تخرج يومياً من شتى أنحاء العالم مئآت الآلاف من النعوش المُحملة بالموتى تنقلها سيارات مأجورة إلى المدافن، وآلاف منها محمولة على أكتاف المحبين من الأهل والأقارب، فيما تندر تلك التي تُرفع فيها نُعوش أصحابها على أكتاف ملايين البشر لتجوب الشوارع، والميادين إلى حيث المستقر الأخير.
وبينما اتجهت الأنظار إلى مراسم تشييع الأسطورة محمد علي كلاي في أميركا، إلا إنه على مر التاريخ، شهدت البشرية مواكبَ جنائزية مهيبة خرجت في بعضها شعوب بكاملها لتودع أبطالها، أو مُحبيها، أو زعماءها في مشاهد قليلة ونادرة الحدوث، فما هي أبرز تلك الجنائز، وما تعداد المشاركين فيها؟
الهندي أنادوراي.. الأول في التاريخ بـ 15 مليوناً من المشييعين
عجزت موسوعة “غينيس” إلى الآن عن إيجاد من يُحطم الرقم الأكبر في التاريخ الحاديث المسجل باسم جنازة “سي إن أنادوراي” كبير وزراء ولاية “تامل نادو” الهندية، الذي توفي عام 1969 إثر إصابته بالسرطان، وشارك في توديعه إلى مثواه الأخير حوالي 15 مليون شخص.
وتشهد الهند إقبالاً من سكانها على المشاركة بكثرة في المآتم، والمهرجانات الدينية، وتعد الدولة الأولى في العالم التي تشهد خروج عشرات الملايين في مهرجانات أو احتفالات دينية.
جمال عبدالناصر.. 5 ملايين مُشيع
الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، يعد من الزعماء العرب المحفورة أسماؤهم بين العشرة الأوئل أصحاب الجنازات الأضخم في التاريخ، وبلغ عدد الذين خرجوا إلى شوارع القاهرة في 28 سبتمبر 1970 لتشييع جثمانه 5 ملايين شخص تقريباً. كما قدر عدد مُتابعي جنازته عبر التلفزيون بما يزيد على 350 مليون شخص حول العالم.
4 ملايين يشيعون أم كلثوم.. أنا الشعب أنا الشعب
في إحدى البروفات وقعت كوكب الشرق صريعة إثر مرض التهاب الكلى، وعلى إثر ذلك سافرت إلى لندن لتلقي العلاج إلا أنها فارقت الحياة في 3 فبراير 1975، وشارك في تشييع جثمانها أكثر من 4 ملايين شخص انطلقوا من مسجد عمر مكرم في ميدان التحرير بوسط البلد.
وجاء ذلك وسط نحيب وبكاء محبيها الذين جاؤوا من كل مكان في مصر، فضاقت بهم الشوارع واكتظت شُرفات العمارات لمشاهدة موكبها الجنائزي المهيب، وكأنه تجسيدٌ لأحد مقاطع أغانيها: “أنا الشعب أنا الشعب”.
3 ملايين يشيعون بطل سباق السيارات البرازيلي آيرتون سينا
توفي سائق سيارات السباق المخضرم آيرتون سينا، والذي أحرز بطولة العالم للفورميلا وان 3 مرات، في العام 1994 إثر اصطدام سيارته أثناء استحواذه على المركز الأول بحلبة الجائزة الكبرى بسان مارينو.
البرازيليون أقاموا جنازة مهيبة للبطل العالمي للسباقات قُدر عدد المشاركين فيها بنحو 3 ملايين شخص، حيث امتلأت الشوارع في طريق الجنازة عن الجانبين بالآلاف، ونفذت الطائرات عرضاً جوياً تقديراً للبطل الراحل.
