ما الذي يجمع بين حزب الإخوان المسلمين المُؤسس في مصر منذ خمس وثمانين سنة، وحزب الدعوة الإسلامية المُؤسس في العراق بعد ذلك بثلاثين سنة؟

معظم الذين أرّخوا لحزب الدعوة أوردوا معلومات تفيد بأن الحزب العراقي تشكل على خطى الحزب المصري وتقليداً له. ومع أن الحزب المصري أخذ منحى طائفياً (سنياً)، برغم إعلانه مبادئ تخالف ذلك، والعراقي انحصر في الطائفية المقابلة (الشيعية) برغم إعلانه مبادئ مخالفة أيضاً، فان حبال الود لم تنقطع بينهما، وهذا ما أفصح عنه زعيم حزب الدعوة حالياً، رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي، عندما عاتب الإخوان في تصريح له تعليقاً على هجوم إسلاميين متشددين على دعاة ونشطاء شيعة جنوبي القاهرة وقتل وسحل بعضهم منذ شهرين، فالمالكي ذكّر الإخوان الذين كانوا يعززون حكمهم في مصر، بالقول “نحن نحبكم”.

يتبدى الآن ان الفرقة الطائفية بين الحزبين لم يترتب عليها اختلاف في العقلية.. كلاهما مكابر ومتكبر، ولا يريد ادراك أن زمن الحكم الشمولي ووقت الدكتاتورية قد انتهيا.

عدم الادراك هذا كان وراء سعي الاخوان المسلمين في مصر للاستحواذ على السلطة  خلافا لوعودهم الانتخابية، فكان أن أثاروا حفيظة عشرات الملايين من الشعب المصري. واكثر ما تجلت فيه مكابرة الاخوان وتكبرهم، اعتصامهم نحو خمسين يوماً في القاهرة ورفضهم الاقتناع بان رئيسهم المعزول بارادة عشرات الملايين لم يعد في السلطة، وعدم قبولهم بكل الحلول الوسط التي طُرحت عليهم. وبهذا وضعوا أنفسهم في موضع المنتحر الماضي بقدميه نحو حتفه.

هنا في العراق يتكبّر حزب الدعوة هو الآخر على حلفائه وشركائه السياسيين وعموم الشعب، ويتصرف بوصفه الحاكم المطلق الذي لا يقبل اعتراضاً أو ملاحظة أو نقداً من أحد. وهو يكابر ولا يرى ان البلاد تواجه محنة حقيقية بسبب ما ترتكبه قيادته من أخطاء  في إدارة الدولة.

قيادة هذا الحزب تكرر التصريح هذه الأيام بان الحزب يتعرض لهجمات ومؤامرات، توصيفاً لتصريحات السياسيين وتقارير الإعلام وكتابات الكتاب التي تجمع على أن حزب الدعوة يقود حكومة فاشلة كل الفشل في كل الميادين، وبخاصة أهمها وأكثرها حيوية: الأمن والخدمات والاقتصاد.  

قيادة حزب الدعوة المتنفذة في السلطة تريد للشعب أن يصبر وللسياسيين والإعلاميين أن يهادنوها. وفي المقابل لا تُقدم هي على أية خطوة للإقرار بانها وحكومتها ترتكبان أخطاء شنيعة تكلفنا أرواحاً ودماءً تُهدر بالجملة على مدار الساعة في مختلف أنحاء البلاد.

التكبّر والمكابرة أديا بالإخوان المسلمين إلى الانتحار في مصر بعد سنة واحدة من وصولهم الى السلطة.. والدعوتيون في العراق يتهددهم خطر مماثل إن هم تمسكوا بما هم عليه…  ففي العراق كما في مصر للصبر حدود.