اصاب الضمير العراقي بطعنة قاتلة , وهو يشاهد وطن يتمزق ويتهرى نحو الضمور والانحلال , ويستهزى بنا العالم ويتهكم علينا , لاننا لم نحفظ العراق من دنس الافاعي السامة وخفافيش الظلام الوحشية , ولاننا احفاد عقوق , نتنكر ونكفر بقدسيات الوطن والاجداد  , ونخون الامانة والتاريخ والارث الحضاري والثقافي , وكنوز الاثار النفيسة . هكذا يتفرج علينا العالم ويضحك علينا بالاستهزاء والسخرية والمسخرة , لاننا سمحنا ان نودع الامانة  ونمنح الثقة والعهد , الى زعماء صعاليك يتاجرون بنا في وضوح النهار , في سوق العهر والسبي والسمسرة , فصارت ابواب العراق مفتوحة ومشرعة  , لمن هب ودب من داعش والدواعش والفواحش والنواجس  . وتركونا  قادتنا السياسيين , وهبوا فرحين  في مهرجان الفرهدة والنهب واللصوصية , بعيون جائعة لاترتوي ولا تشبع , ولطخونا بعار الهزائم والخذلان . ومرغونا في المياه الآسنة العفنة والكريهة , لنتلقى طعنات الموت المسمومة , من اجل ان يعيشوا هؤلاء الصعالكة , بالنعيم والترف والجنة , على حساب الوطن الذي فتحت له ابواب جهنم  . فكان زمن العهر والسمسرة , نتلقى الطعنات تلو الطعنات , ونصاب بالكوارث تلو الكوارث , ونتجرع كأس الهوان بمرارة العلقم والحنظل . وهم شهود زور على وطن يتحطم ويتهدم ويتفتت . بالامس اقدمت عصابات داعش  الوحوش السائبة من فضلات العصور الوحشية . في حرق الآف الكتب الثقافية والعلمية والفكرية , وبعضها يعتبر من الكنوز الثقافية والحضارية  النادرة والنفيسة  التي لاتعوض بقيمتها الثمينة . واليوم هبت قريحة المشعوذين والمعتوهين من مواخير الفساد والزنى  من هذه الحثالات السرطانية , في هدم كنوز الاثار , ليصيبوا العراق بطعنة الكارثة الثقافية , فقد دمروا  متحف الموصل التاريخي , الذي يضم مجموعة كبيرة من التماثيل والمنحوتات النفيسة , التي تعود الى الحضارة الاشورية , قبل الآف السنين , ولم يشبع من شهوتهم الانتقامية , بتحطيم كل الاثار الموجودة في المتحف , التي تمثل روائع الحضارة الاشورية والسومرية . حطموا الثور المجنح الذي يعود تاريخه الى القرن التاسع قبل الميلاد , وكذلك بقية الكنوز التاريخية النفيسة , التي كانت مفخرة العراق ومفخرة تاريخ  حضارة وادي الرافدين , هذه الجريمة الوحشية الشنعاء , هدمت صرح العراق الشامخ , حطمت روح العراق والانسانية جمعاء , ووصموا الضمير الانسانية بوصمة العار الشنيع , حين تسفك دماء حضارته الانسانية وكنوزه الخالدة  , حيث يؤكد بان هذه الحثالات البشرية , لا تقيم وزرناً ومعياراً للقيم الشرف والاخلاق والدين , وانما هي جراثيم وحشية , تنتمي الى عصور الظلام والتوحش . لقد حطموا كل شيء يرمز الى الانسانية وحضارتها الشامخة  , ان هذه المجاميع الظلامية والهمجية , هي كارثة العراق الحقيقية , ويبقى العراق مريضاً ومشولاً وكسيحاً  حتى فناء هذه الجراثيم السرطانية . انهم كبدوا العراق خسائر فادحة لاتعوض بالثمن , واصابوا العراق بالحداد الحزين , ولا يمكن انقاذ العراق ودحر وحوش داعش , إلا بالقضاء على نظام المحاصصة الطائفية , لايمكن ان يصل العراق الى بر الامان والسلامة , إلا باعادة هوية الوطن المفقودة وطمر الطائفية في مجاري الصرف الصحي  , وسيظل الظلام يلف مستقبل العراق المجهول , وسيسير في درب الخراب والهلاك , إلا اذا اكتسب قادة يعرفون قيمة الواجب والمسؤولية , يقدرون قيمة الوطن والمصالح الوطنية , ويضعونها فوق اي اعتبار , لا يمكن للعراق ان يتجاوز الكوارث والمحن , إلا برجال يؤمنون بقيمة الشعب والحق والعدل والقانون , رجال يؤمنون بالوطن قبل المناصب , وخدمة الشعب , قبل امتيازاتهم , ان انهار الدماء لن تتوقف عن الجريان  , ومعاول الهدم لن تصمت ضجيجها  , إلا اذا اتحدوا  شرفاء الوطن على خلاص العراق من شرور الارهاب الدموي , والفساد المالي , إلا بارسال الفاسدين الى المحاكم والسجون , إلا بعودة الاموال المنهوبة , واعتدال الميزان . عدا ذلك فتظل الخفافيش الوحشية تحطم العراق بشهوة الانتقام الاعمى