في رحاب الأيام الفاطمية / الجزء السادس
بقلم : عبود مزهر الكرخي
التوطئة للهجوم الأخير
فقال عمر لأبي بكر: ما يمنعك أن تبعث إليه فيبايع..(1)؟! وإن لم تفعل لأفعلن. ثم خرج مغضباً وجعل ينادي القبائل والعشائر: أجيبوا خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)! فأجابه الناس من كل ناحية ومكان..! فاجتمعوا عند مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)فدخل على أبي بكر وقال: قد جمعت لك الخيل والرجال(2).. فقال له أبو بكر: من نرسل إليه؟ قال عمر: نرسل إليه قنفذاً فهو رجل فظّ غليظ جاف من الطلقاء، أحد بني عدي بن كعب، فأرسله وأرسل معه أعواناً(3)، وقال له: أخرجهم من البيت فإن خرجوا وإلاّ فاجمع الأحطاب على بابه، وأعلمهم إنّهم إن لم يخرجوا للبيعة أضرمت البيت عليهم ناراً.(4)
فانطلق قنفذ واستأذن على علي (عليه السلام) فأبى أن يأذن لهم، فرجع أصحاب قنفذ إلى أبي بكر وعمر ـ وهما جالسان في المسجد والناس حولهما ـ فقالوا: لم يؤذن لنا، فقال عمر: اذهبوا! فإن أذن لكم وإلاّ فادخلوا بغير إذن.. فانطلقوا فاستأذنوا، فقالت فاطمة (عليها السلام): ” أحرّج عليكم أن تدخلوا على بيتي بغير إذن.. ” فرجعوا وثبت قنفذ، فقالوا: إنّ فاطمة قالت: كذا وكذا.. فتحرّجنا أن ندخل بيتها بغير إذن.
الهجوم الأخير
فغضب عمر وقال: ما لنا وللنساء..؟! ثم أمر أُناساً حوله بتحصيل الحطب.(5)
((وهنا نقول هل فاطمة الزهراء(عليها السلام) كباقي النساء وهنا نقول أن فاطمة الزهراء(ع) هي كمثل النساء الأخريات أم هي سيدة نساء العالمين وأهل الجنة وبضعة الرسول الأعظم والذي يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها وهل يجوز دخول بيت رسول الله وحرقه وهي بيوت طهرها الله من الرجس وهي معدن الرسالة ومختلف الملائكة ومهبط… ))
وفي رواية: فوثب عمر غضبان.. فنادى خالد بن الوليد وقنفذاً فأمرهما أن يحملا حطباً وناراً(6) فقال أبو بكر لعمر:
إئتني به بأعنف العنف..(7)! وأخرجهم وإن أبوا فقاتلهم(8)، فخرج في جماعة(9) كثيرة(10) من الصحابة(11) من
المهاجرين والأنصار(12) والطلقاء(13)والمنافقين(14) وسفلة ا لأعراب وبقايا الأحزاب.(15)
وفي رواية: إنّهم كانوا ثلاثمائة.(16)
وتجمع الروايات ان المهاجمين كانوا :
(1)عمر بن الخطّاب.(2) خالد بن الوليد(17).(3) عبد الرّحمن بن عوف.(4) ثابت بن قيس بن شمّاس(18).(4) زياد بن لَبِيد(19).(5) محمّد بن مَسْلَمَة(20).(6) زَيْد بن ثابت(21).(7) سَلَمَة بن سلامة بن وَقَش(22).(8) سَلَمَة بن أسلم(23).(9) ـ أُسَيد بن حُضير(24).
وهنا تعددت الروايات المهم أن أنه بدا الهجوم وبقيادة عمر وأبو بكر وكان معهم عبد الرحمن بن عوف وخالد بن الوليد وأبو عبيدة الجراح وقنفذ وهم التي تجمع الروايات على وجودهم في حرق البيت وهنا لابد من وقفة لنعرف ماذا دار من حديث وما حصل وبالتفصيل الممل ومن المصادر التي تجمع على حدوث ذلك وهو كسر ضلع الزهراء روحي لها الفداء وإسقاط جنينها وضربها بالسوط.
