مأساة او معضلة هاملت , هي نسخة طبق الاصل لما يعانية ويقارعه الشعب . من اغتصاب او الزواج من كرسي العرش , والسيطرة الكاملة على سلطة المال , وعلى حياة المواطن , الذي اصبح رهينة في قبضة , حفنة من السياسيين الجدد , الذين سيطروا على كل منافذ الحياة العامة , وتركوا الشعب يلوكه الاحزان السوداء والاحباط والقنوط , واليأس من الحياة برمتها , التي تحولت الى احلام مرعبة وفضيعة , حيث لا امن ولا استقرار , سوى انها سجن كبير وخانق , فقد تركوا القادة السياسيين الجدد , الشعب في مهب الريح الصفراء , لذا فان معضلة الشعب عويصة ومعقدة ومتشابكة , في سبيل اعادة كرامته وانسانيته التي تمزقت في الوحل . هل ينتفض على الواقع الميئوس ؟ , وينتقم من الذي اغتصب السلطة والحياة ؟ ام يترك شريعة الانتقام , من هؤلاء الذين أطفئوا بهجة ونور الحياة , وجلبوا الخراب والهزائم والكوارث , التي صارت تعصف بالعراق من كل جانب وصوب , بالبشر والحجر , وضياع هوية الوطن , بوضعه في دهاليز مظلمة مقفولة الابواب . ان سياسات الصعاليك الجدد , احدثت خرابا عميقا , حتى وصلت الى تلف نفسية ومزاج المواطن , باسلوب تفكيره وسلوكه , حتى وصل بهم , التدخل في خصوصيات حياته الخاصة وشطب الحياة العامة . ان هذا الخراب الهائل , لا يمكن اصلاحه بقرارات فوقية وهامشية , سرعان ما تذهب مع الريح . ان تجربة العراق في السنوات الماضية , او عقد من الزمان , بعد التغيير , شهدت تجرع العلقم , والتي تمثلت بالقحط والجدب وسموم الجفاف والعجاف . فقد تحول العراق الجديد , الى بلد متعدد الاقطاب والحواجز والخنادق والسواتر . والانكى من ذلك , بان هذه الاقطاب المتنافرة والمتحاربة والمتخندقة , لاتعترف بوجود الاخر او حق الاخر في العيش تحت شمس العراق , ولا يجمعها قاسم مشترك , سوى نظرية اللغف والشفط والنهب والمال الحرام , والاستحواذ والانفراد بالغنيمة والكعكة العراقية , بذلك بزغت ونشأت مملكات وامبراطوريات مالية , قوية الشكيمة والمتراس والنفوذ , ولكن الادهى والغرابة والعجب , بان بركات وخيرات هذه المملكات المالية , التي ولدت من السحت الحرام , يكون نفعها وفائدتها وخيرها وبريقها اللاهب , خارج العراق وليس داخل العراق , اي باقامة المشاريع والشركات الصناعية , بمختلف صنوفها , او استثمارها لتشغيل البشر , من هذه البلاد المظلومة , واصلاح حال العراق , فان هذه الاموال بارقامها الخرافية , تخرج من ضلع العراق بكل حرية وأطمئنان , وتخرج من سطوة العراق , كأن اصحابها يشعرون , بان وجودهم او اقامتهم في العراق , موقت ومحدود , وليس دائم , او انهم يحسبون الى اليوم الاسود , او عوادي الزمان المتقلب , قد ينقلب ضدهم , ويذهب جهد اللغف والنهب والمال الحرام , والاغرب من كل ذلك , بان هؤلاء الذين فتحت لهم ابواب الجنة بعصا سحرية ( افتح ياسمسم ) , بان هذه الفئة التي ارسلها القدر لمعاقبة الشعب , يحتكرون صكوك الوطنية , والزهد والدين والايمان والتقوى , والكلام المعسول بدون رصيد , بمساعدة المظلوم والمقهور والمكرود والمسكين , بانهم هم الاصل وغيرهم دغش وزيف , لذا فان هاملت العراقي وليس ( الدنماركي ) , امام معضلة الوجود , هل يعترف بالامر والواقع وماكتبه القدر , ويمتثل الى شريعة الغاب, بالقنوع والخنوع والذل والمهانة ؟؟ ام يتمرد ويمتشق شريعة ,( نكون او لانكون ) وهل يستسلم للزوابع والعواصف الملبدة بالغيوم الطائفية ؟ هل يترك الثعابين , الذين سيطروا على الارض والبشر ؟ هل يستسلم لموت المجاني ؟ ان مأساة هاملت العراقي , هي مأساة شعب , يلوكه الضعف والتردد والعجز والاحباط والخنوع , ويحبس المارد الجبار , الذي يغلي ويفور بداخله , لينسف هذا العالم المتجبر بالظلم والفساد