ماذا حصل ببيروت و باريس ؟

كتابة : د. رعد مقبل العبيدي

في وسط الكارثة، و الحزن العاصف، و ألم الفاجعة، لا يسمح المقام بأن نطيل، أو نذكر ما أذيع و ما قيل، لذا نختصر التفاصيل، و نسرع الى القول : من له ذرة من ضمير و إحساس إنساني و شعور بالكرامة، لا يمكن أن يرتكب مطلقاً مثل هذه الجرائم البشعة، و لكن هل يكفي أن نستنكر و نشجب؟ لينتهي ما علينا من واجب؟ أم يفترض أن نعرف و نبحث عن أسباب نشوء هذه الظاهرة، و من يقف وراءها، و لمصلحة من يتم تكرارها في هذه الدولة أو غيرها ؟ و مما تجدر الإشارة اليه الآن، التذكير بكتابات العنصرية الصهيونية ضد المسلمين و الأمة العربية، و ما تركته من آثار سلبية، فمن واجب العالم المتحضر و قوى الإنسانية، أن تدين بشدة و تستنكر بقوة الكتابات العنصرية، التي تنظر للإنسان العربي و المسلم نظرة دونية، مما هو مشهور ومعروف عن الكتاب الصهيونيين و الأمريكان المتصهينين، من مثل د.برنارد لويس و د.هنري كيسنجر و د.صموئيل هنتنجتون و د. فوكوياما و غيرهم، و لابد من كشف مخططات الموساد الصهيوني الذي تعاونه سراً و علانيةً أجهزة المخابرات الغربية عامة و الأمريكية خاصة، كما على الدول الغربية أن تنتبه على خطر المجازر التي ترتكبها ضد دول عربية و إسلامية، فلم يعد يجدي أن تتذرع بحجج و أعذار كاذبة و واهية، لتسويغ جرائم مما قامت به في العراق و ليبيا و سورية و اليمن و الصومال و أفغانستان و بورما و السودان، و يتوجب على الأمريكان و الصهاينة و إيران، الكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للوطن العربي و العالم الإسلامي، كما عليهم جميعاً أن لا يدعموا و لا يؤيدوا حكاماً عرباً طغاة بددوا ثروات الأمة العربية على ملذاتهم، بينما تقوم الأجهزة الأمنية و العسكرية الأمريكية و الصهيونية بتأمين الحماية لهم، و لأنظمتم العربية التي أبتليت بها شعوبهم، لا لشيء إلا للحصول على ما تدفعه هذه الأنظمة المتخلفة الغبية، من مليارات الدولارات، للسياسيين الأمريكان و الصهاينة، للحصول على رضا و تزكية و حماية، من هؤلاء المستعمرين و القتلة أعداء الشعوب و الإنسانية، و يجب أن لا ننسى أن ما توصف بحركات الجهاديين الإسلاميين قد أسسها الموساد و المخابرات الأمريكية، و هم الذين أجبروا دولاً عربية على تمويل ذلك بحجة واهية، هي محاربة الكفار الشيوعيين في دولة أفغانستان الإسلامية ، و كأن النظام الأمريكي و الكيان الصهيوني، هما من ملائكة الرحمة، و حماة الإيمان و الأديان، المنزلة في الكرة الارضية، بتكليف من السماء، كما ادعى المجرم بوش الإبن بلا خجل و لا حياء، و لم يتذكر أحد أن فلسطين قد أُغتصبت و فيها ملايين من المسلمين و المسيحيين، شردوا من ديارهم بلا وجه حق، منذ سنين طويلة، من دون أن يرتكبوا أي ذنب أو جريمة، و من أفغانستان انتقل كالسرطان، سم هذه الجرائم الى أنحاء العالم، و بعد سقوط و تفكك الإتحاد السوفياتي، إنتشت الصهيونية و القيادات السياسية الأمريكية، و أصيبت بالغرور و الكبرياء، و أخذت تفصح علانيةً عن العداء، مما تبيته للعرب خاصة و المسلمين عامة، فأعلنوا أن الإنتصار النهائي للحضارة الصهيو – أمريكية يستلزم إسقاط الإسلام، مثلما أسقطت الشيوعية، و للوصول الى تحقيق هذا الهدف، حصلت هذه الجرائم المنكرة بإسم الإسلام، بتوجيه و تخطيط و إيعاز أجهزة الموساد و رجالها، و المخابرات الأمريكية و عملائها، و القصد واضح منها، لمن له عقل سليم، و يمتلك الوعي و التحليل القويم، لمعرفة حقائق الأحداث و مسبباتها، و من يقف وراءها، و لمصلحة من يجري القيام بها ؟ إذ نجحت جرائم القتل و التفجير في خلق حالة من العداء السافر، للعرب و المسلمين على نحو ظاهر، و في المقابل أوجدت ردود فعل عربية و إسلامية، تجعل الإنسان العربي يكره نفسه، و يخجل من عروبته، و تدفع المسلم الى الشك بعقيدته، و ظهور حالة تشبه الردة عن دينه، و تجعل الكل يحس بعقدة و تأنيب الضمير، و كأن كل مسلم هو مرتكب هذه الجرائم، أو مشارك فيها بصورة حقيقية أو رمزية، و هذا ما هو حاصل الآن، و صار يعاني منه كل عربي و مسلم أينما كان، و لأن الحركة الصهيونية صاحبة نفس طويل، فقادتها يعتقدون أنه بمرور الوقت، و تراكم وقوع هذه الجرائم، فإن الحصيلة ستكون هزيمة الإسلام، و تفتيت الوطن العربي على أسس طائفية و عنصرية، و تقسيمه الى دويلات مدن تتصارع و تتقاتل كزمن الجاهلية، و عندها يبرز الكيان الصهيوني قوة موحدة مقتدرة، تستطيع تأمين الحماية لقوى الرأسمالية العالمية عامة و الأمريكية خاصة، و هي تستحوذ على ثروات الوطن العربي، و تجعله سوق استهلاك للإنتاج الصهيو – أمريكي، و هكذا يتحقق الإنتصار النهائي للحركة الصهيونية و الرأسمالية الأمريكية، أما عن الخسائر البشرية، فقد أعلن د.هنري كيسنجر و بكل وقاحة وصلف، يجب أن لا نأسف على موت من يموت، لأن نهاية الحياة هي الموت، وإذا كانت هذه نظرتهم للبشر، فالخسائر المادية بالنسبة لهم لا تعني شيئاً، فهذه يسهل تعويضها دائماً.
فهل يا ترى ما حصل جرائم تفجير و قتل ببيروت و باريس،
أم طعن للإسلام و تشويه و تدنيس ؟؟؟