… يحل يوم الاول من آيار، عيد العمال العالمي، فتطير بك الذكريات – ايها “الثوري المتقاعد!!!” – وذلك الى اربعة عقود خلت، ولعامي 1975 – 1976  تحديدا، حين كُلفتَ، فأستجبتَ، لأن تُنسب الى مهمة سياسية جديدة، أضافية، وهي عضوية “مكتب العمال المركزي” في الحزب الشيوعي العراقي….

   وهكذا رحتَ، تنشط، – الى جانب مسؤولياتك الحزبية في الهيئة القيادية لتنظيمات الحزب الطلابية ببغداد- في رحاب اضافية، هي على اقل وصف، ارحبُ واهمُّ قطاعات النضال والنشاط للحزب الشيوعي، حزب العمال والفلاحين، اولا وقبل كل شئ آخر، كما ينبغي آنذاك ..

… ولأن الحدث قد مرّ عليه اكثر من عقود، فلا تخف – ايها الثوري المتقاعد – من ان “تكشف !”  ما قد يراه البعض اسرارا، فتقول ان ذلك المكتب المركزي، كان يتشكل من- مع حفظ الالقاب والصفات والسمات -: عبد العزيز وطبان، مسؤولاً، ومن بين اعضائه صادق جعفر الفلاحي، وآخرون من ممثلي المنظمة العمالية ببغداد، وها انت بينهم معنياً بشؤون النشر والاعلام، والتثقيف، ومهام نقابية، اخرى.. اما اجتماعاته الاسبوعية او الدورية، فكانت تعقد في الغرفة المحددة له بمقر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، ببغداد..

   ولتضف موضحا باختصار: ان مكتب العمال المركزي، تشكل ليكون هيئة استشارية مختصة، تتبع قيادة الحزب، للعناية بالنشاط الشيوعي، وتوجهاته في النقابات العمالية،  مركزا وفروعا، وجميعها راحت آنئذٍ، تحت سيطرة وهيمنة مسؤولي الحزب الحاكم، واعضائه، ومؤيديه، عن حق وباطل.. ذلك الى جانب اهتمامه – المكتب-  بالجوانب الفكرية والاقتصادية والاعلامية، للشؤون التي تخص عمال العراق وحياتهم وتطلعاتهم، ونضالاتهم المطلبية والاجتماعية، وحقوقهم النقابية وغيرها …

 ولتوثق هنا في هذه المحطات والخلاصات – ايها الناشط العمالي هذه المرة!- انك قد كلفت في المكتب، بمتابعة شؤون صفحة حياة العمال والفلاحين في جريدة الحزب المركزية، العلنية في ذلك الوقت: طريق الشعب. وتبعاً لذلك فقد كان التنسيق بشأن الامر يتم، بهذا الشكل والقدر او ذاك، مع المسؤول السياسي عن الصفحة، عبد السلام الناصري- ابو نصير، عضو اللجنة المركزية للحزب.. ومن بين ذلك التنسيق ايضا حضور اجتماع هيئة تحرير الصفحة احيانا، وكان المسؤول الصحفي عنها، الشاعر المبدع :مخلص خليل..

   كما لتتذكر ايضاً، وتصرح، – ايها الثوري المتقاعد- بان المهام داخل مكتبـ (كم) العمالي الشيوعي المركزي، كانت موزعة على هذا النحو: شؤون الدراسات الاقتصادية – الاجتماعية ذات العلاقة، عند عبد العزيز وطبان، وشؤون التنظيم النقابي، عند صادق الفلاحي.. ومما تطير اليه الذاكرة، انك قمت بتهيئة عدد من المحاور والخلاصات، تم التداول حولها، ومناقشتها، لعل من اهمها حول:

  • الثورة التكنولوجية، ومواصفات الطبقة العاملة الجديدة، والمتغيرات المستقبلية.
  • التنظيمات النقابية في ظل سلطة البرجوازية الصغيرة، والموقف من وجود اكثر من تنظيم واطار نقابي عمالي، في بلد واحد.
  • – ضرورات تحول هيئاتنا الشيوعية الحزبية من تنظيمات قطاعية (طلاب، مثقفين، عمال، موظفين…) الى تنظيمات محلية مختلطــة في مناطــق سكنية واحدة (مدينة، بلدة، محلة، قرية…).

