د. فالح الحجية:

 

الشعر ديوان العرب مقولة قديمة نجدها في كل كتاب أو حديث عن الشعر ا و الأدب العربي وهذه المقولة تعبر عن ذلك الموقع الاستثنائي الفريد الذي حظي به هذا النوع من الأجناس الأدبية داخل الثقافة العربية. وقد لحق شعرنا العربي مثل غيره من ظواهر الفكر والحياة في مجال تطوير وتبديل كبير في صيغه المختلفة وطرائقه وموضوعاته. والتطور والتبدل ليسا بظاهرة تستوجب الاندهاش والاستغراب، بل الذي ينبغي أن يثير استغرابنا هو ما يلحق الفكر والوجدان من جمود ، وصيغ التعبير مقابل تغير المحيط وتبدل سياقات العيش وعوائد الاجتماع.
ولكن إذا كان هذا التطور والتغير والتبدل حالة حدسية مركزة او ثابتة في مختلف أ مور الحياة، فإن من البديهي ان هذه الظاهرة لا تعني أن كل تطور هو بالضرورة امر إيجابي وأن معارضة التغيير والتقويم النقدي لمنتجاته فعل سلبي صادر عن جمود في الاحساس ونقص في الوجدان، ووقوف ساذج أمام مسيرة الحياة وحركاتها المستمرة. فكثيراً ما تطرح الحياة في سياق تطورها مستجدات ربما تكون في بعضها سلبية، فلا بد من معارضتها ومواجهتها. وان كانت قد تجاوزت السوسيولوجيا ذلك التصور الذي ساد الفكر السوسيولوجي الوضعي ،و أعني به التصور المعتقد بوجود خط تقدمي في تصاعد دوما، وأخذين بالاعتبار النظر إلى الظواهر الاجتماعية بصفتها لا تشهد دائما تسريعا في تقدمها وديمومة حركتها نحو المستقبل .
ومن بين الظواهر السلبية التي أعتقد أنها أصابت الحركة الثقافية في امتنا في الصميم، هذا الشعور الفوضوي الذي سيطر على الذائقة الشعرية، ابتداء من شعر التفعيلة، فانكشفت ازاء ذلك لنا في كل لحظة حالة مضطربة او مهزوزة. و قد يقول البعض: إن الشعر العربي الآن كثيف الإنتاج، جريء في تجربته ، ولم يثبت او يستوي لحد الان على سياق معلوم، ولا حتى على سياقات معلومة مضبوطة ، لذا اصبح التجريب والإكثار من تنوع الشكلية والمضمون والمحاولة الجادة حالة مطلوبة ومرجوة لتطوير فكر الإنسان العربي وثقافته، ولكن ينبغي ان لا نصدر الأحكام على نتاج لم يتحقق اكتماله واستوائه على سوقه . فانا أعتقد أنه ينبغي التقويم والحكم، ليس فقط لأن حركة التجريب في تراكيب وأساليب وأشكال الشعر العربي الحديث في تجربته التى امضى عليها اكثر من نصف قرن لأن مختلف نقاد الشعر وحتى الشعراء أنفسهم يتحدثون عن وجود أزمة في نمطية الشعر العربي حيث أن النقد فعل مطلوب حتى في اللحظات الأولى للتجربة إذ لا بد للنقد أن يرافق العمل الإبداعي ويسايره في مختلف لحظات تطوره، وحتى في بداياته لتقويمه لأنه في كثير من الأحيان ربما يكون صمام الأمان للحركة الإبداعية في نتاجاتها مهما كانت غثه او سمينة وحافزا لها في مسار تطورها وارتقائها .
