اصدر القضاء العراقي حكما يقضي بإلزام جريدة الحياة اللندنية بدفع مبلغ خمسون مليون دينار عراقي وذلك عن قيامها بنشر تحقيق تم سرقته من صحيفة الأصالة العراقية تحت عنوان المقابر المسيحية في النجف الأشرف يعود لكاتبه الأصلي الصحافي المعروف حيدر حسين الجنابي ونسبته الى احد مراسليها المدعو فاضل رشاد.
وقال الصحفي المسروق حيدر الجنابي ” نشرت في آب من العام 2011 تحقيقا صحفيا بعنوان المقابر المسيحية في النجف الأشرف في صحيفة الأصالة النجفية وتفاجأت بنشر صحيفة الحياة اللندنية ذات التحقيق في أيلول من نفس العام ولكن بأسم مرسلهم فاضل رشاد”.
واضاف الجنابي ” لم اسكت على هذه السرقة الصحفية وقمت برفع دعوى قضائية امام محكمة النشر والاعلام في 12/12/2011 ضد غسان شربل رئيس تحرير صحيفة الحياة اللندنية اضافة لوظيفته وضد الصحافي الذي سرق التحقيق فاضل رشاد مراسل الحياة اللندنية في العراق وقدمت جميع الوثائق والادلة الثبوتية التي تثبت قيامي بكتابة التحقيق الصحفي والتي تؤكد جميعها على اسبقيتي في نشر التحقيق ومنها مقابلة مدير اثار النجف الاشرف بخصوص الموضوع في حين لم تقدم صحيفة الحياة ومراسلها أي اثبات قانوني يؤيد قيامه بذلك سوى دفع واحد يفيد قيامه بلقاء مدير الاثار في النجف الأشرف الامر الذي دفع المحكمة الى مفاتحة دائرة الاثار بذلك فنفت الدائرة المذكورة هذا الادعاء واجابة صراحة قيام الصحفي حيدر الجنابي بهذا اللقاء ولم يقم مراسل الحياة فاضل رشاد بأجراء أي لقاء حول مقبرة المسيحيين في النجف”.
وتابع الجنابي ” بعد نفي الآثار بان التحقيق ليس لهم مما دفع وكيلا صحيفة الحياة ومراسلها الى تغيير دفاعهما بان اللقاء تم عن طريق الهاتف الجوال ومع ذلك فقد نفى مدير الاثار أي لقاء به من قبلهم” .
واكد الصحفي حيدر الجنابي ان ” التحقيق الصحفي تم بذل جهود كبيرة فيه تراوحت مدته اكثر من ستة اشهر بين بحث وتصوير ولقاءات وتسجيلات الى ان اخرج التحقيق بصورة مميزة كشفت عن وجود اكبر مقبرة مسيحية في العراق مع تفاصيل المقبرة وسرقة التحقيق سبب له اذى نفسي بسبب المتاجرة بالتحقيق” .
وقال وكيل الصحفي الجنابي المحامي الدكتور محمد الطائي ” تعتبر من الدعاوى المميزة جدا، في نوعها ومدتها اشترك فيها معي المحامي علي البياتي، فالدعوى القضائية قضى فيها تسعة قضاة واحد من محكمة النشر والاعلام وثلاثة من محكمة الاستئناف وخمسة من محكمة التمييز ، واشترك فيها 24خبيرا، خمسة خبراء في الملكية الفكرية من وزارة الثقافة وثلاثة خبراء من الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق وستة خبراء من أساتذة كلية الاعلام، وعشرة من الخبراء القانونيين ،واستمرت الدعوى القضائية من 12-12-2011 ولغاية 24-7-2013 ما يقارب سنة وسبعة أشهر (19شهر) وتعتبر أول دعوى تدخل الى وزارة الثقافة العراقية”.
