أرى من الضروري جدا وقبل الخوض في المقالة أن أعود الى تأريخ الثامن من ايلول للعام 2009 ، إذ كتبت حينها وبعد أن ركلت ميسون الدملوجي باب السفارة العراقية في لندن لتتقدم المعتصمين أثر أغتيال الشهيد “كامل شياع” وتسليمها مذكرة لهم تطالب الحكومة بالكشف عن القتلة “لم يكشف عنهم لليوم” والتي رفضت السفارة استقبالهم، مقالة تحت عنوان “الى السيدة ميسون الدملوجي .. يا ليتنا لو كنت كردية فيلية”. وسبب عودتي لتلك المقالة ليس ندما على كتابتها مطلقا كونها تناولت حدثا كان لميسون فيه موقفا مشّرفا حينها، بل لأقول من أن المواقف السياسية تتغير من ظرف لآخر ومن موقع لآخر ومثلما يغيّر السياسي موقفه فعلى الكاتب والمتابع السياسي أن يغير موقفه أيضا، الا إذا كان الكاتب او المتابع السياسي يبني مواقفه على أسس شخصية وليس على مواقف سياسية، وهنا يكمن الخطر لانها “المواقف الشخصية” ستكون بعيدة كل البعد عن المواقف السياسية للساسة ومدى قربها أو بعدها عن هموم الوطن والناس تلك التي يجب أن يضعها الكاتب او المتابع السياسي نصب عينيه.

 

علينا أن لا نشك ولو للحظة واحدة من أن النظام السياسي في العراق هو نظام محاصصة طائفية قومية وهذا يعني أن رؤساء الجمهورية و الوزراء والبرلمان ونوابهم والوزراء والبرلمانيون نزولا الى أدنى الدرجات الوظيفية هم نتاج هذه المحاصصة وبالتالي هم ليسوا بعراقيين، بل شيعة وسنّة وكورد. ومن هؤلاء الساسة الّذين أبتلى بهم العراق هي “ميسون الدملوجي” وأشباهها ممن يعملون جاهدين على تمزيق البلد عن طريق فسادهم الذي أزكم الانوف وسرقاتهم ومساندتهم للأرهاب القادم من خلف الحدود. فميسون الدملوجي لم تكتفي بسرقة المال العام وأبرام العقود والحصول على المناقصات و ” الكوميشنات ” بأعترافها شخصيا مع زميلتها بالسرقة ” حنان الفتلاوي ” وذلك في برنامج تلفزيوني جمعهما معا (*)، بل تعدّتها الى مساندتها العلنية للأرهاب والترويج له حينما صرّحت في برنامج تلفزيوني بعد أحتلال الموصل من قبل عصابات داعش المجرمة، أن البعض يقول أن “كل الثوار من داعش وهذا غير صحيح لأن من يدير الموصل هم أهالي الموصل وقيادات الجيش السابق وقيادات عشائرية ترفض تقسيم العراق… وأن أهالي الموصل قلقون على أهالي بغداد والمحافظات الاخرى” (**) . فهل مجرمي داعش أو قيادات الجيش السابق من البعثيين وزعماء العشائر من الثوار؟ هذا السؤال أطرحه على ميسون الدملوجي و”ثوارها” ممن ذكرتهم بعد أن تناقلت الاخبار اليوم أقدام “ثوارداعش” و”ثوار” الجيش العراقي السابق من عتاة البعثيين المجرمين و “الثوار” من زعماء عشائر الموصل الذي بايعوا أمير مؤمنيهم، بأعدام سبعة أطباء ومحامين من أهالي المدينة؟

 

هل نصف ما يقوم به “ثوار ميسون” من بيعهم للأيزيديات في سوق نخاسة الموصل بالعمل الثورّي؟ هل جهاد النكاح الذي يقوم به “ثوارك” عمل ثورّي يا ميسون؟ هل ما جرى في سبايكر عمل ثوري يا ميسون؟ هل بيع أعضاء أطفال “بلدك” عمل ثوري يا ميسون؟ هل أمتهان المرأة وحريتها وحقوقها في الموصل وغيرها من المناطق التي تسيطر عليها العصابات عمل ثوري يا ميسون؟ هل تدمير آثار “بلدك” عمل ثوري يا ميسون؟ هل تدمير الاماكن الدينية والكنائس عمل ثوري يا ميسون؟ نعم، قد يكون عملا ثوريا ولكن وفق آيديولوجية البعث ليس الّا يا ميسون . كما وانني هنا يا ميسون لا أتحدث عن سرقة النفط والآثار ليس لانهما لا يُسرقان، لا ابداً، ولكنك وللأمانة لست الوحيدة في عملية نهبهما فمعك في سرقتهما ثوار آخرين منهم شيعة وسنّة وكورد أي أقطاب المحاصصة التي جاءت بك وبالكثير من العاهات الى حكم العراق في غفلة من الزمن. والآن وأنت ترين – إن كنت ترين – ما يحدث في المناطق التي تحت سيطرة “ثوارك” ليس بالموصل وحدها بل وفي كل مدينة وقرية دنّسها “ثوارك الأشاوس”، من أن أهالي بغداد وبقية المحافظات العراقية لازالوا محط قلقك وقلق أبناء الموصل يا ميسون؟

 

يعرّف المرصد العربي للتطرف والارهاب، على أن الأرهاب “هو أي عمل يهدف إلى ترويع فرد أو جماعة أو دولة بغية تحقيق أهداف لا تجيزها القوانين المحلية أو الدولية “. فالعنف الجسدي والتكفير الفردي والجماعي والأفتاء بهدر دم إنسان أو جماعة أو طائفة، والتخريب والأكراه والتهديد والتهجير والتفجير والتصفية الجسدية أو المذهبية أو العرقية (والتصفية الدينية) ، وأستهداف منشآت البنى التحتية والقتل المنظم للمدنيين حسب نفس المرصد، هي جزء من أشكال رئيسية للأرهاب. فهل مارس “ثوارك” ما جاء في تعريف الأرهاب وفق المرصد العربي أم لا؟ ويبقى ما قمت به يا ميسون من دعمك للأرهابيين وإن تحت مسمى “الثوار” هو شكل من أشكال الأرهاب الذي يعاقب عليه القانون.

 

لو كنت عراقيا لرفعت اليوم أمام القضاء العراقي على الرغم من عدم نزاهته وبالنيابة عن عوائل الأطباء والمحامين المغدورين ومعهم الالاف من ضحايا “ثوار ميسون” في عموم أرجاء العراق، دعوى قضائية أتهم فيه هذه “الثائرة” بتشجيع وتمويل الأرهاب أعلاميا كونها الأدلة الوحيدة التي أمتلكها. ولأنني للأسف الشديد لست بمواطن عراقي فهل سأرى عراقي وعلى الأخص من ذوي الشهداء يقدم على هذه الخطوة، لتكون مدخلا لتقديم كل الارهابيين ولصوص المال العام الى القضاء؟ أليس العراق بلدا ديموقراطيا !؟

 

أسوأ أشكال العهر هو العهر السياسي

 

 

(*) https://www.youtube.com/watch?v=CZWTnRPihCQ

(**) https://www.youtube.com/watch?v=-yfZ-yrvJ-U