وإذا كان الوجه الذي تقمصه الحس والذوق الشعري مع قصيدة شاعر ما كان ثوبا عبا سيا أصلا من حيث اللفظة وانتقاء الكلمة وطريقة نظمها فإن حركة البعث او التجديد تشهد تجديدا ملحوظا في اغلب مضامين وموضوعات الشعر العربي حيث ستتناول حتما قضايا اجتماعية وسياسية معبرة عن اراء و آمال وطموحات الشعب العربي وسيستمر هذا النهج مستقبلا سائرا نحو الافضل وقد استطاع الشعر العربي في هذه المرحلة من التفاعل مع اللغة الشعرية وأنماط التعبير خلال ما سمي بعصر الانحطاط، وذاك في تقديري تجديد مهم.
ولست أقصد بهذ ه الحالة التجربة الشعرية المعاصرة فحركة التجديد الشعري لم يكن لها أي فضل لكنها جاءت كسياق تطور بل إن الناظر في واقع الشعر العربي في القرن التاسع عشر، سيرى أن الملكة الشعرية أصابها جفاف او ركود في الشعور و تجمد و تكلس في أساليب التعبير، وكان لا بد من نهضة قوية في الشعر تدفعه الى حدوث التغيير ولنا في حركة البعث والإحياء التي برزت ابتداء من منتصف القرن التاسع عشر مع البارودي اسوة حسنة ، والتي ستلتمع فضل بين لا ينكر.
وإذا كان الثوب الذي ارتداه الشعر والذوق الشعري مع قصيدة البارودي ثوبا عباسيا أساسا، من حيث مواده اللفظية، وطرائق نسجه، فإن حركة البعث شهد ت تجديدا ملحوظا في مضامين وموضوعات الشعر العربي، حيث تناولت قضايا اجتماعية وسياسية معبرة عن آمال وطموحات جماعة الشعب العربي وقد استطاع الشعر العربي في هذه المرحلة المسماة ب( الكلاسيكية ) حلحلة في التكلس الذي أصاب اللغة الشعرية وأنماط التعبير خلال عصر الانحطاط او الركود وذاك في تقديري تجديد مهم .ومن ثم استمر الشعر العربي مع الحركة ( الرومانسية ) متأثرا بشروط وعوامل جديدة و عديدة، من أهمها ما يتصل بالمثاقفة او التزاوج الثقافي والتواصل بين الأدب العربي والآداب الغربية . فكانت نتاجات الرومانسية الغربية تشكل عند شعراء الرومانسية العربية نماذج للاقتداء بها والحذو على نهجها في بناء النظرية الشعرية ونظم القصيدة الشعرية العربية وقد تبين ان الشعر العربي قد تغيرت تعبيريته من النظرة الجماعية إلى النظرة الانفرادية، حيث ا ستثمر الشاعر الرومانسي جانبه العاطفي والوجداني في الذات الشخصية إضافة إلى استحضار روح الشعور الطبيعي. حيث لم يكن التجديد في القصيدة الرومانسية مجرد تجديد في موضوعات الشعر العربي فقط بل مس أيضا اللفظ التعبيري الشعري ذاته ، اذ غابت عن القصيدة الرومانسية الألفاظ الوحشية او الالفاظ الصعبة التي كانت حركة البعث والإحياء تستعملها كثيرا .
فالرومانسية مارست التجديد ليس في الموضوع فقط كما هو شائع، او استحضار ذات الشاعر والطبيعة الموجودة، بل إن التجديد المهم هو تجديد في اللغة الشعرية، حيث تبنت لغة سهلة رائقة نابضة بالحياة. حيث يمكن ان نقول إن أهم عناصر تجديد للثقافة الشعرية العربية بعد الكلاسيكية والرومانسية هو اللغة الشعرية.
