ازاحت الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها النظام السياسي في العراق بعد أن ايقنت وبالدليل القاطع ان هذا النظام قادر وبعد حرب الثماني سنوات ضد خامس اكبر جيش بالعالم أن يهدد مصالحهم في المنطقة اذا ما احسن التعامل معه ، وخصوصاً بعد أن فهموا عقلية مايفكر به هذا النظام ، الامر الذي دعا ادارة البيت الابيض ان تتخذ قرارها بغزو العراق ، والمجيء بنظام سياسي جديد يلبي طموحاتهم في المنطقة . ان النظام السياسي الجديد في العراق لم يستطع طيلة عقد من الحكم ان يبني دولة مؤسسات قادرة على النهوض بالواقع المرير الذي خلفه الغزو ، سوى ان يخلق لنفسه بيئة امنة يتقوقع بداخلها اطلق عليها ( المنطقة الخضراء ) ليبقى جميع افراد الشعب يعيشون في بحيرة حمراء لم تجف دماء الابرياء منها حتى يومنا هذا ، بل تعدى الامر في ذلك أن يحارب هذا النظام بشراسة لم تعهدها قوانين الارض والسماء ، فعمل على قطع ارزاق الناس بقانون جائر اسماه ( قانون الاجتثاث والمساءلة والعدالة ) اللذان ساهما في تجويع وتشريد وقتل الملايين من ابناء الوطن تحت شعار ( دولة القانون ) لم يكتفي هؤلاء الحكام بقطع الارزاق والاعناق ، بل ساهموا في نشر وباء خطير بطريقة دخيلة على مجتمعنا ، اطلقوا عليها ( المحاصصة الطائفية ) لتمزق جسد البلد الى اشلاء تنهش به انياب الفتنة المذهبية المقيتة ، التي بقيت نائمة ردحاً من الزمن ، ليأتوا بعد هذا الوقت ويوقظوها من سباتها الطويل الذي حول مؤسسات الدولة الى مرتع من الفساد والمفسدين ، الذين لم يدخروا جهداً الا وسخروه لوسيلة من السرقة والاحتيال على المال العام ، الامر الذي جعل لعابهم يسيل بغزارة على مفردات البطاقة التموينية وبصفقاتها المشبوهة التي كان بطلها وزير التجارة السابق ( عبد الفلاح السوداني ) الذي سبقه بالفعل المشين وزيري الدفاع والكهرباء الاسبقين ( حازم الشعلان ، وايهم السامرائي ) ومن سار على نهجهم . السيف وحده .. قوة غاشمة ، والعدل منفرداً ميزان ضعيف ، كلاهما قرينان للاخر ، ومن يرغب ان يحقق العدالة ، عليه ان يضرب بالسيف .. القوة التي توازيها الدقة في وزن امور الناس بالقسط ، ان مايجري في العراق هو مختلف تماماً، فالسجون ملاى بالضحايا والشوارع مبعثرة بالرؤوس والاجساد ، والقتلة والسراق هم الابرياء ، والفقراء والمساكين هم الجناة والمتهمين ، اما اصحاب السلطة فانهم موغلون بالظلم والجور والتعسف ، واقصاء أي طرف يقف امامهم حتى لوكلفهم ان يخوضوا انهاراً من الدماء ،على حساب بقائهم وتحقيق غاياتهم المشبوهة .

ان الخائن لوطنه ايها الاخوة ، يبقى خائناً حتى لو البسته كل النياشين والالقاب الوطنية ، والسارق لاموال الناس ، يبقى سارقاً لو وضعت على راسه كل عناوين الشرف والفضيلة . هكذا هو حال اصحاب السلطة اليوم…حكموا فظلموا . وهم على ابواب العقاب ، وغيرهم حكموا فعدلوا فناموا قريري الاعين . السلام على من ملئوا الدنيا عدلاً وانصاف … ولا سلام على الذين حكموا فجاروا بحكمهم العباد .