في عدّة مقالات سابقة تحدثنا عن الفساد المالي و الأداري ألذي وصل القمة في آلحكومة ألكندية ألمثالية للنظام الديمقراطي آلأحدث في العالم, و كذلك في أمريكا المركزية, حيث يُواجه رئيس ألوزراء الكندي (إستيفن هاربر) و معهُ جمعٌ من مستشاريه و وزرائه و رجال أعمال تهم إدانة في صفقات كبيرة مشبوهة بلغت مليارات من الدّولارات, حيث صرّح بجانب هذا .. المفتش المالي العام لكندا بفقدان 8 مليار دولار من آلخزينة بعد جرد ألموازانة المالية ألسنويّة ليؤكد وجود سرقات كبيرة فاقت آلحسابات في دولة مثل كندا, داعياً الهيئات المختصّة ألقضائية بآلتّحقيق لمعرفة مصير تلك الأموال!
فما آلسّبب في هذا آلفساد ألّذي وصل آلقمة, بإعتبار كندا من أفضل ألأنظمة ألدّيمقراطيّة ألغربيّة ألحديثة من ناحية ألنّظام و الأدراة و آلمستوى ألتعليمي و المعيشيّ و آلصّحي و المسؤوليين و الوزراء أصحاب شهادات تخصّصيّة أقلّها شهادة ألدكتوراه و لهم خبرة سياسيّة و إداريّة و حزبيّة لا تقل عن عشر سنوات؟
لكنّ – مع كلّ تلك المواصفات التي قلّما تتّصف بها حكومة ديمقراطيّة في العالم – نرى أنّ آلفساد و السّرقة و الأحتيال وصل حدّاً بحيث إمتنعت معه وسائل الأعلام من عرضها و الخوض في تفاصيلها أو بيانها بآلشّكل اللائق, لأنّها فضيحة من العيار ألثقيل له دلالاتهُ و تتعلّق بماهية آلنظام و بآلمال ألعام ألّذي تمّ جمعهُ من آلضرائب المُكلفة التي يدفعها العمال و الموظفين الكادحين بإلأكراه و آلجبرٍ, فسيارة لا تساوي قيمتها ألف دولار مثلاً؛ قد يصل تأمينها (ألأجباري) إلى 600 دولار شهرياً, حتى البيت ألعاديّ الذي تشتريه يصل ضريبتهُ ألشهرية كحد أدنى إلى350دولار شهرياً, و ليس هذا فقط بل حتّى الهواء(ألأنفايرمينت) الذي تتنفسه و الماء الذي تشربه عليها ضريبة يجب دفعها!
و فوق هذا كلّه يأتي ألسياسيّون ألأكاديميّون ألديمقراطيّون ألوطنيون و كلّهم أصحاب شهادات جامعيّة عالية بضمن آلحكومة لسرقة أموال ألنّاس بسهولةٍ و يسرٍ و كأنّهم ينتقمون من الفقراء و الكادحين!
بآلطبع لا يفوتني أنْ أوأكّد بأنّ راتب ألوزير ألكنديّ كما آلطبيب و آلمهندس تقريباً و حتّى العامل لا يتعدّى ألتسعة آلالاف دولار(100ألف دولار في آلسّنة), هذا على آلرّغم من أنّ كندا أقوى قوّة أقتصاديّة في آلعالم و لا ندري ما يفعل بتلك الترليونات, و من جانب آخر لك أن تُقارن هذا آلوضع مع أولاد … في المجلس النيابي و الحكومة العراقية و آلأئتلافات ألذين يذبحون العراقيين عبر رواتبهم, حيث يُعادل راتب كل مسؤول رواتب 200 عائلة عراقية معاً كل شهر بجانب ألأمتيازات و الأجهزة و النثريات و الحمايات و وووو غيرها؟
فما يجري في آلغرب ككندا و ما يجري في الشرق كآلعراق؛ سببهُ فقدان ألمرشد و آلقائد ألأعلى ألّذي يُوجّه آلأمور طبقاً لأحكام ألسماء العادلة, إعتماداً على مائة فقيه مُجتهدٍ مُتخصّص في فقه ألسّياسة و آلقانون و آلأدارة و آلمجتمع كمجلس آلخبراء بجانب مجلس مراقبة الدستور و آلهيئات القضائية العليا.
بآلرّجوع لبحثنا ألمفصّل[مستقبلنا بين الدّين و الدِّيمقراطية] يتبيّن للقارئ ألكريم بكلّ وضوحٍ أنّ ما توصلنا إليه بشأن فساد ألدّيمقراطية و عدم جدواها ما لم يكن هناك ضابط غيبي و رقابة إلهية, فآلقوانين الوضعية و آلتكنولوجيا و آلكامرات المتطورة و غيرها لم تعد تجدي نفعاً بل ليس بإمكانها ألوقوف أمام آلتلاعب بآلمال العام و آلأحتيال على القوانين و السرقات القانونية المعروفة في آلغرب؛ ما لم يكن هناك وازع دينيّ و أخلاقي يستمدّ قوّته و فاعليته من آلغيب, فمَنْ لَمْ تكن في نفسه موعظة لم تُفده المواعظ و آلقوانين و آلمحاكم و آلكامرات و آلشرطة .. فهناك مخرج لكلّ قضية إختلاس مطروحة!
لذلك لا تتحقّق أيّة عدالة مع الدّيمقراطية مهما كانت راقية و حديثة من دون وجود ألرّقابة الغيبيّة ألدّينيّة كقانون فوق جميع القوانين ألتي من آلسهولة ألتلاعب بها مهما كانت؛ لهداية قلب و وجدان الأنسان ألمسؤول قبل آلمواطن العاديّ .. هذا آلعامل الهام الذي فصله الغربيون للأسف عن ألسّياسة بسبب أحداث القرون الوسطى ألمعروفة و لهذا لم تتحقق العدالة المطلوبة بين المواطنين الغربيين .. بل سبّبت بروز الطبقات بشكل مخيف, و لذلك لا مستقبل للبشريّة مع الديمقراطيّة ألسائدة لوحدها, لا بُدّ من عالم ربّاني فقيه يرتبط بآلسّماء يتولّى شؤون آلولاية في آلأمّة و هداية ألنّظام كصمام أمان من فوق لتحقيق لتحقيق آلعدل و آلمساواة و آلقيم و المثل في آلمجتمع.