فحركة الشعر العربي ستشهد فيما بعد نقلة استثنائية، حيث طال التغيير البنية العروضية للقصيدة العربية، مع حركة الشعر الحر أو شعر التفعيلة ويعتبر الشعر الحر الثورة الثانية على العروض الشعرية الفراهيدية شهدها تاريخ الأدب العربي اذا اعتبرنا ان الثورة العروضية الاولى تمثلت في الموشحات الأندلسية. وقد التمعت أسماء جديدة في فضاء الشعر العربي في منتصف القرن العشرين، بشكل قصيدي جديد، مثل نازك الملائكة، وبدر شاكر السياب، وعبدالوهاب البياتي، ويوسف الخال ، وأدونيس. وصلاح عبد الصبور وامثالهم لكن إذا كانت القصيدة الإحيائية، وكذلك الرومانسية كانتا حريصتين على التوصيل فان حركة الشعر الحر او شعر التفعيلة ستحرص على تكسير هذا التقليد الموجود بتفاعل من إن الشعر خطاب إيحائي وترميز يتميز بكل دلائل الانزياح وكثافة المعنى وتعدد هذه الأبعاد . وإذا كان شعر التفعيلة في بدايته اقتصد او قلل في كثافة الترميز فإن تطوراته اللاحقة سرعان ما أدخلته في سماء ضيقة عندما استقر في الثقافة الشعرية العربية مفهوم خاص عن الشعر يجرده من كل معنى فيه ورسالة له .وربما جاء ذلك بعد سلسلة من التأملات البديهية في ظل النكسات السياسية التي عاشتها الامة العربية في النصف الثاني من القرن العشرين، حيث ولد حالة من اليأس النفسي الثقافي والاجتماعي.
و رغم وجود الحركة التي مست القصيدة العربية في لغتها أو صياغتها – يحق للباحث أن يبحث في حركة التطور التي شهدها الشعر العربي المعاصر عن مصداقية شعار التجديد بسبب ظاهرة تبعيتها وكذ لك التقليد الذي ميز صلة الشاعر العربي بصلة التجربة الشعرية الغربية.. فإذا كان الشاعر الرومانسي العربي ولج من حيث الموضوع للتجربة الرومانسية الغربية فأن شعر التفعيلة لا يعني الدعوة إلى الجمود على عروض الخليل الفراهيدي بل هو يمثل ثورة – كما اسلفت – عليها فالتجديد شمل كل الأساليب الشعرية والأشكال والمضامين ، .
بالنظر إلى ايجاد تغيير في واقع الثقافة ومحيط الاجتماع ولكن النهج الذي سار فيه الشعر المعاصر اغرقه في الغموض وكذلك وافتعال استخدام الأسطورة، وتقليد سريالية الشعور الأوروبي من دون إدراك الأسباب الحضارية والخلفيات الفلسفية التي جعلت الشعر – والثقافة الغربية ككل – ينساق في هذا المسار ثم انهيار قاعدة بناء قصيدة الشعر الحر ذاتها مع ما يسمى بـ ( قصيدة النثر ) او قصيدة النثر المعاصرة التي اوغلت حتى العظم في الغموض والابهام في بداياتها فيؤكد أن هذا السياق الذي سار فيه الشعر العربي في أمسّ الحاجة إلى وقفة ادبية تكشف زيف شعار التجديد وتؤكد ضرورة الإبداع الذاتي الأصيل وتحجيم الغموض في كل من شعر التفعلية وقصيدة النثر .
وفي نظرة سريعة الى ما ينشر حاليا في مواقع النشر الورقية والالكترونية نلاحظ آلاف القصائد لشعراء كثيرين
( جدد) في قصيدة النثر . انها مجرد كلمات نضدت او ألبسوها اثوابا مختلفة من الغموض والابهام ووسموها بانها
قصائد معاصرة .
امير البيـــــان العربي
د, فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى – بلدروز
******************************

