فـــي العيـــــد

بـــودي ان أهنئكــم مـــن الاعمـــــــاق

ومسح دمعة الحزن التي تستوطن الأحــداق

 فعـذرا إن بكي قلبي وإن عصفت بي الأشــواق

 إلى وطن به عبثت، ايادي الموت والمحتل والسراق

 

البلاد البحرينية-الخميس 08 أغسطس 2013العدد 1759

 ودع المسلمون شهر رمضان شهر الصيام والقيام، ودعوه بأداء زكاة الفطر، واستقبلوا العيد بالتسبيح والتكبير والصلاة، ويفترض أن نخرج من مساجدنا فرحين مستبشرين يهنئ بعضنا بعضا، يبارك المسلم لأخيه المسلم أن أتم الصيام، وأدى القيام وحمد واستغفر ودعا الله خيرا واستكثر من الحسنات والصدقات والأعمال الصالحات، ودأبنا في العيد أن نحمد الله ونشرع بزيارة الأهل والأقرباء والأخلاء واستذكار من قضوا ومضوا والدعاء لهم، وهنا تسكب العبرات! وتشتد الحسرات، وتتنفس الآهات! هل عادت أعيادنا كما كانت؟ هل نحن اليوم كما كنا؟ وهل نحلم بغد أفضل؟ وهل يطيب لنا الفرح ويلذ لنا العيش ويروق لنا العيد؟ أم يظل التساؤل:

عيـدٌ بأيّـةِ حالٍ عُـدتَ يا عيـدُ       بمَا مَضَى أمْ لأمْرٍ فيكَ تجْديدُ

ليت العيد اليوم يعود كما كان أيام زمان، ليت ولا تنفع شيئا ليت، وليت الجديد الذي سلب بهجة العيد ما كان، وأي عيد يمر والعالم العربي والإسلامي يعيش حالة الضياع، يمسي ويصبح بيد المقادير، تعصف بهم الأزمات، ويدب ويضرب فيهم الاقتتال، وكلٌ يده على الجرح مطعونا يتلوى، والسكين على الرقاب، “فِتَن كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا”، والناس حيرى سكارى وما هم بسكارى، ولكن البأس شديد، مآسي ولا الموت الزؤام، الموت حق، وما خلق الإنسان إلا ليموت، آمنا بالله، فهل قتل المسلم لأخيه المسلم ذبحا بالسكين حق بما قدر الله؟ وهل التفكه بأكل لحم الأشقاء وخيانة العهود وهتك الأعراض وانتهاك الحرمات أحل للمسلمين، ففي أي زمن نحن؟ وأي تاريخ نعيش؟.

 نعيب زماننا والعيـب فينـــــا      وما لزماننا عيب سوانـــــا

  ونهجوا ذا الزمان بغير ذنب      ولو نطق الزمان لنا هجانـا

   وليس الذئـب يأكـل لحم ذئـب      ونأكل بعضنا بعضا عيانــــا

 

ما لجديد في العيد غير مآسينا وأحزاننا التي لا تنتهي ولا تتوقف، ما الذي سيقدمه العيد لمن فقدت فلذة كبدها وثمرة رحمها بلا ذنب ولا جريرة سوى أنها خلقت عربية أو مسلمة، خلقت عراقية أو سورية أو مصرية؟ وماذا تنتظر من العيد من يُتّم أطفالها وفقدت رفيق دربها بانفجار أو مفخخة أو قذيفة صائما عائدا لبيته يحمل وجبة الفطور أو غلة السحور؟ لتنام ليلة العيد وحيدة كسيرة تروي بدموعها عطش الوسادة الخالية؟ وكيف سيستقبل العيد من شرد وهجر من بيته رغما عنه وبات يفترش الأرض ويلتحف السماء ينتظر عطف المحسنين ليسد رمق أفراخ زغب الحواصل لا ماء ولا زاد، ألقي كاسبهم خلف الحدود أسيرا وسجينا بلا أسوار ولا قيود.

ألا يعز علينا في العيد أن ملايين السوريين يستغيثون منذ سنتين وبحت أصواتهم “ما لنا غيرك يا الله: ويزداد الجزارون فيهم عتوا، يذبحون ويغتصبون ويعتقلون ويعذبون إناثهم وذكورهم؟ وهل يمسح العيد مرارة العيش وذل المنفى وسقم البرد وهوان التزاحم على رغيف الخبز وقارورة ماء؟ وأين يأخذهم العيد وبيوتهم أضحت موطنا للغربان، عاليها أسفلها ورائحة الدم امتزجت برائحة اللحم البشري المشوي، ولا يعرفون إن كان أبناؤهم وآباؤهم أحياء أم أمواتا، سجناء أم أودعت جثثهم الآبار والترع والمزابل.

ألا يعز الفرح في العيد وقد مضت سبعة أشهر على اعتصام الملايين وتظاهرهم في المحافظات العربية غرب العراق، تجمعوا في ساحات الذل وخيم العار التي فرضها عليهم ولهم حكم طائفي عنصري فارسي بغيض؟ ما الذي يريده هؤلاء المعتصمون غير الحرية والأمان وقد ولي أمرهم أشرارهم وابْتُلي أخيارهم بطواغيت يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم ويستحلون أموالهم، ولا مجير يسمع، ولا مسؤول يصدع، ولا ملجأ ولا مغيث لهم غير الله، ألا تعز علينا البهجة في العيد وملايين الإخوة المصريين صاموا أيام رمضان وقاموا لياليه معتصمين في الساحات والميادين احتسابا يناجونه الغيث والمدد على ذمة من انقلبوا على الشرعية بسطوة السلاح، يسفكون دماء الركع السجود، ويتلاعبون بأقدار الأمة ويعبثون بمقدساتها ومثلها؟

ترى هل ستعيد رحمة العيد الطمأنينة إلى قلوب اليمنيين والسودانيين واللبنانيين والصوماليين والأفغان والباكستانيين وغيرهم من بلاد المسلمين وتجمع ما تفرق من عرى المودة والمحبة والألفة؟ وهل يعي البحرينيون والكويتيون والأردنيون والجزائريون والمغاربة في صفو العيد أهمية نبذ الشقاق والنفاق، وضرورة تأكيد لحمة الوئام والوفاق ووحدة الكلمة، لخيرهم وعزهم ونمو بلادهم وحفظ أمنهم واستقرارهم وضمان مستقبل أبنائهم؟ وهل يمنح العيد الرشد لجيران العرب وإخوتهم في الدين في تركيا وإيران ليكفوا عن الاحتراب ويحجبوا الاقتراب والتدخل بشؤونهم بما يسيء وينيء.

لك اللهم النجوى والشكوى والدعاء في عيدك الكريم أن تفرج هم المهمومين، وترفع كرب المكروبين، وتأخذ بيد الصالحين، فبك نلوذ وبك نستعين ولا ملجأ منك إلا إليك.