قال الامام علي عليه السلام ( االمال في الغربة وطن  والفقر في الوطن غربة)
هل الوطن مجرد  ارض تجمعنا او هوية نحملها معنا ؟
لاتزال الهجرة من الوطن مستمرة بشتى الوسائل وبطرق مختلفة  وهذا يقودنا الى تساؤلات كثيرة  قد تطول الاجابة عليها وربما نصل الى طريق مسدود في الجدل مابين الغربة والبقاء في الوطن  مهما كانت الظروف .
لعل هناك اسباب كثيرة للكتابة في هذا الموضوع ولعل  احد اصحاب المحلات التي اتبضع منه احد هذه الاسباب والذي  فاجئني بالكلام ( سوف ابيع المحل وجميع محتوياته واهاجر  لعلي اجد فرصة اكبر للراحة والامان واحضى بفرصة للعمل هناك تمكنني من العيش برفاهية ) لعل هذا الرجل مصيب من وجهة نظر البعض ومخطئ من وجهة نظر الاخرين ولكن يبقى في النهاية الطريق مفتوح للجميع للهجرة اذا ما استمر الحال هكذا .
مما لا شك فيه ان للاوضاع السياسية والامنية لكل بلد لها الدور الكبير للهجرة الى منافي اخرى قد يجد من خلالها المهاجر وطن اخر يلجأ اليه بعد ان اوصدت الابواب امامه في وطنه  ليغادره لعله يجد ما يبحث عنه في ارض غير الارض التي ولد عليها  ووطن غير الوطن  الذي كتب اسمه في سجلاته ولغة اخرى  لا تشبه لغته التي نطق بها اول حرف , وقد تطول هذه الرحلة الى ما لا نهاية وربما تكون هناك فواصل للعودة بين الحين والاخر ؟
الهجرة خارج الوطن لها اسباب كثيرة منها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والامنية ومنها من اجل طلب العلم,  اذا ما استثنينا المهجرين قسرا من قبل النظام السابق بسبب ما يدعى  بالتبعية  الايرانية وكذلك اليهود العراقيين في منتصف القرن الماضي , وهذه الهجرة قد تكون هجرة دائمية حيث لا عودة منها للوطن لاسباب قد يطول شرحها   , ولكن ماذا يعني الوطن من خلال نظرة الاطفال وهم من نشأ وترعرع خارج الوطن  ولم يرى ذلك الوطن حتى من خلال الخارطة  او انه شاهد مشاهد الدمار والخراب والقتل من خلال الفضائيات ولم يرى الصورة الجميلة او لم يقرا تاريخ وطنه وعن حضارة وادي الرافدين  .
من خلال حديثي مع احد الاصدقاء الذي هاجر الوطن منذ تسعينيات القرن الماضي بسبب سياسة النظام السابق تبين  ان اغلب اطفاله لايعرفون اللغة العربية ولا يتذكرون من وطنهم شئ وربما يعرفون الوطن  من خلال احاديث والديهم بين الحين والاخر وذكرياتهم  وقد سالت صديقي ان يسال ولده البالغ من العمر 10 سنوات ان ياتي لزيارة الوطن  ابتسم صديقي ونقل حديث طفله ( انه اذا ذهب للعراق سوف يقتله الارهابيون ) من  حديث هذا الطفل والالاف غيره ممن تسممت عقولهم  بهذه الافكار التي تبثها البعض من الفضائيات التي تجعل من العراق مصدر للموت والرعب والارهاب  كيف يمكن ان تكون هناك هجرة عكسية الى الوطن .
