بمنتهى الصراحة وبكل الأسف، تتحول المناسبات الدينية الشيعية، وبخاصة ذكرى استشهاد الإمام الحسين والأربعين وذكرى استشهاد الإمام موسى الكاظم، عاماً بعد آخر إلى نقمة لكثير من الناس، أغلبهم من الشيعة. والملوم وزارتا الداخلية والدفاع.
الليلة قبل الماضية عرضت قناة “الحرة عراق” تقريراً من مدينة الحلة، تحدث فيه رجال ونساء من سكان المدينة عن معاناة غير مبررة يواجهونها هذه الايام بسبب اقدام القوات الأمنية على قطع طرق رئيسة في المدينة واغلاق طرق فرعية داخل الاحياء والضواحي، بدعوى توفير الأمن للمشاة من زوار كربلاء لمناسبة الأربعين.
نهاية الأسبوع الماضي زرتُ الأهل في الحلة، وقد كابدت شخصياً مشقة الوصول الى المدينة وبيت الاهل والعودة الى بغداد.. فبسبب اغلاق جزء من الطريق الرئيسة الموصلة الحلة بكل من العاصمة والنجف والديوانية وكربلاء وطرق أخرى داخلية كان لزاماً علي وعلى كل المسافرين البحث عن طريق بديلة عديدة وطويلة والدخول الى أحياء لم تزل غارقة بمياه الأمطار.
وهنا في بغداد احتجت أول من أمس إلى نحو ساعتين للوصول من المنصور الى شارع أبو نواس.. كانت الطريق عبر علاوي الحلة والصالحية مختنقة بآلاف السيارات من ساحة النسور الى العلاوي، وكذا حال الطريق المارة عبر القادسية الى جسر الجادرية. لكن الغريب ان الحركة على هذه الطرق نفسها كانت أمس يسيرة، لكن زملاء ومعارف تحدثوا أمس عن تجارب مريرة لهم في التنقل داخل العاصمة وبين أطرافها.. الأمر كله اذاً يتعلق بإجراءات القوات الامنية، فإن عمدت الى التشدد المبالغ فيه أصبحت الحركة قاتلة، واذا ما نحت الى التخفيف مضت الأمور بيسر.
مرة أخرى وأخرى نقول ان القوات الأمنية غالباً ما تلجأ في مثل هذه الظروف الى أسهل الحلول للتخفيف عن نفسها والإثقال على المواطنين، فهي تُغلق طرقاً رئيسة من دون توفير طرق بديلة.
في يوم عاشوراء الماضي عمدت قيادة عمليات بغداد الى حظر التجوال في العاصمة منذ الصباح الباكر من دون سابق إعلان وإنذار، وتسبب ذلك في معاناة كبيرة لمئات الالاف من الناس، وقد كتبت عن هذا يومها تحت عنوان “وعثاء السفر من بغداد”، كما كتبت منذ اربعة أيام داعياً الى عدم الاساءة للحسين وقضيته بإجراءات أمنية تلحق اضراراً بناس عاديين وكسبة وأصحاب مصالح وموظفين.
الخوف الآن أن يتكرر مشهد يوم عاشوراء خلال الايام القليلة المقبلة، فليس مستبعداً ان نصحو يوم الاربعين أو قبله على حظر للتجوال غير معلن أيضاً (نفسي أكتشف الحكمة وراء عدم الاعلان عن حظر التجوال).
رجاءً ، رجاءً، يا مسؤولي الأمن، لا تحولوا مناسبة أحياء محنة الامام الحسين وسواه من أهل البيت إلى نقمة.