العراق . . والدولة العميقة

د. نبيل أحمد الأمير

إن الدولة العميقة من المصطلحات السياسية القديمة الجديدة ، التي ظهرت في الدول التي تُعاني من إنقسامات وإختلافات في مناهج وآيدلوجيات مكوناتها . . .
وتعرّف الدولة العميقة بأنها شبكة سرية تتكون من النخب العسكرية والمدنية والأمنية والقضائية ، الذين يعملون على إجهاض كل ما يهدد مصالح هذه المجموعات . . .
وفكرة الدولة العميقة تعني ( دولة داخل الدولة ) ، حيث يوظف العنف ووسائل الضغط الأخرى بطريقة خفية للتأثير على النخب السياسية والاقتصادية والإجتماعية وحتى الدينية ، لضمان تحقيق مصالح معينة ضمن الإطار الديمقراطي (ظاهريا) لبعض القوى السياسية .
ويرى البعض أن (الدولة العميقة ) ليست تحالفاً ، بل هي مجموعات تعمل ضد بعضها البعض خلف الكواليس ، كل منها يسعى لتنفيذ الأجندة الخاصة به .

وللدولة العميقة وجهان . . .
أحدهما معلن وظاهر يتمثل في رجالها الذين يتبوأون مواقع متقدمة في مؤسسات الدولة والجيش والبرلمان والنقابات ومؤسسات الإعلام ونجوم الفن والرياضة .
أما الوجه الآخر ….. فهو خفي غير معلن يتولى تحريك الأطراف المعنية في مؤسسات الدولة لتنفيذ المخططات المرسومة بأيادي خفية تظهر وتختفي حسب الحاجة .
ومن الجدير بالذكر ان (الدولة العميقة ) في العراق هي خليط عجيب من الاطياف المختلفة دينياً وعرقياً واقتصادياً وثقافياً ، فهم سياسيون ونواب ووزراء يعملون ومتواجدون في تشكيلة الحكومة ، ويديرون الدولة ويحركون مفاصلها لعرقلة سير الحكومة ، وإفشال خططها لإنقاذ العراق من وضعه المتردي ، فهناك منهم رؤساء كتل سياسية وزعماء احزاب ورجال تيارات دينية وقادة مليشيات ومجاميع عسكرية ، فكل حزب بما لديهم فرحون .
والحقيقة أن هذه الجماعات ليس لها أي انتماء لوطن او دين او معتقد . فنراهم حولوا الوزارات الى (عوائل ) وقسموا الثروة على (الاحزاب ) ، وتقاسموا الشعب وجعلوه (طرائق) ، ووزرعوا القنابل الموقوتة في جسد الوطن ومكوناته ، بحقدهم وغبائهم السياسي الممنهج .

و (الدولة العميقة) مثلها مثل بعض القوى المعارضة ، حيث يعمل القائمون عليها على نشر الدعاية السلبية لإثارة الخوف العام بالمجتمع ، وزعزعة استقرار البلاد .
وقد تكاثرت شكوى من هم على راس الحكومة من ان الدولة العميقة تعيق العمل في كل المفاصل ، وتنقض القرارات ، وتعطل البعض وتحرّف الذي يصدر من الحكومة ، او البرلمان عن موضعه ، فكل ذلك انهك الدولة العراقية ووضعها على حافة الانهيار ، وأي متابع او محلل يرى ان من الصعب إصلاح الحال بعد هذا الوضع المتردي للدولة الذي تعيشه بيومياتها مع هؤلاء القادة ، وبفضلهم (عافاهم الله ) أحتل العراق اول المراتب بين دول العالم في انتشار الارهاب والفساد (المالي والإداري ) ، وآخر المراتب في (الشفافية والنزاهة) وعلى كل الاصعدة .
ومما يزيد الوضع سوءاً ويجعله معقداً هو ان تلك (المجاميع العميقة) التي تتبنى أجندات (خارجية) ، ولديها ارتباطات عميقة بدول الجوار ، يجعلها محمية ومدعومة ماليا ومعنوياً وحتى دولياً .

والسؤال يبقى . . . .
هل ستنجح الدولة العميقة بالعراق الجديد بإسقاط الحكومة ورئيسها ، وتحويل الوطن الى كانتونات متقاتلة يتحكّم به أمراء المال والسلاح في دولة سعت الصهيونية العالمية لترسيخها في المجتمعات الإسلامية والعربية ؟؟؟
الايام القادمة ستُجيب عن هذا السؤال .

والله من وراء القصد