لسان حال الإدارة الأمريكية أمس واليوم وغداً هو: السوفييت خطر على المصالح الأمريكية فى أفغانستان، طالبان خطر على المصالح الأمريكية، تنظيم القاعدة لبن لادن هو تنظيم إرهابى ويجب مكافحته، صدام حسين خطر على المصالح الامريكية والعالمية لأنه يمتلك أسلحة دمار شامل والقذافى خطر على المصالح الأمريكية وكان ذلك خداعاً، وإيران خطر على العالم والمصالح الأمريكية بنواياها فى تصنيع الأسلحة النووية، الأسد خطر على المصالح الأمريكية لكن هناك تحالفات دولية تمنع أمريكا من إسقاط نظامه أو بالأحرى من مصالحها أن تبقى سوريا الأسد والجماعات الإسلامية فى صراعات حربية، تواجد الإخوان المسلمين فى ليبيا والبحرين واليمن والأردن والكويت ومصر وفى البيت الأبيض وبريطانيا من مصالح الحكومة الأمريكية العليا
 
الآن بعد وقوع المذابح فى سوريا والعراق على أيدى داعش بدأ أوباما التحرك لضربها وبدأ الغرب يعتبر داعش تهدد وحدة العراق، وعندما أعلنت مصر وقياداتها الوطنية وحذرت من خطورة الجماعة المحظورة والإرهاب الذى تدعمه فى سيناء وإطلاقها سراح مئات الإرهابيين من السجون المصرية أثناء الحكم الفاشل لمرسى وجماعته، لم يرى ولم يسمع أوباما والغرب كل هذا بل حتى اليوم يقفون ضد الإرادة الشعبية المصرية، ولغرابة وسوء النوايا الغربية والأمريكية يدعو الآن وزير خارجية فرنسا العراقيين للتوحد ضد الإرهاب، والغرابة أن الغرب كان أول من يعرف الحضور الإرهابى المتكاثر والمتزايد فى سيناء، وما يتم التخطيط له من جعل سيناء إمارة إسلامية تخضع لأمراء الإخوان والإرهاب بما لديهم من تكنولوجيا عالية التقنية كما يزعمون.
 
 ويصرح نائب أوباما بألتزامهم بدعم العراق لكن فى حالة مصر كان التشدد والرفض الغربى والأمريكى لدعم الشرعية الشعبية التى رفضت نظام مرسى الفاشل، وهو النظام الذى أتفق الآن رؤساء الغرب وأمريكا على فشله بل رأوا أساليب تعاملاته السياسية وأنه نظام يجهل كل شئ ولا يستطيع مرسى قيادة بلداً بحجم مصر، لذلك كان الفشل نصيبه ومع ذلك ظلوا يصرخون بالديموقراطية وتمسكوا بالجماعة المحظورة حتى آخر لحظة، وهذا هو عمى المصالح الذاتية التى لا تقرأ إلا أبحاثها ودراساتها وآراء المقربين منها من عناصر الجماعات الإسلامية وجماعات حقوق الإنسان التى تعمل لصالح الخارج وتحقيق مصالحها الذاتية هى الأخرى، أى أن الجميع يعمل من أجل مصالحه لكن مصالح مصر وشعبها آخر شئ يفكرون فيه.
 
رغم التحالف الدولى ضد داعش ومواقف القوى الدولية تغيرت وتهدف الآن إلى عدم تمكين “داعش” من التوسع في العراق، نظرًا لما يمثله ذلك من تهديدات لمصالحها في المنطقة، وذلك عكس مواقف القوى الدولية نفسها التى كانت تهدف إلى تمكين الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية من الحكم فى مصر، لأنهم كانوا يخدمون ويحافظون على مصالحهم فى مصر والمنطقة، نفس الأمر ينطبق على إيران التى تريد أن تكون شريكاً فى صنع القرارات العربية بل والسيطرة على الأنظمة ومثلها تركيا تعمل نفس التفكير ومؤامراتها كثيرة ضد مصر وآخرها إستضافة المئات والآلاف من أعضاء الجماعة الإرهابية، إلى جانب قطر التى تريد تسلق أكتاف الجميع بأموالها ليكون لها موضع قدم فى صنع القرارات الإقليمية، لذلك تعمل قطر مع الدول الغربية وأمريكا ليحقق كل طرف للأخر مصالحه التى قد تكون غير مشتركة.
 
إن المصالح الأمريكية تستخدم كل الوسائل من أجل تدمير أى دولة تتعاظم قوتها فى المنطقة العربية، لذلك كانت البلاد الغربية وأمريكا وبجوارهم أعضاء الجماعة الإرهابية تصفق للإعتصامات والمظاهرات المسلحة، وكان فى إمكان أمريكا إمداد مصر بالمعلومات الدقيقة عن أماكن الإرهابيين فى سيناء ومنافذ تسللهم، لكنهم أمتنعوا عن ذلك ليزداد الإرهاب أكثر لتعجز أمامه الحكومة المصرية لكن ظهر الموقف الروسى الداعم للجيش المصرى عسكرياً دون قيود أو شروط، بل أمر الرئيس فلاديمير بوتين بتخصيص قمر صناعى عسكرى روسى لإمداد الجيش المصرى بالمعلومات ورصد تحركات الإرهابيين فى سيناء.
 
صراع المصالح العالمية فى واقع مصر تبلورت إرهابه ووإعطاء قطر وتركيا الحق لأنفسهم فى الهجوم المستمر على مصر وإرادتها الشعبية، مثلما أعطت أمريكا لنفسها بتغذية الإرهاب والسماح له بالتواجد فى الإعتصامات المصرية للجماعة الإرهابية، الذين أعلنوا وصرخوا بأعلى صوتهم من على منصة رابعة العدوية: ” هنفجر مصر” ، سمعها العالم كله لكن كانت مصالحه مع الجماعات الإرهابية لينفجر بركان الدماء على أرض مصر، لتصبح مصر عاجزة ومشلولة الحركة أمام حرب أهلية دينية تدعمها المصالح الإرهابية الأمريكية، وآلية أستمرار هذه الصراعات الإقليمية تتلخص فى تأجيج التعصب والعنصرية الدينية والتمييز المذهبى والطائفى بين أفراد المجتمعات العربية المتخلفة، وهو السلاح الناجح والتى تستخدمه الولايات المتحدة الامريكية فى حربها الدكتاتورية.
 
وما يحدث فى مصر يحدث فى العراق وسوريا وليبيا واليمن وبلاد أخرى لم تنفجر براكينها الإرهابية النائمة، كل هذا يدفعنا إلى القول: إن قادة الدكتاتورية السياسية والدينية فى الدول العربية دخلوا على خط صراع المصالح الأمريكى، ومن الصعب عليهم الخروج منه لكن متى تصحو الشعوب نفسها من غيبوبتها الغيبية وصراعاتها الغبية من أجل قضايا طفولية دينية لا علاقة لها بالواقع الإنسانى الحاضر؟؟