أتقدم بالعزاء إلى زوجتي وصديقاتها، اللاتي فجعن صباح هذا اليوم بوفاة الأخت حنان حرارة “أم طارق”، رحمها الله رحمةً واسعة، وأسكنها فسيح جناته، وجعلها من أهل الفردوس الأعلى، وجمعها مع الأنبياء والصديقين والشهداء وحفظة كتاب الله، فقد توفاها الله وهي تحفظ كتابه، وتدرس أحكامه، وتعيد على مسامع العلماء ما حفظت، تثبت حفظها، وتتأكد من حسن تمكنها، وتصارع مرضها لتبقي كتاب الله محفوظاً في صدرها، باقياً في قلبها، دائماً رطباً به لسانها.

وأتقدم بخالص العزاء إلى أخي وصديقي العزيز الدكتور زياد الحسنات بوفاة زوجته، رفيقته في دربه، وأنيسته في غربته، وصديقته في محنته، فلله ما أخذ وله ما أعطى، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

كما أتقدم بخالص العزاء إلى ابنها أحمد الذي سيفتقدها، وسيحن إليها وسيبحث عنها، وسيعوزه بعد اليوم حنانها، وسيشكو غياب رعايتها، وإلى بناتها العزيزات الغاليات الثلاث، اللاتي واكبن مرضها، وصبرن عليها، وكن لها خير ذرية، رعايةً ومتابعة، وصبراً ومساعدة، فعظيم الأجر أجركُنَّ، وصادق العزاء لَكُنَّ، رحم الله أمَكنَّ وأسكنها فسيح الجنان، وعالي الفردوس.

رحمة الله عليك أم طارق، فقد أبتليت وصبرت، ومرضت وتحملت، وعانيت واحتسبت، وتألمت ورضيت، وغربت وتجلدت، فقد رافقك المرض سنيناً فما ضجرت، وسكن الألم جسدك عمراً فما جزعت، وحار الأطباء في علاجك فما استياست من رحمة الله، ولا عرفت القنوط يوماً من رحمته.

اليوم يتوفاك الله غريبةً عن وطنين عزيزين أحببتيهما، عشت فيهما وعاشا فيك، وتعلقت بهما وكان أملك أن تعودي إليهما، وتسكني إليهما، فهما وطنان عزيزان، جريحان مكلومان، يبكيان ويئنان، ينزفان ويكابدان، فقد كان قدر الله أن أن تلقي وجهه الكريم في تركيا، بعيداً عن غزة وفلسطين، ومحرومةً من دمشق والشام، وكلاهما أحببت، وبهما تمسكت، وبالعودة إليهما أملت.

الله أسأل وقد رحلت، أن يفرحك وأنت في جواره، وتسكنين في كنفه، وتجولين في جنانه، أن يبشرك بتحرير أرضنا، واستعادة بلادنا، وعودتنا إلى وطننا، وأن يزف إليك شفاء الشام، وقد ضمدت جراحها، وبلسمت آلامها، واستعادت بهاءها، وعاد إليها الألق الذي أحببت، والياسمين الذي عرفت، والصفاء الذي عشت.

عظم الله أجرك زوجتي، وعظم الله أجركن بناتي وبناتها، وأجر كل أخواتك اللاتي أحببن أم طارق وفقدنها، واللائي عشن معها عمراً طويلاً، وكابدن معها عيش الاغتراب، ومعاناة الرحيل، عوضكن الله خيراً، وألهمكن الصبر والسلوان، وجعلكن لها من بعدها خير خلفٍ، تدعون الله لها، وتحفظون ودها، وتواصلون بعد مماتها عملها، وتكونون لها أوفياء كما عرفتكن، محباتٍ كما عهدتكن.

ولك أخي أبا طارق الأشم، العزيز الأكبر، الصديق الأقرب والأوفى، كل العزاء، عظم الله أجرك في مصيبتك، وجعل أم طارق لك في جنان الخلد فرطاً، تسبقك وإليها تدخلك، تنتظرك وأبوابها لك تفتح.

” إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون “