الإسلام ليس فقط واجبات وحدود!, الإسلام حقوق وواجبات وحدود.
رأينا منكم الحدود والواجبات هنا وهناك, فئةٌ تطبقها وفئةٌ تطالِب بتطبيقها, والغريب أنكم تتساءلون لما كل هذا العقوق من الشارع العربي!.

ليته كان حرصُكم على تطبيق الحقوق التي في شريعتنا الإسلامية كحرصكم على تطبيق الحدود والواجبات منها.
فالحقوق تأتي بالدرجة الأولى قبل الحدود والواجبات, فبإعطاء الناس حقوقهم لن تجدوا عقوقهم عند إملاء الحدود والواجبات عليهم, هكذا هي.

يجب أن يسبق الفعل القول, وكفاكم من تعجبكم الغير مبرر من عقوق شوارعكم العربية, فبالتأكيد الغير قابل لشككم هو أن الناس غابت عنهم حقوقهم وطفح كيلهم.

لم تصل الدول العربية في عصرنا هذا إلى تطبيق الحقوق المشروعة والتي ترضي المواطن عن دولته, الحقوق التي ترضي الله ورسوله, وهي الحقوق التي شرعها الله لعباده في الأرض, فبالتالي يجب أن توقنوا هذه الحقيقة :-

( إن سبب العقوق هو غياب الحقوق في الشارع العربي )

وإن محاربة عقوق الشارع العربي في غياب حقوقه هو تأكيد لاستمراركم في غياب الحقوق, وقمة الدكتاتورية أن تهضموا حقوق الناس وتحاربوا عقوقهم على الواجبات والحدود التي تملونها عليهم.

وتريدون الثقة العمياء من شوارعكم العربية بحجة أن تطبيق الحدود والواجبات أمرتنا بها شريعتنا الإسلامية, أولم تعلموا أن شريعتنا الإسلامية أمرتنا أيضا بإعطاء الناس حقوقهم!.

وأيُّ إنسان حتى من العامَّة, إن هضَمَ حقَّ هذا وحقَّ ذاك بالتأكيد لن يرضى الناسُ عن سماعه عند تحدُّثِهِ عن الحُدود والواجبات وأهمية تطبيقها بين الناس.

إليكم أهم الحقوق الغائبة في شوارعنا العربية :-

1. حقُّ الناس من بيت مال دولتهم ( نصيبهم من الخارج من ثمار الأرض العامة واستثماراتها ).

2. حقُّ العاطلين عن العمل في التوظيف والعمل, وحقُّهم في منحة من المال العام إذا لم يتوفر العمل.

3. حقُّ المواطن في المسكن, لمن لا مسكن له, ولمن هو مقدم على الزواج وتكوين أسرة.

4. حقُّ الكلمة : في الأخذ بها إن كانت حق فالحكمة ضالة المؤمن.

وغيرها من الحقوق التي منعتني من ذكرها أنها تطبق في بعض الدول فأجملت أهم الحقوق التي لم تطبق أبدا في الدول العربية.

عند تحقيق هذه الحقوق سيتلقى الناس الواجبات والحدود في دول الحق, ولن تشهدوا العقوق بعد تحقيق الحقوق, وستزول غمامة تعجبكم من العقوق السائد في الشوارع العربية.

فكل هذه الحقوق الغائبة هي سبب العقوق الذي نراه اليوم في الشارع العربي, وحيث أن تحقيقها سبب في سيادة الخير والمساواة بين الناس في كافة الأرجاء العربية خاصة والإسلامية عامة, فيجب أن نسعى للإعتراف بها وتطبيقها على أنها حق لا جدال فيه, فإذا عولجت وحضرت هذه الحقوق الغائبة سيطل فجر المساواة والخير والنماء والسلام في كافة الدول العربية, وسنكون قدوة لغيرنا من الدول والشعوب, كما كان صيت الرشداء السابقون, الذين سادت في عهدهم المساواة بحرصهم على إعطاء الناس حقوقهم, ففي عهد عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه سادت المساواة بين الناس بإعطائهم حقوقهم, حتى شوهد الذئب والغنم يرعيان في مرعًا واحد, وفاض مال الزكاة من انعدام الفقر بين الناس, وهو آخر الرشداء إن لم تخني مطالعتي.
ودليلي على أن تحقيق الحقوق تأتي بالدرجة الأولى قبل طرح الواجبات والحدود هو في بداية رسالة سيد الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, فلم يبدأ سيد الخلق نشر رسالته وبناء الأمة بالحدود والواجبات, بل بدأها بتحقيق الحقوق للناس, حيث قال صلى الله عليه وسلم ( لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح ), وحرَّرَ العبيد من تجارة الرقيق, وأعطى المرأة حقوقها, وحقُّ العامل في أجره قبل أن يجفَّ عرقُه, وغيرها الكثير من الحقوق يمكن لمشائخنا الأفاضل أن يعدِّدُوها في محاضرات, فلا يسعُ قلمِي الدَّواوين عند ذكر صفات وعدل الحبيب المصطفى ولا أودُّ الإطالة, وقيمة الحروف على قدر الموصوف, اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

فهذا سيد الخلق بدأ بتحقيق الحقوق قبل الواجبات والحدود على الناس, فمن نحن حتى نخالف تعاليمه ونبدأ بتطبيق الواجبات والحدود ونتغاضى عن تحقيق الحقوق التي ضاعت منذ أمد, والتي هي أساس الإثنين!.

وتتساءلون لما كل هذا العقوق في الشارع العربي !.

هذه رسالتي إلى كل من استلموا زمام أمور الناس في كافة الدول العربية خاصة والإسلامية عامة :-

( ( تحقيق الحقوق ينفي العقوق ) )