زرت المعرض الخاص المقام بالشلف بالخيمة العملاقة مرتين رفقة الأهل والأبناء، وفي كل مرة يقف الزائر على جملة من الملاحظات التي تبدو عابرة في ظاهرها، لكن الوقوف عليها ينم عن ظاهرة اجتماعية ، تمثلت في..

 

التاجر السوري.. كثرة العارضين من سورية، حتى أنه يخيل للزائر أنه معرض خاص بسورية، مايدل على هيمنة الرجل السوري على عالم البيع والعرض والشراء. فهم يحسنون الاستقبال، واختيار الكلمات الرقيقة، ومسايرة الجزائري في عاميته وبعض الكلمات باللغة الفرنسية.

 

وفي كل مرة أزور مثل هذه المعارض، إلا وأتطرق مع أصحابها للوضع السوري، ويكون هناك تبادل للأراء المختلفة المتضاربة والمتفقة. فتتاح للمرء أن يقف على صورة من صور الوضع السوري، بعيدا عن وسائل الإعلام وتأثيراتها. والتاجر السوري حين يحس بالأمان والدفء الجزائري، يخرج لمحدثه ما في صدره بصدق وإخلاص، وتلك صورة لن يتحصل عليها المرء من خلال وسائل الإعلام المؤيدة أو المعارضة. ومما ذكره لي تاجر سوري، قوله..

 

ساعدنا الحزب اللبناني بكل مالديه، وقدمنا له الطعام والشراب، وقدمنا الحماية لأبنائه، وحملنا صواريخه فوق الحمير حين تعرضت للقصف الصهيوني، وفي الأخير خدعنا ودخل ديارنا وقتل أبناءنا. ثم راح يتحسر ويبكي.

 

أقول له بعدما فتح لي صدره، وأخلص في القول، إن الدمار الذي تعيشه سورية، يتحمل مسؤوليته الجميع، ثم رحت أعدد الأطراف..

 

صاحب البراميل المتفجرة، روسيا، إيران، السعودية، الغرب، وبعض العرب الذين وقفوا إلى جنب هذا الناسف، أو ساندوا ذاك القاتل. فلم يملك إلا أن أعجب بما سمع، وهو يتأسف من شدة الحسرة.

 

تجارة الفوضى.. رأيت مشترين يتكاثرون ويتزاحمون حول السلع كلما عرضت بصورة فوضوية، وكأن الفوضى جاذبة للشراء. بينما سلع أخرى أحسن منها لاتلفت الانتباه، لأنها معروضة بشكل جيد حسن، وكأن حسن العرض والتقديم دافع للبيع والشراء.

 

حرمان الأطفال.. رأيت طفلا صغيرا لم يستطع أن يشارك أترابه في الألعاب التي تقدم للأطفال، فراح يلعب بلعبة الرضع الصغار، لأن وزنه المفرط والزائد عن حده جعله يحرم من العبث واللهو ومسايرة أترابه، ناهيك عن كونه مدلل من طرف أمه، فأفسدت عليه صغره وحرمته مما يتمتع به الصغير، ويندم عليه حين يكبر ويحن للصغر، فيصبح أضحوكة الصغار قبل الكبار.