تتصاعد الأزمات وتضيق مساحات التفاؤل لدى العراقيين وهم يقدمون الضحايا والخسائر في الأعمال الإرهابية وانشطة المليشيات والجماعات المسلحة الإجرامية ناهيك عن ضغط الأزمات الأخرى كالغرق جراء الأمطار وانهيار الخدمات وافتضاح الفساد على أوسع المديات بعد عشر سنوات من خراب متواصل دفع غالبية العراقيين الى الشعور بالخسارة واليأس من حكم المافيات الجديدة .
العراق الديمقراطي وسط محيط دكتاتوري وأنظمة متكلسة على انماط حكم دكتاتورية وثيوقراطية وعشائرية وشمولية كان قرار صعبا وخاطئا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية سيما وان العراقين مقطوعي الصلة بالثقافة الديمقراطية من جهة واوكلت المهمة الى قوى سياسية دكتاتورية طائفية اصولية غير ديمقراطية من جهة أخرى .
هنا نتحدث عن خلل بنيوي وتركيب خاطئ سمح لحزب اصولي متعصب طائفيا في الإستحواذ على السلطة وضرب قواعد العمل الدستوري والديمقراطي في ظل دعم دولي (امريكي – ايراني ) لم يراع مصلحة الشعب العراقي واستقراره وأمنه ومستقبله ومن هنا فأن استراتيجية الأخطاء صارت تتناسل في ظل حماية دولية وحكومة لاتعمل وفق قواعد النقد السياسي والحكمة الرشيدة والمصالح الوطنية العليا وانما في التمركز بالسلطة والنفوذ واتساع نطاق الفساد والتساقط القيمي الذي تحول الى لغة وطنية شاملة .
الإنتخابات ربما تكون فرصة لتغيير نسبي لكن معطيات الواقع رغم قسوتها وضغوطاتها المتنوعة إلا انها لن تعطي نتائجها بتغيير نوعي كبير بل سوف تسمح ببقاء بعض هذه (المافيات) السياسية الفاسدة في ساحة السلطة بسبب غياب البرامج الفاعلة البديلة للقوى المدنية والديمقراطية وبقاء النزعة الطائفية لدى العديد من العراقيين وضعف تنامي الوعي السياسي والديمقراطي للمواطنين .
المعادلة صعبة واثمانها باهضة لأن قوى الرجعية والتخلف والفساد وتدخل الإرادات الخارجية في صياغة نمط السلطة في العراق هي الفاعلة وليست إرادة الشعب هذه الحقائق ينبغي ان تحتل جوهر التفكير لدى التنظيمات السياسية التي يمكن لها ان تحرز على اصوات تؤهلها للفوز في الإنتخابات لكي تقترح مبادئ جديدة وخارطة عمل تقوم بتغيير جذري وتحول اختزالي يقوم على ردم الفجوة بين الشعار الديمقراطي والواقع المتشظي بين الأزمات والموت والفساد .
ان وجود منظومة حكم تؤمن بالحوار والتوزيع العادل للثروة والأدوار والمشاركة الحقيقية في البناء وتحمل المسؤولية في نطاق تضامن وطني وثقافة مواطنة وبناء وتكامل انساني ومصالحة تنبذ الخلاف تحت اي سبب او دافع كان هذه المبادئ يمكن ان تعيد انتاج مشروع بقاء العراق دولة وشعب ووطن .