فجاء عمر ومعه فتيلة(24). وفي رواية: أقبل بقبس من نار(25)، وهو يقول: إن أبوا أن يخرجوا فيبايعوا أحرقت عليهم البيت.. فقيل له: إنّ في البيت فاطمة، أفتحرقها؟! قال: سنلتقي أنا وفاطمة(26)!!.
فساروا إلى منزل علي (عليه السلام) وقد عزموا على إحراق البيت بمن فيه(27). قال أُبي بن كعب: فسمعنا صهيل الخيل، وقعقعة اللجم، واصطفاق الأسنة، فخرجنا من منازلنا مشتملين بأرديتنا مع القوم حتى وافوا منزل علي (عليه السلام)(28). وكانت فاطمة (عليها السلام)قاعدة خلف الباب، قد عصبت رأسها ونحل جسمها في وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(29)، فلما رأتهم أغلقت الباب في وجوههم وهي لا تشكّ أن لا يدخل عليها إلاّ بإذنها(30)، فقرعوا الباب قرعاً شديداً(31)ورفعوا أصواتهم وخاطبوا من في البيت بخطابات شتّى(32)، ودعوهم إلى بيعة أبي بكر(33)، وصاح عمر:
يا بن أبي طالب! افتح الباب(34)..!
والله لئن لم تفتحوا لنحرقّنه بالنار(35)..!
والذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقنّ البيت عليكم(36)..!
اخرج يا علي إلى ما أجمع عليه المسلمون وإلاّ قتلناك(37)..!
إن لم تخرج يابن أبي طالب وتدخل مع الناس لأحرقنّ البيت بمن فيه(38)..!
يا بن أبي طالب! افتح الباب وإلاّ أحرقت عليك دارك(39)..!
والله لتخرجن إلى البيعة ولتبايعنّ خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإلاّ أضرمت عليك النار(40)..!
يا علي! اخرج وإلاّ أحرقنا البيت بالنار(41)..!
فخرجت فاطمة (عليها السلام) فوقفت من وراء الباب، فقالت: ” أيها الضالّون المكذبون! ماذا تقولون؟ وأيّ شيء تريدون؟ ” فقال عمر: يا فاطمة! فقالت: ” ما تشاء يا عمر؟ ” قال: ما بال ابن عمّك قد أوردك للجواب وجلس من وراء الحجاب؟
فقالت:” طغيانك يا شقيّ أخرجني وألزمك الحجّة.. وكلّ ضالّ غوي “.
فقال: دعي عنك الأباطيل وأساطير النساء!! وقولي لعلي يخرج. (( ونقول هنا هذا يبين مدى فظاظة عمر وقوها على بضعة رسول الله أنها تقول الأباطيل والأساطير فما هذا التجرؤ على الرسول الأعظم محمد(ص) والتجاوز عليه وهتك حرماته))
فقالت: ” لاحبّ ولاكرامة، أبحزب الشيطان تخوّفني يا عمر؟! وكان حزب الشيطان ضعيفاً “.
{ونقول أليس هو نفس الحزب الذي جاهد في سفك الدم الزكي لأبي عبد الله الحسين(ع) وأهل بيته وأصحابه المنتجبين}.
فقال: إن لم يخرج جئت بالحطب الجزل وأضرمتها ناراً على أهل هذا البيت وأحرق من فيه، أو يقاد علي إلى البيعة(42)..!
فقالت فاطمة (عليها السلام): ” يا عمر! ما لنا ولك لا تدعنا وما نحن فيه؟ ” فقال: افتحي الباب وإلاّ أحرقنا عليكم بيتكم(43)..
