أقرأ في هذه الأيام كتابا بعنوان “اختيار السعادة” لكاتبه د. تال بن شاحار حيث يقول فيه إن هناك اختيارات في الحياة حتى في موضوع السعادة.
البارحة مر عليّ يوم كئيب. مشيت ساعات على متنزه البحر، أتأمل البحر والشمس والأفق البعيد، فلا أحسّ بشيء سوى الفراغ الذي يحتلّ صدري، وبقيت أتحسّر على الزمان وعلى كل شيء، حتى ضجرت نفسي ومن الحزن الذي يطاردني أينما ذهبت.  
هذا الصباح، عندما خرجت الى الشرفة وهبّ على وجهي هواء عليل، منعش، غمر نفسي بالأمل والانتعاش، قررت بيني وبين نفسي: اليوم سأختار السعادة فقط.  كل مرة سألني أحد عن حالي (كيفك؟ شو أخبارك؟ شوعاملة؟) أجبت: “كل شيء على ما يرام”. وفي نفسي فكرت: ليس على ما يرام فحسب، بل ممتاز! لم أصدق كم من مرة يسألونني خلال النهار عن حالي وأنا أرد “بخير” دون أن أفكر حقا بحالي!
خلال ساعات الصباح، دخل الى مكتبي شاب بشوش في مقتبل العمر، تلمع عيناه دوما بحيوية ونشاط. علت الابتسامة على شفتيّ لرؤيته وقلت في نفسي: “اجيت والله جابك”! منذ مدة وأنا أتعجب من هذا الشاب: هل سيتمكن من المحافظة على ابتسامته الحلوة البريئة التي تأتلق في وجهه طوال الوقت حتى بعد خمسة عشر أو عشرين عاما من الآن؟؟
قررت أن أسأله: “قل لي، كيف نحافظ على ابتسامتنا كل يوم حتى مع تشوّش الأمور في حياتنا؟”
فانفرجت ابتسامته أكثر وأجاب: “ليس كل شيء بخير طوال الوقت ولكن نتطلع الى الخير. هناك صحة هناك أصدقاء. ليست هناك ملايين في حساب البنك ولكننا نعمل ونجتهد.”
أقنعني كلامه.
فتحت الراديو فإذا بأخبار العالم تضرب أذني وتكاد تهز كل كياني. أغلقته بسرعة وفتحت على أغنية لفارس كرم الذي غنى:
 
قولوا الله 
الحمد لله
والصحة منيحة
الحمد لله
 
فكرت بيني وبين نفسي: حتى وزني نازل الحمد لله! (رغم كعكة الشوكولاطة الكبيرة، اللذيذة، الرائعة التي التهمتها ليلة أمس!)
ويكمل فارس كرم أغنيته:
 
مشيها وكله ماشي
وعداد العمر ماشي
نايم صاحي او ماشي
 
حتى تلفوني أحسسته سعيدا بي اليوم فهو لم ينفك عن رنينه وأنا أرد في كل مرة بأرق وأعذب وأسعد صوت، أقنع نفسي أنني سعيدة. حقا أنا سعيدة!
خلال النهار اكتشفت شيئا مدهشا. بدأت أصدق كذبتي وبتّ حقا… سعيدة!