من أراد أن يقف على حقيقة إيران، وسر قوتها ونجاحها، فليقف مطولا عند طريقة تسليم واستلام السلطة. فالأمم تُعرفُ من خلال، كيفية الصعود للهرم والنزول منه. فكلما تمّ الأمر بسلاسة، ويسر، وهدوء، ودون ضجيج .. فتلك هي القوة والعظمة.

 

هذا الرئيس السابق والسادس أحمد نجاد، يسلم السلطة للرئيس الحالي والسابع، حسن روحاني، بسلاسة ويسر، وكل منهما يعلم وقت الدخول ووقت الخروج، لايتعداه هذا، ولايتجاوزه ذاك. وقد تمت عملية التسليم، في عرس بهيج، حضره الساسة والقادة من مختلف بلدان العالم، أضفى على مراسيم التنصيب صبغة دولية، وهي التي تعيش تحت المنع والحصار. وختم الرئيس الاحتفال، بندوة صحفية، شهدتها وسائل الاعلام المحلية والدولية. ولعل الملفت للنظر في هذه الندوة، تلك الصحفية الأمريكية، التي وضعت خمارا على رأسها، وهي تسأل روحاني.

 

بعملية حسابية بسيطة جدا، تبين أن .. عمر إيران، 34 سنة، منذ سقوط الشاه، سنة 1979. تداول لحد الآن على الرئاسة، 07 رؤساء، أي بمعدل 05 سنوات لكل رئيس، مايعني تداول ثقافة التداول على الكرسي بين أفراد المجتمع، وهذا بحد ذاته عامل من عوامل القوة، والمنعة.

 

في المقابل، دولا عربية واسلامية، دخلت في صراع مع إيران، أو أجبرت على الصراع، حسب رواية هذا أو ذاك، وهي لاتملك أدوات الصراع، وعلى رأسها التداول على الكرسي، لأن حكم والد وما ولد، لا يمكنه بأي حال من الأحوال، الانتصارعلى مجتمع، رئيسه يعلم مسبقا تاريخ الخروج، قبل تاريخ الدخول، فيدخل الحُكم، مطاعا مهابا من بابه الواسع، ويخرج كريما معززا مرفوع الرأس.

 

منذ حوالي 10 أيام، قال أحد الأساتذة، معقبا على الوضع في مصر .. إن الولايات المتحدة الأمريكية، تخلت عن مبارك، لأنه تملّقها وتودّد إليها .. وتخلّت عن مرسي وإخوان مصر، لأنهم سعوا إليها سعيا، وهي تحتقر هذا النوع من العلاقات، ولاتعترف به .. وفي المقابل، تعترف بالذين يواجهونها علانية، ويملكون أدوات المواجهة .. ثم ذكر الصين وروسيا وإيران، لما يملكون من أدوات المواجهة.

 

إن إيران كغيرها من الدول، تسعى للتفرد وبسط نفوذها، وإعادة إحياء جذورها، ونشر ماتراه دينا وعقيدة. والعاقل من أخذ الأحسن واستفاد منه، وترك دونه لأهله .. وانظر كيف أسقطت إيران الطائرة الأمريكية دون طيار، وأعادت نسخها وتطويرها في أيام معدودات، وهي ذات تكنولوجية بالغة الدقة. ولم تستطع الولايات المتحدة الأمريكية، لحد الآن، أن تستردها لابالقوة ولا بالدبلوماسية، وأعلنت عن فشلها، وطي الملف .. ويكفي نظرة سريعة، لمراسلات الصحف والقنوات الأجنبية، اللواتي يغطون الشؤون الايرانية، وهن يراسلن دولهم الأمريكية والأوربية والافريقية، وهن يرتدن الخمارعلى المباشر .. ومنذ سنوات انسحب الوفد الايراني، لوجود الخمر على مائدة الفطور، المعدة أصلا على شرف الوفد الايراني، ماأجبر الدولة الأوربية أن تسحب الخمر، وتعتذر، وتعهدت أن لاتتكر مثل هذه الحوادث.

 

 إن إستقواء العرب بالأساطيل والأطلسي، علامة الضعف والهوان.. والمناذرة والغساسنة، الذين استعانوا بالروم والفرس، لم يكونوا أقوى من قريش الضعيفة، التي وقفت في وجه أبرهة وقالت له بكبرياء.. إن للكعبة رب يحميها. وهناك فرق شاسع بين إيران التي تنتج مايدافع عن حياضها، وعرب يستهلكون بقايا أسلحة، فطال عليها الأمد، فانفجرت على أصحابها.. ومنع إيران من امتلاك التكنولوجية النووية، معناه منعها من السيطرة على مايقارب 300 علم، له علاقة بالتكنولوجية النووية .. ولايرضى الغرب لغيره، أن يستقلّ عنه في علم واحد .. مابالك بـ 300 علم دقيق متطور.