مرة أخرى يسجل السياسيون انتصاراً لمستقبلهم الشخصي على حساب المواطنين الذين بفضلهم وصلوا الى قبة البرلمان واستوزروا غيرهم واعتلى مثلهم مناصب رفيعة جعلتهم اكثر شراهة وطمعاً في جمع المغانم والمكاسب ، ليمدوا أيديهم في افواه المحرومين والمعوزين التي كانت جريمتهم انهم خدموا البلاد بما تجود به انفسهم من تفان وإخلاص ، لينالوا جزاءهم واحسانهم على يدِ هؤلاء الذين بخسوا حقهم وتعبهم واموالهم التي اكتنزتها الحكومة استقطاعا على مر السنين من سنوات الكفاح والعمل . قبل اكثر من نصف عام خرج الملايين من أبناء المحافظات وهم يرددون بصوت واحد ” كفاكم ظلما وقهراً وسرقةً لا موالنا التي تبددت بين ايدكم ونفوسكم المريضة ، ورغباتكم الشنيعة ، التي حولت البلد وثرواته الى بقرة حلوب لا تطعموها سوى الحسرة والاذلال والخنوع ، بعد ان ملئتم سلالكم من خيراتها ، فبخستم عليها كبخسكم في نكران فضلها عليكم ، لان بعض السياسيين لا يأبهون بماضيهم ولا بماضينا لأن بعضهم بلا ماضٍ ,وبعضهم بلا ذاكرة . باب جديد اخر يفتح من خلال رتاجه ، واحبار أقلام ، كتبت قانون مجحف لم تجف فقراته امام امل طال انتظاره ، لأولئك المتقاعدون و الفقراء والارامل ، حتى بدأت أصوات السياسيين تجلجل في بورصة المزايدات الانتخابية والتسقيط السياسي ، في إشارة الى ان هذا القانون قد مرر بضغوط واملاءات سياسية تضمن للمزايدين قذف الكرات في ملاعب يرونها اكثر مكانا لنشر غسيلهم فيها وتسهل لهم طريقة مشروعة لمغازلة الشعب والإيحاء له بأنه بريء من هذا القانون ، ولعل المضحك والمبكي في القانون هو فقرة ” الخدمة الجهادية ” التي بينت حجم التلاعب المشين لعواطف المواطن والاستخفاف به . رجالات العراق الجدد كانوا يتوزعون على عواصم عديدة قدمت لهم المساعدات والمعونات والرواتب ، والملايين من أبناء البلد المساكين يلوكون الصخر خبزاً وألماً ، ونحن نعلم ان ضمائر هؤلاء المسؤولين قد جفت منها الحياء ، لان نداء المستضعفين لا يهمهم ابدا ، رغم يقيننا ان أصواتهم ودموعهم رقت لها حتى ملائكة السماء . واقع مرير وسلطة ، معظم رموزها متخمة بالفاسد طوال عقد من الزمن المتسم بالاستغلال السلطوي وفرض سطوة مركبة للجمع بين السلطة والثروة على موارد الشعب ومقدراته الاقتصادية وموارده التجارية والمالية ، في ظل تحول سطوة القائد الى سلطان ، ومع الاقرار بوجود فوارق طبقية بين أقلية طاغية جشعة تعيش في بروج قارونية وأغلبية تعيش في أزمات حياتية قاسية قريبة من الفقر المدقع نتيجة فساد السلطة والاحزاب والمسؤولين السلام على اصحاب المطالب الداعية الى التغيير التي وضعت السلطة بين سندان الرضوخ التام للدعوات الاحتجاجية ومطرقة تغيير الحكم سلميا تلبية للصرخات والآهات التي فجرها المستضعفون .. ولا سلام على الذين يتحكمون بالعباد والرقاب فيسرقون كده وتعبه طوال العقود والسنين .