وأضاف الطائي ان ” الموضوع لا يعد خبراً وإنما هو بحث علمي تم إعداده بعد ان بذل فيه الصحفي حيدر الجنابي جهدا ملحوظا حيث قام بعمل ميداني وتصوير فوتوغرافي،وقابل فيه أصحاب العلاقة وكان جواب مفتشية أثار محافظة النجف الأشرف ان الصحفي حيدر حسين هو الذي أجرى اللقاء مع مدير أثار وتراث محافظة النجف الأشرف وليس فاضل رشاد وذكر فيه معلومات تاريخية وحقائق أثرية تتعلق بمقبرة المسيحيين في النجف لم تكن معروفة من قبل ذلك البحث في حين ان رشاد نقل البحث حرفيا ولم يقم بإجراء أي مقابلات ولم يبذل فيه جهدا ملحوظا لدينا وحسب قانون حق المؤلف العراقي رقم (3 ) لسنة 1971 المعدل ، المنشور في الوقائع العراقية العدد1957في 21/1/1971 والذي عدل بموجب أمر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 83سنة 2004 المنشور في الوقائع العراقية بالعدد3984 في حزيران 2004، لذا يكون التحقيق موضوع الدعوى والمؤلف مشمول بالحماية”.
وبين الطائي ” ان موضوع الدعوى له علاقة بأحكام قانون حق المؤلف رقم 3 لسنة 1971 والمعدل بقرار سلطة الائتلاف المؤقتة المرقم 83 لسنة 2004 حيث انه يتعلق بحماية المصنفات الأصلية في الآداب والفنون والعلوم وذلك لان التحقيق موضوع الدعوى هو عبارة عن بحث علمي مدروس وقد بذل فيه مؤلفه وقتا وجهدا واجرى فيه مقابلات ويمكن ان نلاحظ ان صحيفة الحياة ومراسلها قد خالفوا نص المادة (1) والمادة (2) والمادة(3)و المادة (7) والمادة (10) والمادة(14)و المادة (15) والمادة (17) والمادة(49) “.
واوضح الطائي ” استنادا الى المادة 44 لكل مؤلف وقع التعدي على حق من حقوقه المقررة بمقتضى أحكام هذا القانون الحق بتعويض مناسب، ويؤخذ بالاعتبار عند تقدير التعويض المنزلة الثقافية للمؤلف والقيمة الأدبية والعلمية والفنية للمصنف ومدى الفائدة التي حصل عليها المعتدي من استغلال المصنف”.
فيما قال المحامي الثاني المترافع في قضية الجنابي علي البياتي ” ان خبراء الاعلام والقانون في الدعوى القضائية اعتبروا ان الاعتداء الحاصل لا يتعلق بنشر المعلومة ونشر التحقيق اذ طالما تم نشره في الجريدة فبإمكان أي جهة أعادة النشر وهذا النشر حق متاح و مباح لجميع وسائل الاعلام، والمحظور والممنوع هو في نسبة هذا التحقيق لشخص اخر مما حقق اركان وشروط المسؤولية الفكرية والأدبية فلم ينشر باسم موكلي او بدون اسم ولم توضع عليه كلمة (متابعة) ولم يأخذ أذن كتابي من الجنابي بالنشر فالسرقة تتعلق بالاستحواذ على جهد علمي وهذا الرأي اجمع عليه 14خبيرا وعدوا الموضوع لا يتعلق بتشريعات الصحافة والإعلام بما فيها حق النشر او نقل المعلومة أو النبأ أو حرية الاعلام والرأي وحددوا التعويض بمبلغ خمسين مليون دينار عراقي حسب المنزلة الثقافية للمؤلف والقيمة الأدبية والعلمية للتحقيق ومدى الفائدة التي حصلت عليها جريدة الحياة مما حقق شهرة لها ولمراسلها في العراق فاضل رشاد وهذه السمعة لا تقدر بثمن في مثل هذا الاكتشاف التاريخي الأثري والخاص بالعثور على مقبرة للمسيحيين ونشره في جريدة عالمية”.