من 2 إلى 4 ملايين يشيعون جُثمان البابا
في 9 أبريل 2005 حطمت جنازة بابا الفاتيكان رقماً قياسياً عالمياً من حيث الحضور الشعبي والرسمي، إذ حضر نحو أربعة ملوك، وخمس ملكات، وما لا يقل عن 70 رئيس جمهورية ورئيس وزراء إلى جانب 14 رئيس ديانة مختلفة من كل أرجاء العالم، وقُدر عدد المشيعين لجثمانه في روما بأربعة ملايين مشيّع.
الخميني.. تضارب الأرقام من 7 – 12 مليوناً
شيّع آية الله علي الخميني، الزعيم الروحي للثورة الإيرانية، الذي توفي في 3 يونيو 1989، أكثر من 7 ملايين شخص، وكان أقصى تقدير مبالغ للمشاركين في الجنازة بنحو 12 مليوناً.
وسقط جثمان “الخميني” 4 مرات أثناء تشييعه، وتمزق كفنه، وأصيب ما يزيد على سبعة آلاف شخص جراء التدافع والزحام لحمله، ما دفع قوات الأمن الإيرانية إلى تشديد الإجراءات الأمنية حتى مرت الجنازة إلى مثواه الأخير في أمان.
الأميرة ديانا.. شيعها 3 ملايين مُحب
رحلت أميرة ويلز “ديانا”، والدة ولي العهد البريطاني الأمير ويليام، إثر حادث تصادم في 30 أغسطس 1997، وسط حالة من الشكوك حول أسباب الحادث الذي وقع في أحد أنفاق بريطانيا، وما إذا كان مُدبراً أم لا.
وتابع جنازة الأميرة المحبوبة أكثر من مليارين ونصف حول العالم، وشارك في جنازتها حوالي 3 ملايين شخص، بحسب التقديرات البريطانية.
مليونان يشاركان في جنازة غاندي و3 ملايين يشاهدون ذر رماده
في 30 يناير 1948 وقع حادث اغتيال الزعيم غاندي على يد أحد المتطرفين الهنود الذي لم ترق دعوات “غاندي” للأغلبية الهندوسية باحترام حقوق الأقلية المسلمة له، فاعتبرها خيانة عظمى منه، وقرر التخلص منه بثلاث رصاصات.
وبينما شارك نحو مليوني شخص من الشعب الهندي في جنازة مهيبة لقائد حركة الاستقلال عن الاحتلال استمرت ساعات فى شوارع دلهي، حضر مراسم ذر رماده بالمياه المقدسة في نهرى جانجر وجومانا ما بين مليون و3 ملايين شخص.
الملك حسن الثاني.. ودعه مليونا مغربي
سُميت جنازة ملك المغرب الراحل حسن الثاني، الذي شُيعت في يوليو 1999، بجنازة القرن، حيث تم توديعه في جنازة رسمية وشعبية بالرباط شارك فيها أكثر من 60 رئيس دولة ورئيس حكومة، ونحو مليوني مغربي جاؤوا من شتى أنحاء البلاد.
الإمام أحمد بن حنبل.. خرج لدفنه 800 ألف رجل و60 ألف امرأة
بحسب كتابات الإمام عبد الوهاب الوراق، فإن الإمام أحمد بن حنبل، غندما تُوفي في ربيع الأول عام 241 هجرية خرج بنعشه 800 ألف من الرجال و60 ألفًا من النساء، وشيعوه إلى مثواه الأخير، وهو عددٌ لو حسبناه بمقياس نسبية الزمان والعدد ستصبح الجنازة الأكبر في تاريخ العرب.
وذكر الوراق أن الخليفة المتوكل، راعته ضخامة الجنازة “فأمر بعض رجاله أن يقيسوا الموضع الذي وقف فيه الناس ليصلّوا عليه، فبلغ مقاسه ألفي ألف وخمسمائة ألف” أي مليونين ونصف المليون. وروى البيهقي أنه سمع عن عبدالوهاب الوراق يقول: “ما بلغنا في الجاهلية ولا في الإسلام جمعاً في جنازة أكثر ممن اجتمعوا لتوديع الإمام أحمد بن حنبل”.