4 ديسمبر 09:28 مساءً

شهد الوفاء

شعر – فالح الحجية
جل الاله تكاملت في خلقه
كل المحاسن. صاغها تتسرمد

وكنت انت : فآية لجماله
كملائك في عرشه يتهجّد

شرق الفؤاد كمثله زهر الربى
عطر يفوح وبلسم يتجدد

اشموخ شخصك من رحيق عبيره
كدهن عود بالشذى يتفرد ؟

اذ حل قلبي في هواك زمانه
فيما ملكت من الفؤاد فيجهد

وتعانقت روحي بروحك ساعة
شوق الهوى بصفاء وجد يخلد

وتخيلت نفسي – ونفسك زهرة –
غرستك في روض الجنان لتسعد

كحلاوة الشهد الرضاب تذوّقا
ثغر بثغر والمواجد تزدد

مالت ا ليك عواطف ريّانة
فتشوقت وتولهت تتوجّد

ألقت عليك غلائلا من سندس
بيضاءة طرّزتها تتورّد

انت العروسة فالعيون قريرة
فتعانقت .روحي بروحك تسعد

**********
كل الهموم تبخّرت بوصالنا
يازهرة بين الورود تزغرد

يا شوق قلب قد شجت ألحانه
ألحانه بنغماته تتوحّد

أشواق قلبي في رضاك تغلغلت
نفسي لنفسك بالسعادة ترفد

فكل شيء في الحياة نواله
برضا ئنا عن بعضنا يتقيّد

فشجية أنفاس لحن لقائنا
نحن البلابل في الجنان نغرّد

****************
كل الورود غرستها لتحيطنا
بأريجها وللسعادة نحصد

في جلسة وسط الظلا ل جلستها
فتزاحمت أنفا سنا تتمرّد

زهر القطيفة والجمال يحفنا
والروز ينثر عطره يتجد د *

والفلّ يقطر من شذاة أريجه
مابين ابيض او احمر يتورد *

واللال وردي الجوانب خضرة
في صفرة في لونه يتبرجد *

وزهيرة زرقاء تنثر عطرها
بين الورود جمالها يتسيّد *

كل الورود تجمّعت مزدانة
فتعطّرت ارواحنا تتوجد

تضفي الى شوق جديد جدّة
بعبيرها مزيونة تتمرد

في كل قلب للامان مساحة
تجلوه عن فعل الحرام فيجهد

فان غفوت وفي عيونك هجعة
فانهض قبيل الفجر لربك تسجد

وافتح فؤادك للرجاء تلهفا
واركع لربك ساجدا فتسعد

فجمال وجه الله في نفحاته
نور الى نور الهداية يرفد

شعر
فالح نصيف الحجية
العراق- ديالى – بلدروز

• القطيفة والجمال والروز- انواع من الورود
• الفل – ورد الرازقي ذو اللعطرالفواح
• واللال – ورد اللالة عباس بالوانه المختلفة ومنها الاصفر
• زهيرة زرقاء – زهرة نبات عش الغراب الزرقاء اللون
******************

منذ 34 دقائق

4
في ذكرى ميلاد الحبيب المصطفى

من وحي الايما ن

شعر – فالح الحجية

مفاخر يهواها الفؤاد جوامعه

كانداء فجر ضاحيات طوالعه

شلال نور كالنهار توهجت

وبالافق العلوي تزهو منابعه

في كل عرق للفؤاد مباهج

تثير ومحمر الورود دوافعه

وعلى ورق الاشجار تشدو بلابل

لحنا يداوي للفؤاد مواجعه

يا نازعات الروح رفقا بقلبه

فان الذي فيه لا يكفي نوازعه

ان الشذى الفواح يسمو اريجه
عطورا فتبقى ذائعات روائعه

نور من الايمان يغشي نفوسنا

تسامت معانيه وصيغت روافعه

فليس عجيبا ان نكون عبيده

هو الخالق البارى الجليل نطاوعه

تدفق كالينبوع ماء زلاله

تعالت سجاياه وفاضت مراجعه

تعالى عن الاوصاف علو سمائه

هو الحق تستهدي النفوس صنائعه

اني بذكر الله في كل لحظة

فؤادي سعيد والحياة تواقعه


يقيناً بأن الله بالغ امره
يروي فؤاداً ضامئات اخادعه

تناهى عن الانظار سيماء قادرً

يشع سناءاً ساطعات سواطعه

جنات عدن زاهيات ظلالها

رياض ومخضر الجوانب طالعه

فتداعب امواج البحار قصائد

فموج يغطيه وريح تدافعه

من غاص في قعر البحار تكشفت

لعينيه اسباب الحياة تقارعه

ومن خاف من علو الجبال وشهقها

يعيش تعيسا والامور تنازعه

ومن عاش في هذي سعيداً بخبثه

ستصلى- بأخرا ه جحيماً- اضالعه

ومن كانت الدنيا مسا رحياته
ترديه في نار الجحيم صنائعه

تسودّ في عينيه كل حقيقة

حتى كأن الله بالشر صافعه

ومن اشرق النور العظيم بقلبه

سيعيش هنيئاً والامنيات طلائعه

ومن يتقي الله العظيم مهابة

يوسعْ له من امره و يضارعه

ومن يتقي الله العظيم مخافة

يحيا عزيزا والجنا ن تطالعه

من يتقي الله العظيم ويخشه

يبسط له في ر زقه ويواسعه

ومن بذكر الله يشغل قلبه

يهديه وجنات النعيم مرابعه

صلى الا له على الحبيب محمد

نور الهدى كل القلوب سوامعه