وأشار البياتي ” الخبراء اعتبروه بحث علمي مميز يحتوي معلومات تاريخية وأثرية جديدة تتعلق بمقبرة المسيحيين في النجف لم تكن معروفة قبل ذلك البحث ، وبالاطلاع على كتاب دائرة أثار وتراث محافظة النجف ومطابقة الموضوعان المنشوران في الصحيفتين (الأصالة ، والحياة اللندنية) الذين اتسما بوجود نسبة عالية من التطابق في عدد المتحدثين وهويتهم وحجم ونوع وتفاصيل المعلومات التاريخية ما يشير الى حالة الانتهاك حق الملكية الفكرية وتأكدنا من وجود حالة السرقة والاقتباس غير القانوني والمهني الذي تسبب بالضرر المادي والمعنوي للصحفي حيدر الجنابي وترى هيئة الخبراء ان القضية موضوع الدعوى تمثل خروجا على قواعد العمل المهني (الصحفي) وتمثل حالة من السرقة الأدبية وانتهاكا لحقوق الملكية الفكرية واستحقاق موكلي هو التعويض ونشر اعتذار له في جريدة الحياة اللندنية “.
واضاف “كان رأي الخبراء ينص علي تقدير قيمة التعويض الذي يستحقه المستأنف مبلغ قدره (50,000,000) خمسون مليون دينار عراقي استنادا لنص المادتين (45,44) من قانون حق المؤلف فضلا عن مطالبتهم برفع الموضوع من أرشيف جريدة الحياة اللندنية ، حسب المادة 46(1- أ ) (مطالبة المتعدي بوقف أنشطة المخالفة للقانون ونشر اعتذار رسمي في صحيفة الحياة اللندنية بنسختيها الالكترونية والورقية”.
وأوضح البياتي ” بسبب عدم تنفيذ صحيفة الحياة الحكم القضائي ومراجعة دائرة التنفيذ لتسديدهم مبلغ خمسون مليون دينار اصدر المنفذ العدل في دائرة التنفيذ في الكرادة التابعة لوزارة العدل قراراً بحجز مكتب صحيفة الحياة اللندنية في العاصمة بغداد والواقع امام فندق شيراتون وتم تشكيل لجنة لتنفيذ قرار الحجز وعند قيام اللجنة بإجراءات تنفيذ قرار المنفذ العدل بالحجز على المكتب الحياة اللندنية في بغداد وفوجئت اللجنة بان المكتب المذكور قد تم غلقه والانتقال الى جهة مجهولة وكان ذلك بعد ايام قليلة من تبليغهما بقرار الحكم مع العلم بان صحيفة الحياة وبعد انتهاء الدعوى واكتساب الحكم الدرجة القطعية قدم وكيلاها لائحة تمييزية الى محكمة التمييز خارج المدة القانونية بقصد المماطلة والتسويف هذا من جانب ومن جانب اخر قدمت امام محكمة الاستئناف دعوى أعادة المحاكمة تشتمل على اسباب مكررة وواهية ايضا بقصد المماطلة والتسويف ليس الا”.
وشكر الصحفي صاحب الدعوى حيدر الجنابي القضاء العراقي والادعاء العام والمحاميان ونقابة الصحفيين وكل من سانده، وقال “ان انتهاء الدعوى القضائية لصالحي تمثل انتصارا للصحافة العراقية والقانون العراقي وتشكل الضربة الكبرى لجميع وسائل الاعلام التي تعتمد على السرقة الصحفية وكل تقديري للجهود الكبيرة التي بذلها القضاة والخبراء الذين أدوا واجبهم بكل أمانة ومهنية وحياد واتخذوا الرأي والقرار العادل ونصروا القضية التي تعتبر سابقة من سوابق القضاء العراقي في قضايا النشر والإعلام”.