتعاليم دينه يقدم السمع والطاعة وينفذ ما يطلب منه خشية الوقوع فى معصية الله، وهذا الخوف العصابى الذى يتم غزو عقول الطلبة به فى المدارس والجامعات ودور العبادة، هو الأداة والوسيلة الفعالة فى الخضوع التام من كل من يصبح عضواً عاملاً وفاعلاً فى تلك الجماعات الإرهابية ويكون سهل الإنقياد لأوامر قادتهم.
 
فالإرهاب العربى غرضه وهدفه الوحيد هو التهييج والتحريض ضد الدول والحكومات والمجتمعات ومؤسساتها بتكفيرها ووالمتفجرات والقتل سلاحها، وطالب الإرهاب يطيع قادته وينفذه أوامرهم بأعتبار أن الجماعة التى ينتمى إليها هى الوحيدة التى تسير على الصراط المستقيم وتطبق وتنفذ إرادة الله، فلا يشعر الإرهابى أو الأصولى بوخز الضمير عندما ينفذ عمليات إنتحارية يسفك فيها دماء إخوته العرب، من هنا أصبح إنشاء وتكوين التنظيمات والجماعات الإرهابية سهل التحقيق وليس فيه صعوبة، والقضية الآن ليست قضية إرهاب عربى أو دولى وإنما قضية كيفية إنقاذ الشباب العربى من فخ الأصولية والإرهاب، لأن الواقع العربى والعالمى يقول واقعاً وحقيقة واحدة وهى: العرب يأكلون بعضهم بعضاً والدين وسيلتهم الناجعة لتحقيق ذلك.
 
والخلاصة:
أن قادة العالم ورؤسائه عن الإرهاب منذ الحادى عشر من ديسمبر خوفاً من غزو بلادهم، لكن الحقيقة انه لا يوجد إرهاب عالمى بل إرهاب عربى يحدث على الأراضى العربية، وما عدا ذلك يكون له اسباب موضوعية مثل الفيلم الذى قام به المخرج الهولندى وأعتبره المسلمون إساءة للرسول وكانت ردة الفعل العربى الإسلامى عليه، ونفس الامر ينطبق على الرسوم الكاريكاتورية فى مجلى شارلى أبدو الفرنسية وما تبعه من عمل إرهابى وينتهى الأمر، لكن فى البلاد العربية فالإرهاب العربى متأصل من مجازر ومذابح وأسواق للنخاسة وطائفية وعنصرية ومذهبية يتصارع فيها العرب ذوات الدين الواحد لكن طوائفه مختلفة، إذن العالم بعيد عن الإرهاب العربى لكن الإدارة الأمريكية تروج منذ الهجوم على برجى التجارة العالمى على أنها المدافعة ضد الإرهاب وستضربه فى كل مكان، وبذاك أعطت لنفسها الحق فى التدخل فى شئون الدول العربية لخدمة مصالحها الأمريكية، وهى تعرف أن منفذى غزوة نيويورك كانوا عرباً أى كان إرهاباً عربياً أنتقاماً  من تنظيم القاعدة ضد أمريكا بالتحديد وليس ضد العالم كله.
 
هل يحاول كل مواطن عربى أن يتخلص من أسباب الإرهاب العربى الذى يعرفه كل عربى وهى تلك التعاليم الإرهابية التى تبيح القتل وأعتبار من يخالف العرب فهو من الاعداء الكفار الذى يحل سفك دمه؟ الأعتراف بأن الإرهاب عربى لأنه يرتكز على تعاليم ثابتة يستخدمها كل عربى لخدمة مصالحه الدينية أو السياسية، فهل يعترف العربى أن أفكاره العدوانية ضد الآخر هى الإرهاب الذى يروع المجتمعات العربية أولاً ثم البلاد الأخرى المعادية لهم؟