أقر القائد العام للقوات المسلحة (رئيس مجلس الوزراء) عبر مكتبه بأن القوة التي اعتقلت عدداً من أفراد حماية وزير المالية رافع العيساوي لم تتصرف بمهنية. طبعاً هذا تعبير مخفف ومخاتل، فعدم التصرف بمهنية من قبل قوات أمنية مسلحة لا معنى له الا ان هذه القوة قد تصرفت بوحشية وجلافة وبانتهاك لأبسط حقوق الانسان. وأكاد أجزم ان القوة الأمنية التي أرسلت لتنفيذ أمر الاعتقال تعاملت بسوء تصرف وأخلاق مع المعتقلين الى درجة ان القائد العام لم يستطع الا ان يتبرأ علناً من فعلتهم، وقبله أضطرت وزارة الداخلية للاعلان عن انها اعتقلت المجموعة للتحقيق معها في سوء تصرفها.

قبل اقرار القائد العام واعلان الداخلية كان العيساوي قد عقد مؤتمراً صحفياً بحضور عدد من رفاقه في القائمة العراقية ألقى خلاله بياناً غاضباً شديد اللهجة ضد القوة الامنية المسلحة التي قامت بالاعتقال وضد رئيس الوزراء بوصفه المسؤول الأعلى عن الاجهزة الامنية كلها. واغلب الظن ان القائد العام ما كان سيعترف بعدم مهنية قواته وان وزارة الداخلية ما كانت ستعتقل القوة الامنية وتحقق معها في عدم مهنيتها لو لم يعقد الوزير العيساوي مؤتمره الصحفي ذاك ولو لم  يفصح عن غضبه العارم حيال فعلة القوة الامنية.

تصرف القوة الأمنية ليس فريداً من نوعه فمثله يحصل يومياً في مناطق عدة من البلاد. الفرق ان هذا الذي يحصل يومياً يطاول مواطنين عاديين مغلوباً على أمرهم يخشون سوء المصير اذا ما رفعوا أصواتهم كما فعل الوزير العيساوي المحمي بقائمته وطائفته، فالكثير من المواطنين يعتقلون يومياً ويتعرضون للاهانة والتعذيب، بالطريقة ذاتها التي كانت أجهزة أمن النظام السابق تتبعها مع المشتبه في معارضتهم للنظام، كما لو ان نظاماً دكتاتورياً لم يسقط وان نظاماً((ديمقراطيا)) لم يحل محله.

بالتأكيد ما كان أفراد القوة الأمنية التي لم تتصرف بمهنية مع حماية العيساوي سيتجرؤون على فعل ذلك لو كانوا يعرفون ان قادتهم سيعاقبونهم إن فعلوا ذلك، وهؤلاء القادة ما كانوا سيدعون عناصرهم يتصرفون بعدم مهنية لو كانوا يدركون ان قيادتهم العليا لا تقبل بذلك ويمكن ان تعاقبهم عنه.

في مرات عدة سابقة رأينا بأم العين وعبر شاشات الفضائيات ان القوات الأمنية تتصرف بعدم مهنية مع المواطنين، ليس فقط عند اعتقالهم وانما أيضا اثناء ممارستهم حقوقهم الدستورية ومنها الحق في التظاهر.

في شباط ٢٠١١ وبعده خرقت القوات الأمنية أحكام الدستور وانتهكت مبادئ حقوق الانسان باستخدامها القوة الغاشمة ضد المتظاهرين السلميين، وما كان بامكانها فعل ذلك لو لم تتلق الضوء الاخضر من قياداتها.. بل ان اشارة البدء جاءت من القائد العام نفسه بوصف المتظاهرين قبل أن يخرجوا في مظاهراتهم بانهم بعثيون وارهابيون بينما اضطر لاحقاً الى الإعلان عن ان مطالبهم مشروعة ووعد بتحقيقها.. ولم تتحقق بالطبع حتى اليوم!