اختلفة الاراء بين الذين هاجروا الوطن فمنهم من يجدها الخلاص من الجحيم ومنهم من يجد الغربة عن الوطن جحيم لايطاق ويعتبر الغربة جحيم لايطاق ,
ما هو رايك عندما تعيش كالحي والميت بنفس الوقت فانت تاكل فلا تشعر بلذة الاكل وتصغي الى الاخرين بدون ان تسمع  وتعيش وحدة قاتله على الرغم من ان الجميع  متواجدين حولك   فكأنك تزرع وردا ًفي ارض فضفاضة   هو شعورا يتملك كل من هجر وطنه وعاش في بلد غريب حتى وان توفرت له كل اسباب السعادة لكن  يظل هناك شيئا ما  يدق في دهاليز روحه ليذكره بالذي مضى  وشبح الذكريات لازالت تخيم على انفاسه  وصور الطفولة والصبا تترسم كاللوحة  المتحركة بين ناظريه    وكل يوم  وكل سنه تمر تأخذ من حياته وشبابه الكثير وتفرض عليه  تقاليد وقوانين بعيدة كل البعد عن التي تعلمها  في وطنه ومهما طالت الغربه زاد الشوق للوطن وزاد معه العشق لترابه  ومهما اوهمنا انفسنا اننا سعيدين ولكن يبقى القلب يترقب اللقاء وحتى ولو كان بالأحلام .
قد يكون هذا الرأي  يمثل رائي الاغلبية ممن اجبرتهم الظروف على الهجرة وترك الوطن   وهذا ما يمثل الارتباط الروحي الحقيقي  بالوطن وترابه  ويترقبون لحظة العودة للوطن .
مثلما نجد البعض يعيش بأمان وراحة في الغربة بعد ان وجد جميع متلطبات الحياة والرفاهية نجد البعض الاخر يعاني من مشاكل كثيرة ولا سيما النفسية منها وعدم الاستقرار الروحي وكيفية المحافظة على تقاليده  واسرته ولاسيما بعد اختلاطهم بالمجمتع الغربي الذي يفرض  عادات وتقاليد جديدة عليهم ان يتاقلموا  معها لانهم اصبح جزء من هذا المجتمع .
بصورة عامة يتعرض الشخص المغترب الى حالة نفسية تسمى (home_ sickness ) وتعني حب الوطن  او الاهل اي انه يحس بوحدة  او غربة فيما يتعلق بالناس او البيئة الجديدة التي هاجر اليها وهذا يعتمد على  نقاط :-
1.  عمر الشخص ( الفئة العمرية التي تتاثر اكثر فئة الشباب متوسط العمر بين
    20-40 سنة .
2. الجنس ( ذكر / انثى ) النساء تتاثر اكثر من الرجال كونها اصلا اعتمادية على                           الرجل وخوصا اذا كانت من مجتمع شرقي او
3.  مستوى التعليم / كلما قل المستوى التعليمي كلما زاد التاثر  لانه المستوى   التعليمي العالي يعتبر وسيلة دفاعية .
4.  اذا كان الشخص في البيئة الجديدة له مجاميع من الناس مقربين اليه ومن نفس البيئة القديمة فهذا يمنحه بعض ا لاستقرار الاجتماعي والنفسي ويقل التاثير عليه.
5.  الحالة  الزوجية / الشخص المتزوج يتاثر اقل من الشخص الغير متزوج والمتزوج والسبب انه لد يه الاستقرار الاجتماعي.
6.  الحالة الصحية  / الشخص الذي لديه مرض مزمن سواء كان عضوي او نفسي     يتاثر اكثر من الشخص السليم جسديا ونفسيا وذلك لحاجته لرعاية اجتماعية وصحية خصوصا اذا كانت البيئة الجديدة ليس لديه  فيها اي اسنادا اجتماعيا  بالرغم من وجود الاسناد الصحي الحكومي .
7.   الحالة المادية له تاثير كبير وتكون السبب في الاستقرار النفسي من عدمه حيث تكون هي الاسناد الحقيقي في الغربة .
اذا  اردنا ان تكون هناك هجرة عكسية الى الوطن علينا ان ندرس اولا اسباب الهجرة ومحاولة تذليل  تلك الاسباب التي جعلتهم يهاجرون وتوفير البئية الملائمة لعودتهم ولا سيما انهم اعتادوا على انظمة اخرى في كافة مجال الحياة , ليس من السهل ان نحقق لهم نفس متطلبات العيش ولكن يمكن ان نوفر لهم اجواء مقاربة بعض الشئ لما كانوا عليه  في  غربتهم ولا سيما اصحاب الكفاءات العلمية والفنية الذين هم بحاجة للوطن كما هو بحاجة لهم .
ولكن يبقى السؤال هنا هل يتخلى المهاجر عن هويته الثانية ؟؟