فقالت فاطمة (عليها السلام): ” أفتحرق عليّ ولدي(44)؟! ” فقال: إي والله أو ليخرجنّ وليبايعنّ.(45)
وفي رواية: ” يابن الخطاب! أتراك محرقاً عليَّ بابي؟! ” قال: نعم.(46)
قالت: ” ويحك يا عمر! ما هذه الجرأة على الله وعلى رسوله؟! تريد أن تقطع نسله من الدنيا وتطفئ نور الله والله متمّ نوره؟! ” فقال: كفّي يا فاطمة! فليس محمّد حاضراً! ولا الملائكة آتية بالأمر والنهي والزجر من عند الله! وما عليّ إلاّ كأحد من المسلمين، فاختاري إن شئت خروجه لبيعة أبي بكر أو إحراقكم جميعاً..!
((ونلاحظ الجرأة على نبينا الأكرم محمد(ص) وكذلك ليصل إلى الكفر بالملائكة وبكل الثوابت لديننا الحنيف وعدم الاعتراف بها وهذا هو امتداد الفكر الوهابي والسلفي والذي بدأ منذ ذلك الوقت)).
فقالت ـ وهي باكية ـ: ” اللّهم إليك نشكو فقد نبيّك ورسولك وصفيّك، وارتداد أمّته علينا، ومنعهم إيّانا حقّنا الذي جعلته لنا في كتابك المنزل على نبيّك المرسل “.
فقال لها عمر: دعي عنك يا فاطمة حمقات [حماقات] النساء! فلم يكن الله ليجمع لكم النبوّة والخلافة(..!!. ( 47)
{وهذا ما أشرنا إليه أنفاً في كراهة العرب في أجتماع النبوة والخلافة في بيت بني هاشم وهو الحسد ونظرة الملك والمصالح لدينوية كما هل أن السيدة الزهراء تأتي بحماقات وهي التي يقول الرسول الأعظم محمد(ص) ويصفها ((بأم أبيها))؟!}
فقالت: ” يا عمر! أما تتقي الله عزّ وجلّ.. تدخل على بيتي، وتهجم على داري؟! ” فأبى أن ينصرف.(48)
وهنا نتوقف لنكمل في جزئنا القادم إن شاء الله وأن كان لنا في العمر بقية إحراق بيت فاطمة الزهراء(عليها السلام من خطوب وأمور جلل يعجز القلم عن وصفها والإحاطة بها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1. كتاب سليم: 83.
2. الكوكب الدرّي: 1/194 ـ 195.
3. كتاب سليم: 82.
4. الجمل: 117.
5. كتاب سليم: 83.
6. كتاب سليم: 250.
7. أنساب الأشراف: 1/587 ـ 588.
8. العقد الفريد: 4/259، (ط المصر).
9. اليعقوبي: 2/126 ; المسترشد: 377 ـ 378.
10. شرح نهج البلاغة: 6/49 ; الأحتجاج: 80.
11. الكشكول: 83 ـ 84.
12. تاريخ الخميس: 2/169.
13. علم اليقين: 2/686.
14. المصدر السابق ; مؤتمر علماء بغداد: 63 ; كامل بهائي: 1/305 ; حديقة الشيعة: 30.
15. مصباح الزائر: 463 ـ 464.
10. جنات الخلود: 19.
17 ـ أبو سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبداللّه بن عمر بن مخزوم القرشي، واُمّه لبابة بنت الحارث بن الحزن الهلالية اُخت ميمونة زوجة النبيّ، وكانت إليه أعنّة الخيل في الجاهلية، هاجر بعد الحديبية وشهد فتح مكة وأمّره أبو بكر على الجيوش، وكان يقال له سيف اللّه! توفّي بحمص أو بالمدينة سنة 21 أو 22 ه‍‍ . الاستيعاب 1 / 405 ـ 408.
18 ـ ثابت بن قيس بن شمّاس بن زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب ابن الخزرج الانصاري، شهد أُحداً وما بعدها وقتل مع خالد في اليمامة. الاستيعاب 1 / 193، والاصابة 1 / 197.