    ومن المؤسف ان تلك الخلاصات والوثائق، قد فقدت، او ضاعت او اهملت، لسبب أو اخر، دون ان يصار الى ارشفتها وحفظها، برغم انها كانت خطوطا ومؤشرات واتجاهات، وليست دراسات موسعة، وقد قمت بنشر بعضها تحت عنوان ” نقابيات” في الصفحة الاسبوعية المتخصصة بالمنظمات المهنية، التي كنت مسؤولا عنها، لعدة سنوات، في “طريق الشعب” الصحيفة المركزية للحزب.

   ولكي لا تكون هذه الذكريات، وهي عجولة – عاجلة، ثقيلة او مملة، فلتلطفها – ايها الثوري المتقاعد-  ببعض اللقطات التي تظنها مناسبة، ومن بينها كيف كان صادق جعفر الفلاحي، يناكدك ممازحاً، فيرحب بك حين يلتقيك بالقول: اهلا بالشيوعي العامل، والطالب، والمهندس، تلميحاً لمسؤوليتي، في ان واحد: في اللجنة المحلية الطلابية الشيوعية ببغداد، وعضويتي في مكتب العمال المركزي.. وكذلك الى عملي الوظيفي مهندسا تنفيذيا في مؤسسة استصلاح الاراضي، بوزارة الري..

  ولأن اللقطة تجر اخرى، خلاصتها: ان مهمتي الوظيفية، في اوائل السبعينات، كانت تحمل المسؤولية عن نحو 120 عاملا زراعيا، وميكانيكيا، واداريا، وذلك في احد مشاريع مؤسسة التربة واستصلاح الاراضي، في اللطيفية… وكان من بين اولئك العمال والعاملين، رجل فارع الطول، ذو شخصية مؤثرة، مسؤول عن العمال الميكانيكيين. وقد تقربت منه، وتقرب مني، ثم نويّت السعيّ لترشيحه الى الحزب.. وبعد، وخلال فترة مهمتي في مكتب العمال المركزي، واذ بذلك الرجل يحل ضيفاُ معنا في احد اجتماعات المكتب، وكان: المناضل والنقابي المخضرم، عبد الامير عباس- ابو شلال، عضو اللجنة المركزية للحزب، او المرشح لها لسنوات مديدة …

 اما اللقطة الثالثة والاخيرة، فهي ماجرى لبيان كُلفت بصياغته بمناسبة عيد العمال العالمي،  في الاول من آيار عام 1975 وانجزته حقاً في الموعد المقرر، ليقوم ابو ذكرى- عبد العزيز وطبان، بـ”تهذيبه” اول الامر “من الخارج عن المألوف”  ثم لـ”ينقحـه” سياسيا بعد ذلك، ابو نصير – عبد السلام الناصري، ولينشر فعلاً في يوم المناسبة، على الصفحة الاولى من عدد “طريق الشعب” – الصحيفة المركزية للحزب الشيوعي العراقي… ولكن- وهنا اللقطة – فقد نُشر البيان الذي اعددته باسم مكتب العمال المركزي، ولكنه خرج للنشر بعد “التهذيب” و”التنقيح” وكأنه مكتوب لكل آن وزمان ومكان، وقد يصلح ايضا لمناسبة طلابية او ثقافية او غيرها، لو غُيرت كلمة او اثنتان فيه .. وقد مرّ الامر دون تعقيد، مراعاة للتحالف الجبهوي القائم حينئذِ، خاصة وان “الثوري المتقاعد” صاحب مسودة البيان، وصياغته الاولى كان ملكياً اكثر من الملك، متفائلاُ بالتحالف السياسي القائم في تلك الفترة، ومؤمناً بان كل ما يكون، ممكن، من اجل السير بالشعب والوطن الى امام!!!!….. ولكن، جاءت النتائج معروفة، وبعد فترة وجيزة ليس إلا، وكان ماكان، وحدث ما حدث، من جانب حزب البعث الحاكم، واجهزته الارهابية…