130 زياد بن لَبِيد بن ثعلبة بن سنان بن عامر بن عديّ بن اُميّة بن بياضة الانصاري من بني بياضة بن عامر بن زُريق مهاجريّ أنصاريّ، خرج إلى رسول اللّه بمكة وأقام معه حتى هاجر معه إلى المدينة، شهد العقبة وبدراً وما بعدها، مات في أوّل خلافة معاوية. الاستيعاب 1 / 545، والاصابة 1 / 540. في نسبه بجمهرة ابن حزم ص 356 سقط بياضة.
19 ـ محمّد بن مسلمة بن سلمة بن خالد بن عديّ بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج ابن عمرو بن مالك بن الاوس، شهد بدراً وما بعدها. وكان ممن لم يبايع عليّ بن أبي طالب ولم يشهد معه حروبه وتوفي سنة 43 أو 46 أو 47 ه‍‍ . الاستيعاب 3 / 315، والاصابة 3 / 363 ـ 364. ونسبه في جمهرة ابن حزم ص 341.
20 ـ راجع أنساب الاشراف 1 / 585.
21 ـ أبو عَوف سَلَمَة بن سلامة بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الاشهل الانصاري، واُمّه سلمى بنت سلمة بن خالد بن عدي الانصارية، شهد العقبة الاُولى والاخرة ثم شهد بدراً وما بعدها، توفي بالمدينة سنة 45 ه‍‍ . الاستيعاب بهامش الاصابة 2 / 84، والاصابة 2 / 63.
22 ـ أبو سعيد سلمة بن أسلم بن حريش بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج ابن عمرو بن مالك بن الاوس الانصاري، شهد بدراً وما بعدها وقتل يوم جِسر أبي عبيد سنة 14 ه‍‍ . الاستيعاب 2 / 83، و الاصابة 2 / 61.
23 ـ الطبري: 2 / 443 و 444، وأبو بكر الجوهري حسب رواية ابن أبي الحديد 2 / 130 ـ 134 و 2 / 19 و 17 في جواب قاضي القضاة الثاني.
24. أنساب الأشراف: 1/586.
25. العقد الفريد: 4/242 (مكتبة النهضة المصرية) ; تاريخ أبي الفداء: 1/156.
26. الشافي، لابن حمزة: 4/173.
27. العقد الفريد: 4/242 ; تاريخ أبي الفداء: 1/156 ; أمالي المفيد: 50 ومصادر أخرى
28. الكوكب الدرّي: 194 ـ 195.
29. كتاب سليم: 250.
30. تفسير العياشي: 2/67 ; الاختصاص: 186.
31. دلائل الامامة: ج 2، عنه بحار الأنوار: 30/290 ; الكشكول، للآملي: 83 ـ 84.
32. حديقة الشيعة: 30.
33. الشافي لابن حمزة: 4/171.
34. كتاب سليم: 250.
35. علم اليقين: 2/687 ; التتمة في تواريخ الائمة (عليهم السلام): 52.
36. السقفة للجوهري عنه شرح نهج البلاغة: 2/56 ; قريب منها: الطبري، 3/202 ; المسترشد: 378 وغيرها.
37. الهداية الكبرى: 406 ; بحار الأنوار: 53/18.
38. الكشكول: 83 ـ 84.
39. كامل بهائي: 1/305.
40. كتاب سليم: 83.
41. الكوكب الدرّي: 194 ـ 195.
42. دلائل الامامة: ج 2، عنه بحار الأنوار: 30/293.
43. كتاب سليم: 83 ـ 84، 250.
44. خ. ل: عليّاً وولدي.
45. الطرائف: 239، نهج الحق: 271.
46. أنساب الأشراف: 1/586 ; وانظر: روضة المناظر: 11/113 (حاشية الكامل لابن الأثير); الجمل: 117 ; كامل بهائي: 2/24.
47. الهداية الكبرى: 407، بحار الأنوار: 53/19.
48. كتاب سليم: 84، 250